أردوغان يختتم جولته الخليجيّة بزيارة الإمارات لإنقاذ اقتصاد تركيا المنهار

الرئيس التركي يتطلع في أبوظبي إلى إبرام اتفاقيات وعدة شراكات في المجالين الدفاعي والأمني، إضافة إلى تسهيل دخول المنتجات التركية والإماراتية إلى أسواق البلدين.
الأربعاء 2023/07/19
أردوغان في آخر محطة خليجية لجذب الاستثمارات والتمويل

أوظبي - بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة إلى الإمارات، المحطة الأخيرة في جولة خليجية سعى خلالها إلى جذب الاستثمارات والتمويل لبلاده التي تواجه صعوبات اقتصادية جمة، وفق ما أفادت الأربعاء وكالة أنباء الإمارات "وام".

وشملت الجولة التي تستمرّ ثلاثة أيام السعودية وقطر حيث تمّ توقيع اتفاقيات لإنعاش اقتصاد تركيا الذي يئن تحت وطأة انهيار قيمة الليرة وعجز كبير على عدة أصعدة وزيادة حادة في التضخم أصبحت مشكلة مزمنة.

كما وافقت السعودية الثلاثاء على شراء طائرات مسيرة تركية في أكبر عقد دفاعي في تاريخ تركيا.

وقالت الوكالة إن أردوغان وصل إلى الإمارات "في زيارة رسمية إلى الدولة ... ترافقه (زوجته) السيدة أمينة أردوغان".

ووصل الرئيس التركي إلى الإمارات آتيًا من قطر حيث التقى أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وأكد الجانبان خلال محادثات بينهما "على الرغبة القوية لدى البلدين بتعميق التعاون الثنائي بينهما من خلال تعزيز التبادل التجاري والعلاقات الاقتصادية"، وفق ما أفادت وكالة الأنباء القطرية.

ويرافق الرئيس التركي إلى جانب زوجته، وزراء الخارجية هاكان فيدان، والطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بيرقدار، والخزانة والمالية محمد شيمشك، والدفاع يشار غولر، والصناعة والتكنولوجيا محمد فاتح كاجر، والتجارة عمر بولاط، إضافة إلى رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم قالن ورئيس دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية فخر الدين ألطون، وغيرهم من المسؤولين.

وهذه الزيارة الثانية لأردوغان إلى الإمارات منذ عودة الدفء إلى العلاقات بين البلدين أواخر عام 2021 بعدما شهدت فترات توتر عديدة في العقد الماضي.

وعلى مدى العامين المنصرمين سعى الرئيس التركي إلى إصلاح العلاقات الدبلوماسية مع الرياض وأبوظبي بسبب دعم أنقرة لفصائل سياسية.

فقد دعمت الإمارات وتركيا طرفين متنازعين في الحرب في ليبيا، واختلفتا حيال مسألة التنقيب عن الغاز في البحر المتوسط. وقدّمت تركيا الدعم كذلك لأعضاء في جماعات إسلامية بينها "الاخوان المسلمين" المصنّفة تنظيما "إرهابيًا" في الإمارات والخليج.

وتوترت العلاقات أيضا بسبب المقاطعة التي فرضتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر، أقرب حلفاء أنقرة، واستمرت من منتصف عام 2017 حتى أوائل 2021. كما تفاقم التوتر مع دول الخليج وخصوصا مع السعودية على خلفية قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول عام 2018.

لكنّ العلاقات عادت للتحسن مع زيارة قام بها الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في نوفمبر 2021 حين كان يتولى منصب ولي عهد أبوظبي إلى تركيا، تلتها زيارة قام بها أردوغان إلى الإمارات في فبراير 2022.

والشهر الماضي، التقى رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نظيره التركي في اسطنبول بعد وقت قصير من إعادة انتخاب أردوغان رئيسا لولاية ثالثة بعد دورة انتخابية ثانية في مايو.

وقالت أنقرة في يونيو الماضي، إن نائب الرئيس التركي جودت يلماز ووزير المالية محمد شيمشك زارا الإمارات لمناقشة "فرص التعاون الاقتصادي" مع نظيريهما والتقيا كذلك برئيس البلاد الشيخ محمد بن زايد.

ويغلف زيارة الرئيس التركي عنوان الشراكة الاقتصادية، حيث يتطلع أردوغان لتوقيع اتفاقيات مع الإمارات في مختلف المجالات من شأنها أن توفر 25 ألف وظيفة في دولة الإمارات، و100 ألف وظيفة في تركيا.

ويتوقع مراقبون أن يرتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين من 19 مليار دولار إلى 40 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، ما يمثل زيادة بنسبة 45 بالمئة في حجم التبادلات السابقة بين البلدين.

ومن المتوقع كذلك أن تشمل الاتفاقيات إبرام عدة شراكات في المجالين الدفاعي والأمني، إضافة إلى تسهيل دخول المنتجات التركية والإماراتية إلى أسواق البلدين، وهو ما من شأنه فتح مجالات تجارية أوسع على الصعيد العالمي لكلا البلدين.

ويتخطى التعاون الإماراتي التركي الشراكات الاقتصادية، ويشمل مجالات أوسع، وكان أبرز مثال على ذلك الموقف الإماراتي المساند والداعم لتركيا خلال كارثة الزلزال الأخيرة، حيث قدمت الإمارات مساعدات ميدانية في عمليات الإنقاذ ودشنت جسوراً جوية للمساعدات الإنسانية لإغاثة المتضررين.

وساعدت الاستثمارات والتمويل من الخليج في تخفيف الضغط عن الاقتصاد والاحتياطيات النقدية في تركيا منذ عام 2021، عندما أطلقت أنقرة حملة دبلوماسية لإصلاح العلاقات مع السعودية والإمارات.

ومع تحسن العلاقات، عادت أنشطة الأعمال بين الجانبين. ووافقت أبو ظبي العام الماضي على اتفاق تبادل بما يوازي خمسة مليارات دولار بالعملات المحلية مع أنقرة دعمًا لليرة. وأعلنت شركات إماراتية منذ ذلك الحين ضخ استثمارات عدة في تركيا.

وبلغ إجمالي التجارة غير النفطية بين الإمارات وتركيا ما يقارب 19 مليار دولار عام 2022 بزيادة قدرها 40 بالمئة عن عام 2021 و112 بالمئة عن عام 2020، لتصبح تركيا بين أكبر 10 شركاء تجاريين لدولة الإمارات، وفق بيانات إماراتية رسمية.

وتتوقع تركيا أن تضخ السعودية والإمارات وقطر استثمارات مباشرة قدرها 10 مليارات دولار في البداية و30 مليار دولار إجمالا في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والدفاع في أعقاب زيارة أردوغان إلى الدول الثلاث.