الحكومة الكويتية تواجه تحديات قديمة ومألوفة تعيق الإصلاحات

الكويت - تواجه حكومة الكويت الجديدة والخامسة خلال عام، التي تم الإعلان عن تشكيلها في منتصف يونيو الماضي برئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد، تحديات قديمة ومألوفة قد تعيق الإصلاحات.
وجوبه برنامج الحكومة بانتقادات من قبل أعضاء بارزين في مجلس الأمة (البرلمان) خلال أول أيام مناقشته الثلاثاء، ما قد يزيد الضغوط على الحكومة الفتية التي تسعى إلى تنقية الأجواء مع مجلس الأمة بما يسمح بمعالجة عدة ملفات عاجلة عجزت الحكومات السابقة عن حلّها.
ووجه أعضاء بارزون في مجلس الأمة الثلاثاء انتقادات حادة لبرنامج عمل الحكومة، الذي يتضمن اقتراحا بإقرار قانون الدين العام الذي طال انتظاره، في إشارة مبكرة إلى أن الحكومة الجديدة قد تواجه تحديات.
وقالت الحكومة في برنامج عملها الذي ناقشته في البرلمان إنها تريد إقرار قانون الدين العام والإطار المنظم له، مع ربطه بمشاريع ذات قيمة اقتصادية مضافة، خلال العام الأول من الخطة الممتدة من 2023 إلى 2027.
ويجب أن يحظى أي مشروع قانون، حتى يصبح تشريعا نافذا، بموافقة البرلمان الذي يهيمن عليه النواب المعارضون الذين اعترضوا على مشروعات مماثلة على مدى سنوات.
وأدى الخلاف الدائم بين الحكومات والبرلمانات المتعاقبة في الكويت طوال السنوات الماضية إلى إعاقة الإصلاحات الاقتصادية، بما في ذلك عرقلة قانون الدين العام الذي يسمح للكويت في حال إقراره بالاستفادة من أسواق الدين الدولية والتحوط لمخاطر الاعتماد الكبير للميزانية العامة للبلاد على النفط.
وأعرب عدد كبير من النواب عن انتقادهم لقانون الدين العام، معتبرين أنه يكبل الدولة بالديون رغم امتلاكها ثروة نفطية هائلة وامتلاكها أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، طبقا لما أوردته شبكة الدستور التابعة لمجلس الأمة.
وقال النائب عبدالله المضف إن موضوع الدين العام لا يصلح كوسيلة لمعالجة ميزانية مرهقة، لأنه سيزيد من أعبائها، متسائلا عن نسبة أرباح البنوك وكيفية السداد.
وأما النائب هاني شمس فأكد أن الدولة ليست بحاجة إلى الدين العام لأن لديها ملاءة مالية كافية في الصناديق السيادية.
وأبدى النائب أسامة الشاهين تحفظات على قانون الدين العام، مشيرا إلى رفضه تكبيل الدولة بمديونيات مع وجود بديل شرعي وهو قانون الصكوك الحكومية الإسلامية.
وستحتاج الحكومة إلى موافقة البرلمان لإقرار قوانين أخرى مهمة أوردتها في برنامج عملها، مثل وضع إطار عام للضريبة على الشركات وعلاج نظام التأمين التقاعدي وتحسين أداء مؤسسة التأمينات الاجتماعية وتدشين المنطقة الاقتصادية الشمالية.
ويتلخص برنامج عمل الحكومة للسنوات من 2023 إلى 2027 في خمسة محاور رئيسية.
وحدد البرنامج أبرز أولوياته، وهي مواجهة التحديات الاقتصادية والعمل على بناء اقتصاد مستدام وتنمية رأس المال البشري وتحسين جودة المعيشة، والاهتمام بربات البيت الكويتيات، إضافة إلى إصدار الإطار العام الموحد للخدمات الإلكترونية الحكومية المقدمة، وطرحها فى منصات متكاملة لتوفير خدمة شاملة، وإنشاء جهاز فني خاص بالتحول الرقمي في الحكومة، فضلا عن إطلاق برنامج محكم عالميا، لتسجيل وفحص براءات الاختراع وحماية حقوق المبادرين.
كما يتضمن مشروعين لتأهيل المواطنين للعمل في القطاع الخاص، وتدشين إطار وطني للتكويت، يتضمن آلية لرفع نسب العمالة الوطنية في مختلف المجالات الوظيفية في القطاع الخاص، وتدشين المنظومة الشاملة لتصنيف المهن ووضع المعايير الوظيفية في القطاع الخاص.
ويهدف برنامج عمل الحكومة إلى تنفيذ العديد من الإصلاحات، كالتأكيد على نزاهة العملية الانتخابية من خلال إنشاء مفوضية مستقلة للانتخابات، وغيرها من المشاريع المهمة.
وتهتم الحكومة الجديدة أيضا بتطوير الاعتماد على الطاقة المتجددة كحل أمثل لأزمة الطاقة المتوقع أن تواجهها البلاد خلال السنوات المقبلة أولوية ضمن برنامج عمل الحكومة، وهو ما يعكسه النص على وجود برنامج لتطوير وتعزيز قطاع الطاقة المتجددة ضمن القطاعات ذات الأولوية على صعيد محور الأجندة الاقتصادية.
وانتقد النائب فهد بن جامع، برنامج عمل الحكومة، قائلا “بعد قراءتي لبرنامج عمل الحكومة جيدا، فإنه لا يرقى إلى تلبية وتطلعات الشعب الكويتي، وسوف تكون لنا وقفة جادة في قاعة عبدالله السالم”.
وأما النائب حمد العليان، فأكد أن استقالة وزيرين بعد أقل من شهر على تشكيل الحكومة وقبل مناقشة برنامج عملها، وفي ظل تعاون المجلس، تلقي على مجلس الوزراء المسؤولية عن حالة الشلل وعدم الاستقرار التي تفاءل الناس بقرب انتهائها، مضيفا “ما لم يضع رئيس الوزراء وحكومته حدا لحالة التوهان هذه فإن رحيلهم يصبح استحقاقا وطنيا”.
وقد أكدت الحركة التقدمية الكويتية أن برنامج عمل الحكومة تجاهل مشكلات أساسية يعاني منها غالبية المواطنين والسكان مثل التضخم والغلاء وارتفاع الأسعار والإيجارات.
وأوضحت الحركة في بيان صحفي أنها حين تبدي رأيها حول برنامج عمل الحكومة، فإنها تنطلق من كونها حزبا سياسيا معارضا يمثّل مصالح العمال والموظفين الصغار والمتقاعدين والفئات الشعبية المهمشة والطبقة الوسطى، الذين يشكلون الغالبية الساحقة من المواطنين والسكان.
وشددت على أن برنامج عمل الحكومة يفترض أن يمثل ملخصا لنهجها وتوجهاتها وسياساتها والبرامج التي تسعى لتنفيذها، وهو الأساس الذي تنال استنادا عليه ثقة البرلمان في ظل النظم البرلمانية مكتملة الأركان، ولكنه في الكويت للأسف يبقى مجرد متطلب دستوري شكلي وليس لمجلس الأمة حقّ في منح الثقة للحكومة أو حجبها عنها بناء على هذا البرنامج، وإنما أقصى ما يمكن فعله تجاه برنامج عمل الحكومة هو إبداء الملاحظات حوله.