جولة أردوغان الخليجية ترفع العلاقات من التطبيع إلى الشراكة الإستراتيجية

أبوظبي - أجمع خبراء عرب على أن جولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي شملت 3 دول خليجية وانتهت الأربعاء، نجحت في رفع العلاقات المشتركة من مستوى التطبيع إلى الشراكة الإستراتيجية.
وأكد الخبراء أن لقاءات الرئيس أردوغان في السعودية وقطر والإمارات والاتفاقيات التي تم توقيعها أدت إلى وضع العلاقات في المسار الصحيح، بما يخدم الأطراف المعنية والمحيط الإقليمي.
وبين الإثنين والأربعاء زار الرئيس أردوغان السعودية وقطر والإمارات، في أول جولة خارجية له منذ إعادة انتخابه في مايو الماضي لفترة رئاسية جديدة تستمر 5 سنوات.
وخلال الجولة عُقدت منتديات أعمال بين تركيا وكل من السعودية وقطر والإمارات، خلصت إلى توقيع اتفاقيات في مجالات متنوعة، لاسيما الاقتصاد والصناعات الدفاعية والطاقة.
وقال أستاذ العلاقات الدولية في مركز ابن خلدون بجامعة قطر علي باكير إن “الزيارة كانت إيجابية ومهمة جدا على أكثر من صعيد، خاصة أنها تأتي بعد مرحلة تطبيع العلاقات في العامين الماضيين”.
وأضاف “نتائج الزيارة تشي بأننا انتقلنا فعلا من مرحلة التطبيع إلى مرحلة الشراكة الإستراتيجية بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي، ولاسيما السعودية والإمارات، على اعتبار أن لتركيا تحالفا إستراتيجيا قائما بالفعل مع قطر”.
وبالنسبة إلى المرحلة المقبلة، رأى باكير أنها “يجب أن تتضمن زيارات رفيعة أيضا بين تركيا وكل من الكويت وسلطنة عمان والبحرين، للاستفادة من المنافع المشتركة والمصالح المتبادلة بين دول مجلس التعاون وتركيا بأقصى حد ممكن”.
وأُسس مجلس التعاون لدول الخليج العربية في 25 مايو 1981، ويقع مقره في الرياض ويضم 6 دول هي: السعودية والإمارات وقطر والكويت وسلطنة عمان والبحرين.
وأكد باكير أن “اتفاقيات جولة الرئيس أردوغان تعكس أهمية تلك الزيارات، فلدينا اتفاقيات على المستوى الاقتصادي والاستثماري، بالإضافة إلى اتفاقيات بارزة على مستوى الصناعات الدفاعية وأخرى في مجال الطاقة”.
وبخصوص اتفاقيات الصناعات الدفاعية، قال إن “الأبرز فيها هو الاتفاق الذي وقَّع بين تركيا والسعودية، فهو الأكبر في تاريخ الصناعات الدفاعية التركية في قطاع المسيّرات”.
وأردف “بحسب معلومات أولوية، هناك اتفاق يتعلق بالتعاون الدفاعي، وآخر يشمل الاستحواذ على المسيّرات عبر شراكة دفاعية بين الطرفين. وهذه الاتفاقيات طويلة المدى وستحتاج إلى الكثير من الوقت والاستثمار وتضع تركيا ودول المجلس على الطريق الصحيح للشراكة الإستراتيجية”.
وبشأن مستقبل الشراكة التركية – الخليجية رجح باكير أنه “سيتم اختبارها من خلال ملفات إقليمية ودولية، والتركيز الحالي على الاقتصاد والاستثمار سيكون عنصرا إيجابيا للدفع بهذه الشراكة الإستراتيجية قدما في المرحلة المقبلة”.
ومقيَّما محصلة جولة الرئيس أردوغان الخليجية، قال مدير مركز بيان للدراسات الباحث نزار كريكش إن “لها دلالتها كمقاربة لمد جسور مع دول الخليج وأهمية خاصة في سياق بناء نظام إقليمي له ثوابت في العلاقة بين الدول العربية وتركيا وكذلك إيران”.
وأضاف كريكش أنه “لا يمكن اعتبار التعاون في المجال العسكري والدفاعي مجرد تعاون اقتصادي، فهو إستراتيجي يهدف إلى بناء شراكات طويلة الأمد؛ لأنه جزء من الأمن الإستراتيجي للمنطقة”.
و”هذا التعاون إذا تطور إلى بناء رؤى وقيم مشتركة قد يؤدي إلى وضع ثوابت تنظم سلوك الدول المختلفة، مما يسهم في توحيد الجهود تجاه الأزمات التي تعانيها المنطقة”.
واستطرد “إذا استطاعت تركيا بناء إستراتيجية واضحة لشبكة العلاقات في المنطقة وكانت لها رؤية للنظام الإقليمي الغائب، فستكون هذه نقلة نوعية حقيقية لها ما بعدها”.
أما الكاتب حسان التميمي فقال إن “زيارة الرئيس أردوغان إلى دول الخليج علامة بارزة في الدبلوماسية الإقليمية، وتعكس مساعي تعميق الارتباط بين تركيا ودول الخليج”.
واعتبر أنه “يمكن قراءة الزيارة من جوانب عدة، ولاسيما أنها أظهرت تقاربا في المواقف السياسية بشأن القضايا الإقليمية، وتأكيدا للمصالح المشتركة في مجالات مثل الاستقرار الإقليمي وجهود مكافحة الإرهاب وحل النزاعات، وفي المحصلة رسمت مشهد مواءمة للأهداف الإستراتيجية”.
و”يمكن القول إن الزيارة تشير إلى تطور العلاقة من التطبيع إلى الشراكة الإستراتيجية المحتملة، وسيكون استمرار المشاركة وتعميق التعاون الدفاعي والتصدي للتحديات أمرا بالغ الأهمية في تشكيل الآفاق المستقبلية للعلاقة”، بحسب التميمي.
وأفاد بوجود “إمكانية لإقامة شراكة أوثق وأكثر شمولا بين تركيا ودول الخليج، مع وجود العديد من الديناميكيات التي ستشكل مسارها، وأهمها استمرار المشاركة وتعميق التعاون الدفاعي ومواجهة التحديات”.
ومشيدا بـ”الزخم الإيجابي” الذي تحقق خلال الجولة الخليجية، قال التميمي إن “الحوارات الدبلوماسية والزيارات المتبادلة المنتظمة ستكون حاسمة في الحفاظ على هذا الزخم”.
وتابع "وستعزز المشاركة المستمرة الثقة والتفاهم وتنفيذ المبادرات المشتركة، إضافة إلى توسيع التعاون العسكري والدفاعي، وتوجد فرصة لمشاريع البحث والتطوير المشتركة ونقل التكنولوجيا والتصنيع الدفاعي المشترك”.
وختم التميمي بأن “تعميق العلاقات في هذا المجال يمكن أن يعزز الأمن الإقليمي والتعاون في مواجهة التهديدات المشتركة، ولترسيخ الشراكة الإستراتيجية يجب على تركيا ودول الخليج مواجهة التحديات المحتملة، بما يشمل إدارة المصالح الإقليمية المتباينة ومعالجة الخلافات السياسية القائمة وضمان التواصل الفعال لتجنب أي سوء تفاهم محتمل”.