وزير الدفاع الإسرائيلي يدعو لوقف التعديلات القضائية غداة عصيان جيش الاحتياط

الجيش الإسرائيلي يدرس رسالة اعتراض من جنود الاحتياط على خطط "الإصلاح النظام القضائي" فيما اتهمت المعارضة حكومة بنيامين نتنياهو بجر البلاد إلى الحرب الأهلية.
السبت 2023/07/22
مساع لتحقيق إجماع بشأن الإصلاح القضائي

القدس – دعا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، مساء الجمعة، إلى وقف التعديلات القضائية بعد تسجيل موجة استقالات في قوات الاحتياط رفضا لهذه الخطوة، في حين اتهمت المعارضة حكومة بنيامين نتنياهو بجر البلاد إلى الحرب الأهلية.

وحسب القناة الـ12 الإسرائيلية دعا غالانت إلى وقف التعديلات القضائية التي تسعى حكومة نتنياهو لتمريرها في الكنيست خلال الأيام المقبلة، قائلا إن الوضع مقلق بعد الاستقالات التي قدمها أو لوح بتقديمها المئات من أفرد قوات الاحتياط، خاصة في سلاح الجو.

ودعا الوزير الإسرائيلي إلى تعليق مسار تمرير التشريعات، خاصة مشروع قانون "حجة المعقولية"، الذي يستعد الكنيست لتمريره بالقراءتين الثانية والثالثة خلال الأيام الثلاثة المقبلة، كما دعا لتمديد الدورة الحالية للكنيست وإدخال تعديلات على النص النهائي الذي أقرته الخميس لجنة القانون والدستور بالكنيست.

وقال غالانت في بيان إنه "يعمل بشتى السبل لتحقيق توافق واسع والحيلولة دون الإضرار بأمن إسرائيل وإبقاء الجيش الإسرائيلي خارج النزاع السياسي".

وتأتي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بعد ساعات من إبلاغ 1104 جنديا احتياطيا في سلاح الجو الإسرائيلي في رسالة موجهة لقيادة سلاح الجو الاسرائيلي عن تعليق نشاطهم التطوعي بسبب مضي الحكومة الإسرائيلية في خطة التغييرات القضائية.

وقالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية إن بين هؤلاء نحو 500 من الطيارين الاحتياطيين، وتحدثت عن ساعات حرجة في انتظار سلاح الجو الإسرائيلي، مشيرة إلى أن الطيارين يستعدون لتقديم خطابات شخصية لقادة الأسراب.

وقبل ذلك، أعلن 161 طيارا وتقنيا بسلاح الجو وقف نشاطهم التطوعي للسبب نفسه.

وقال الموقعون على عريضة بهذا الشأن إنهم لا يستطيعون تنفيذ المهام الموكلة إليهم في ظل نظام حكم يتم فيه انتهاك أسس الديمقراطية وتزداد فيه الفجوة التي ستقود الدولة إلى أن تكون دولة دكتاتورية.

وقال الجيش الإسرائيلي الجمعة إنه يدرس تأثير الرسالة التي أرسلتها قوات الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي وهددت فيها بالامتناع عن التطوع للخدمة العسكرية إذا مضت الحكومة قدما في التعديل القضائي المزمع.

وقال المتحدث باسم الجيش دانيال حجاري إن الجيش يمعن النظر في التفاصيل الواردة في الرسالة التي قال إنها حملت توقيع أكثر من 1100 من جنود الاحتياط "وبناء عليه، سيدرس (الجيش) الآثار المترتبة عليها".

مسيرة معارضة للتعديلات القضائية
معارضو التعديلات القضائية يستأنفون مسيرتهم نحو القدس

والرسالة، التي نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية دون ذكر أسماء الموقعين عليها، هي أحدث علامة على معارضة الجيش للتعديلات القضائية التي يدفع بها الائتلاف الديني القومي بزعامة  نتنياهو.

من جهته، قد قال ألون بن دافيد المراسل العسكري للقناة الـ13 الإسرائيلية إن معنى هذا أن سلاح الجو الإسرائيلي لم يعد قادرا على خوض أي حرب في الوقت الراهن.

وبحسب عسكريين سابقين في سلاح الجو الإسرائيلي، فإن جنود الاحتياط الذين يتطوعون بعد إكمال خدمتهم العسكرية الإلزامية يمثلون نحو نصف أطقم طائرات المهمات القتالية.

في غضون ذلك، أعلن وزراء في حكومة بنيامين نتنياهو رفضهم ما سموها تهديدات العسكريين، مؤكدين على ضرورة إقرار التعديلات القضائية المقترحة.

وفي تغريدة على تويتر اليوم، قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ردا على رسالة جنود الاحتياط إن "رفض الخدمة (العسكرية) خطير على البلاد".

كما قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إن الحكومة لا يمكنها وقف التعديلات القضائية، مضيفا أن "الدولة التي تستسلم لتهديدات الجنرالات ستكون في الواقع دولة يحكمها مجلس عسكري، وهو أبعد ما يكون عن الديمقراطية".

أما وزير الخارجية إيلي كوهين فقال إن التهديد بوقف الخدمة العسكرية للضغط على الحكومة يضر بالديمقراطية والأمن، بحسب تعبيره.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد قال الخميس إن الحكومة لن تقبل العصيان وستتصدى له، مضيفا أن "الجيش يَخضع للحكومة ولا يُخضعها"، حسب تعبيره.

وأبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي استعداده للتفاوض مع المعارضة لكن معسكره بدا مصمما على سن التشريع الذي يفترض أن يحد من سلطة المحكمة العليا في ما يتعلق بالرقابة على الحكومة.

ويتوقع أن يجري الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي، الأحد والاثنين المقبلين، تصويتا نهائيا على التعديلات القضائية، وكانت لجنة برلمانية إسرائيلية وافقت الخميس على الحد من بند "المعقولية" الذي يسمح للقضاء بإلغاء قرارات الحكومة.

وقبل التصويت النهائي المرتقب، هاجم زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو واتهمه بأنه يكذب ويقود الدولة والجيش نحو التفكك، وأن ما وصفها بحكومته المتطرفة هي المسؤولة عن الشرخ المجتمعي والمساس بأمن إسرائيل.

كما اتهم حزب "المعسكر الرسمي" المعارض برئاسة وزير الدفاع الإسرائيلي السابق بيني غانتس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأنه يقود البلاد إلى حرب أهلية.

وخرج آلاف المحتجين على التعديلات القضائية التي يسعى إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي في مسيرة إلى القدس اليوم السبت مع تصاعد الضغوط على الحكومة اليمينية لإلغاء مشروع قانون من شأنه تقليص سلطات المحكمة العليا.

وسار المحتجون في طابور امتد كيلومترات على الطريق الرئيسي المؤدي إلى القدس تحت شمس صيفية حارقة حاملين الأعلام الإسرائيلية ذات اللونين الأزرق والأبيض وسط أصوات قرع الطبول وهتافات وشعارات مناهضة للحكومة.

والمسيرات مستمرة منذ أيام، مع تخييم المحتجين طوال الليل، وغالبا ما يقابلهم السكان المحليون ليقدموا لهم الطعام والشراب.

ويعتزم المحتجون التجمع أمام البرلمان قبل بدء نقاش غدا الأحد يليه التصويت على مشروع القانون، والذي من شأنه أن يحد من صلاحيات المحكمة العليا فيما يتعلق بإبطال ما تعتبره قرارات حكومية أو وزارية "غير معقولة".

وردا على سؤال حول ما إذا كانت تعتقد أن المتظاهرين سينجحون في منع التصويت، قالت زعيمة الاحتجاجات شيكما برسلر إنها لا تدري.

وتابعت "لكن التصويت ليس الخطوة الأخيرة... ولذا نحاول حشد القوى... في هذا البلد يشكل اختيار الصواب من الخطأ اختيارا للنور من الظلام".

ويقول المؤيدون إن مشروع القانون يهدف إلى تسهيل الحوكمة الفعالة مع احتفاظ المحاكم بسلطة رقابة قضائية واسعة. ويقول المعارضون إن التعديلات تسير بسرعة كبيرة عبر البرلمان وستفتح الباب أمام الفساد وحالات سوء استغلال السلطة.

وتشير استطلاعات الرأي إلى مخاوف واسعة النطاق بين الإسرائيليين، إذ أثرت التعديلات المزمعة على الاقتصاد وأثارت قلق الحليفة المهمة واشنطن حتى أنها حثت نتنياهو -الذي يحاكم بتهم فساد ينفيها- على السعي للوصول إلى توافق بشأن التعديلات القضائية.

وأثارت خطة نتنياهو "ٌلإصلاح القضاء" احتجاجات غير مسبوقة وكشفت عمق الانقسام في المجتمع الإسرائيلي.