الجزائر تشتري عضوية بريكس باستثمارات صينية كبرى

الجزائر- تقدم الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بعرض للمساهمة في بنك بريكس بمبلغ 1.5 مليار دولار، مقابل قبول عضوية بلاده في المجموعة، ولكن بالتزامن مع مشاريع استثمارية صينية في الجزائر تبلغ قيمتها 36 مليار دولار.
يأتي هذا فيما يقول مراقبون إن 1.5 مليار دولار حركة رمزية لمخاطبة الدول الأعضاء في بريكس، لكن الرئيس الجزائري يكون قد اشترى عضوية بريكس بزيادة الاستثمارات الصينية الكبرى في بلاده التي أحيطت بالفساد المحلي على امتداد عدة سنوات، ودفعت إلى محاكمات أدين خلالها عدد من كبار المسؤولين السابقين في النظام الجزائري.
ويقول مراقبون إن عرض المساهمة في بنك بريكس، الذي يبلغ رأسماله نحو 50 مليار دولار، يفترض أن يجعل الجزائر شريكا في بعض تمويلات البنك، إلا أن حجم المساهمة الضئيل نسبيا، وحجم الاستثمارات الصينية الكبير نسبيا، يوحيان بأن الجزائر تريد فقط أن تحصل على موطئ قدم في مشاريع البنك، وأن الهدف هو استرضاء الصين.
◙ العائق الرئيسي أمام عضوية الجزائر في بريكس هو أن اقتصادها الذي يعتمد على النفط والغاز يجعلها أقل تأثيرا
وسعى الرئيس تبون خلال زيارته إلى بكين لإعادة جدولة الشركات الصينية المعنية بتنفيذ المشاريع في الجزائر، وتمت مناقشة القائمة مع السفير الصيني لدى الجزائر لي جيان، وسط مساع جزائرية لتحييد هذه الشركات عن منظومة الفساد المحلية بالرغم من صعوبة المهمة.
وبحسب موقع “أفريكان أنتليجنس” فإن من بين تلك الشركات شركة هندسة البناء الحكومية الصينية التي من خلال فرعها في الجزائر لا تزال تأمل في الفوز بعقد بناء ميناء الحمدانية العملاق في شرشال، وهو أحد المشاريع الرئيسية التي نوقِشَت خلال زيارة تبون إلى بكين، بعد أن تعرقل سابقا بسبب الفساد والبيروقراطية.
وكانت هذه الشركة حصلت في العام 2016 على عقد بناء ميناء بقيمة 3 مليارات دولار تقريباً من قبل حكومة رئيس الوزراء آنذاك عبدالمالك سلال، لكن بعد أربع سنوات، ومع فشل العمل وسط شبهات بالفساد، ألغت إدارة تبون العقد. ومنذ ذلك الحين، أدانت المحاكم سلال عدة مرات، وسُجِنَ بتهم الفساد وغسيل الأموال والجرائم بموجب تشريع عقود القطاع العام.
وفازت الشركة بعقود للقطاع العام بقيمة عدة مليارات من الدولارات في الجزائر، وضمن ذلك بناء صالات المطار والمسجد الكبير بالجزائر العاصمة، علاوة على طرق وفنادق وإستاد وحُرُم جامعية ومبانٍ رسمية. وكان من بين شركائها المحليين مجموعة حداد، المملوكة للرئيس السابق للهيئة الوطنية لأصحاب العمل علي حداد، الذي أُدينَ بالفساد والاختلاس، من بين تهمٍ أخرى، وحُكِمَ عليه بالسجن.
وتحاشيا لإثارة المزيد من الشبهات، حرص المسؤولون الجزائريون على تجنب القيام بمفاوضات مباشرة جديدة مع مجموعة هواوي الصينية التي تعمل مع مشغلي الاتصالات والوزارات والجهات الفاعلة في القطاع العام مثل شركة النفط سوناطراك، لأن العقود القائمة والمقترحة ما تزال تثار من حولها التساؤلات.
وتحتل هواوي موقعا مركزيا في عقود التكنولوجيا الحديثة، الأمر الذي دفع فيليب وانغ، نائب الرئيس التنفيذي لشركة هواوي بشمال أفريقيا، إلى الإعراب عن مشاعر الثقة بأن شركته سوف تحقق نتائج متقدمة من عملياتها في الجزائر، وأنه لا يوجد ما يبرر استياء إيسون يي رئيس شركة هواوي للاتصالات في الجزائر إذا لم يتمكن من التفاوض مع المسؤولين المحليين، لأن الاستثمارات أصبحت تتم إدارتها من بكين، وأن الشركة سوف تحصل على كافة التسهيلات لمتابعة أعمالها.
وقادت زيارة الرئيس تبون إلى اتفاقات مع الصين تستثمر بموجبها 36 مليار دولار في عدة قطاعات بالجزائر. ثم تحول السبت إلى أنقرة للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولم ترشح عن اللقاء نتائج واضحة إلى حد إغلاق الصحيفة.
ويقول مراقبون إن أهم ما يغري الصين في المضي قدما بتنفيذ استثماراتها في الجزائر أنها بلد من دون ديون خارجية، وتمتلك احتياطيا جيدا من العملة الصعبة يفوق الـ44 مليار دولار، وهي ثالث دولة من حيث احتياطي الذهب بـ173 طنا. ما يوفر ضمانات كافية لتسديد أعباء القروض الناجمة عن تلك الاستثمارات.
ويضم تكتل بريكس خمس دول (روسيا، الصين، الهند، البرازيل، جنوب أفريقيا)، تشكل 23 في المئة من الاقتصاد العالمي، و18 في المئة من تجارة السلع، و25 في المئة من الاستثمار الأجنبي. ولكنه تكتل سياسي بالدرجة الأولى لقوى تعارض الهيمنة الغربية على الاقتصاد العالمي، وتسعى إلى “خلق توازنات عالمية جديدة“.
ويتمثل العائق الرئيسي أمام عضوية الجزائر في المجموعة في أن اقتصادها الذي يعتمد على النفط والغاز يجعلها أقل تأثيرا على تلك التوازنات، وذلك على الرغم من أن الدوافع السياسية والأيديولوجية المعادية للغرب كافية لتأهيلها لعضوية المجموعة. ولكن الإمكانات المادية للجزائر هي التي تبرر تكبيلها سلفا بالاستثمارات وأعبائها من قبل أن يتم قبول عضويتها في المجموعة.
وكشف الرئيس الجزائري أن بلاده تقدمت بطلب رسمي للانضمام إلى بريكس، وأنها ستساهم في مرحلة أولى بمليار ونصف مليار دولار لدخول بنك بريكس.
وقال تبون، في مقابلة مع قناة “سي سي تي في” الصينية، نشرت الصحافة الجزائرية بعض مقتطفاتها الجمعة، “العالم أصبحت فيه تكتلات، وأصبح لدى العالم كله ثقة كبيرة بسياسة الصين لأن السياسة ليست لديها خلفيات. انضمام الجزائر إلى بريكس يفتح لها آفاقا اقتصادية جديدة“.
وتابع “نحن مع الصين منذ سنوات نناضل من أجل عالم أفضل. وتكون فيه أفضل عدالة بالأخص مساعدة الدول الفقيرة. نحن نناضل من أجل عالم متعدد الأقطاب“.
وأضاف “عالم بريكس يساعدنا أكثر، وطلبنا رسميا الانضمام إلى بريكس وبنك بريكس. كما راسلنا المديرة رئيسة البرازيل السابقة أن نكون أعضاء مساهمين في بنك بريكس، والمساهمة الأولى للجزائر ستكون بمليار ونصف مليار دولار“.