السيارات الكهربائية تواجه تحدي قسوة الصيف

تركيز على البحث والتطوير لجعل البطاريات تتلاءم مع درجات الحرارة المرتفعة للحفاظ على مدى السير.
الأربعاء 2023/07/19
المظهر الخارجي وحده لا يكفي

تسعى الشركات مع التطور التكنولوجي إلى إيجاد حلول لإطالة عمر البطاريات وخاصة عندما تكون درجات الحرارة مرتفعة للغاية كما يحدث في أجزاء كثيرة من العالم اليوم بهدف إقناع المستهلكين بجدواها، باعتبار أن الطرز الكهربائية ستكون المسيطرة على الطرق مستقبلا.

لندن - تواجه السيارات الكهربائية التي يفترض أنها صديقة للبيئة مفارقة عدم قدرة بطارياتها على تحمل أشد درجات الحرارة قسوة، وهو ما يظهر في أماكن سيرها في المناطق المعروفة بمناخها القاسي.

ولا تتكيف بطاريات الليثيوم أيون مع درجات الحرارة القصوى، ولكنها تعمل بشكل أفضل في درجات حرارة تتراوح بين 20 و25 درجة مئوية.

ويزداد خطر ارتفاع درجة حرارة البطارية خلال فصل الصيف عند القيادة بسرعات أعلى في الرحلات الطويلة، وبعد 45 إلى 50 درجة مئوية ، تتدهور المكونات الإلكترونية للبطارية بسرعة أكبر ويلاحظ انخفاض في أداء الشحن.

ورغم اختلاف نطاق درجة الحرارة وفقاً لطراز السيارات الكهربائية وستكون الظاهرة أكثر أو أقل حدة اعتماداً على جودة البطارية، لكن البعض يرى أن درجات الحرارة المرتفعة ليست قاتلة للمركبات التي تعمل بالبطاريات.

ويبررون رأيهم بأن السيارة الكهربائية تعمل في المناخ الحار بجهد أكبر للحفاظ على البرودة لبطاريتها ولركابها أيضاً، وهي تعمل بشكل جيد إلى حد ما.

سكوت كيس: أسوأ سيناريو هو بقاء السيارة دون شحن طوال الصيف
سكوت كيس: أسوأ سيناريو هو بقاء السيارة دون شحن طوال الصيف

وأما على المستوى الكيميائي؛ فإن الحرارة الشديدة تشبه إصابة بطارية المركبات الكهربائية بمرض في القلب أو بنوع خفيف وبطيء التطور من السرطان.

ويرجع ذلك إلى أنَّ الأيونات في بطارية السيارة تتسارع عندما ترتفع درجات الحرارة، وبمجرد حدوث ذلك، غالباً ما تواجه مشكلة في الاتصال بالقطب الموجب أو القطب السالب.

ويمكن أن يؤدي الضغط والسرعة أيضاً إلى حدوث شقوق صغيرة، مما يبطئ التفاعلات الكيميائية ويقلل عمر البطارية.

ويحدث الأمر نفسه خلال أيّ دورة شحن سريع، إذ يؤدي استخدام الشاحن فائق السرعة الخاص بتسلا إلى تحريك الأيونات بسرعة أكبر مقارنة بالشحن من منفذ كهربائي عادي بالحائط.

ولذلك فإن الحرارة الناتجة عن الشحن السريع هي إحدى أسباب عدم تسريع شحن بطاريات الهواتف الذكية حاليا.

أما في الأيام شديدة الحرارة، فتتحرك الأيونات في بطاريات السيارات الكهربائية حتى عندما لا تكون السيارة قيد القيادة أو موصولة بالكهرباء، وقد يقلل ذلك نطاق البطارية بلا رجعة، أي تقل المسافة التي تقطعها السيارة أو مدة عملها قبل الحاجة إلى إعادة الشحن.

ويرى سكوت كيس الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة ريكرنت الناشئة التي تصدر تقارير عن حالة البطارية أن السيناريو الأسوأ هو أن تكون السيارة في مرآب غير مكيف الهواء طوال الصيف دون توصيلها بالشاحن.

ونقلت وكالة بلومبرغ عن كيس قوله إن “ذلك الوضع سيضر بالبطارية بسرعة كبيرة وأما إذا كانت السيارة موصولة بالكهرباء، فيمكنها استخدام طاقة الشحن للحفاظ على برودة بطاريتها”.

ويؤثر الطقس البارد أيضاً على بطاريات السيارات الكهربائية، فكلما كانت درجة الحرارة أكثر برودة، كانت التفاعلات الكيميائية أبطأ، وتقلص وقت احتفاظ البطارية بالشحن.

لكن هذه الخسائر قصيرة الأمد، وعندما يأتي الربيع، ستستعيد البطارية الموجودة في ولاية ميتشغان الثلجية أو ماين الباردة كفاءتها بالكامل، أما الحرارة؛ فيمكن أن تخفض النطاق الأقصى إلى الأبد.

ويؤكد كيس أنه بإمكان الناس التدرب على هذه الأمور، “لكنَّك لا تستطيع أن تطلب منهم ألا يعيشوا في فينيكس، إذ لا يبدو ذلك منصفاً نوعاً ما”.

ومع زيادة استخدام المركبات الكهربائية بالتوازي مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب سيتعين على السائقين في جميع أنحاء العالم التعرف على أفضل الطرق للحفاظ على عمر البطارية.

وتشهد الولايات المتحدة على وجه الخصوص مستويات عالية من انتشار واعتماد المركبات الكهربائية في المناطق الحارة.

jj

وتعد كاليفورنيا وفلوريدا وتكساس وأريزونا وجورجيا موطن 56 في المئة من السيارات التي تعمل بالبطارية في البلاد، وفقاً لوزارة الطاقة. ولحسن الحظ، يمكن تبني تدابير عناية لتحييد تأثير كبير من عوائق حرارة الطبيعة.

ويقول سكايلر ويليامز، رجل الأعمال المقيم في أوستن الذي تعلم جيداً عن كيمياء البطارية وصيانتها قبل شراء سيارة ريفيان آر 1 أس في أغسطس الماضي إنه يحاول إيجاد أي مكان فيه ظل في الصيف الحار في تكساس.

وأوضح أنه لا يهم إذا كنت سأبقى في محل البقالة لمدة 10 دقائق أو ساعتين، لأن تحري الأمان أفضل من الندم. ويتبع ويليامز أيضاً قواعد أخرى جيدة؛ فهو لا يشحن سيارته في محطات الشحن السريع إلا عند الاضطرار، ويترك شاحنته موصولة بالكهرباء دائماً عندما تكون متوقفة في المرآب.

ونادراً ما يشحن البطارية فوق 80 في المئة، ويستخدم تطبيق ريفيان لفتح النوافذ إذا كان بعيداً عن الشاحنة في يوم حار. وبعد عام تقريباً، لم تفقد سيارته نسبة من قدرتها، مما يحافظ على قيمتها عند إعادة البيع.

وسرعان ما أصبحت حالة البطارية مقياساً ضرورياً تأتي أهميته في الترتيب الثاني في سوق المركبات الكهربائية، وبات هناك اندفاع لقياس حالتها بتفصيل شديد.

وتقول ستيفاني فالديز ستريتي، مديرة التخطيط الإستراتيجي في شركة كوكس أوتوموتيف إنَّ أربعة من كل خمسة مشترين للمركبات الكهربائية يفكرون الآن في طول عمر البطارية، وهذا أحد أسباب إعداد فريقها لدرجات خاصة يمكن استخدامها في قياس هذا العمر.

ستيفاني فالديز: ستكون الشفافية بشأن حالة البطارية مهمة للملاك الجدد
ستيفاني فالديز: ستكون الشفافية بشأن حالة البطارية مهمة للملاك الجدد

وتضيف ستريتي “مازلنا نركز بقوة على البحث والتطوير في هذا الشأن، لكن هذه هي الرؤية، إن توفّر خيار شراء سيارة كهربائية مستعملة مهمة للغاية، وبالتالي، ستكون الشفافية بشأن حالة البطارية مهمة”.

وفي هذه الأثناء؛ فإن عمل شركة ريكرنت بمثابة خطوة للأمام، وتجمع الشركة ثلاث مرات في اليوم مقاييس البطاريات من أكثر من 17 ألف سيارة مسجلة في خدمتها.

وباستخدام هذه البيانات، يمكن أن تعطي ريكرنت درجة لأيّ مركبة كهربائية محددة سريعاً من خلال النظر في تقدير نطاق البطارية وحالة الشحن وعداد المسافات، وإذا تمكن نظامها من تحديد حالة السيارة أثناء الشحن، يكون ذلك أفضل.

وعلى سبيل المثال، قد تحصل سيارة كهربائية اختبرت عدداً قليلاً من فصول الصيف في تكساس على درجات أقل من سيارة من الطراز نفسه، قطعت عدد الأميال نفسه في مناخ معتدل.

وعلى النقيض، يمكن لسائق تكساس الذي اتخذ جميع الاحتياطات المناسبة لمركبته الكهربائية أن يحصل على درجة من ريكرنت أعلى من سيارة مماثلة في مناخ أكثر برودة، حيث يتم دفعها بشكل روتيني إلى التفريغ بالكامل ثم إعادة شحنها، وهي ممارسات تزيد من معدل إهلاك بطارية الليثيوم أيون.

وقال كيس “يتنافس المصنعون على ثلاثة محاور: نطاق عمل البطارية قبل إعادة شحنها، وسرعة الشحن، والتكلفة، وهذه المحاور الثلاثة مسؤولة عن المحور الرابع وهو مدة استمرار تلك المقاييس”.

وبالفعل تدرس الجهات التنظيمية في كاليفورنيا اقتراحاً يتطلب مقياساً لصحة البطارية لكل مركبة كهربائية معروضة للبيع.

وحتى الآن؛ فإنَ بعض أفضل عملاء ريكرنت هم وكلاء توزيع سيارات في المناطق الحارة، حيث يمكن أن يكون الاختلاف صارخاً بين النطاق الفعلي لعمل البطارية قبل إعادة الشحن والنطاق الرسمي “المعتمد”، كما حددته وكالة حماية البيئة الأميركية.

ويعتقد سكوت أن شهادات النطاق من وكالة حماية البيئة خاطئة من اليوم الأول، لأنَّها لا تأخذ في الحسبان التغيرات في درجات الحرارة.. وهذا تغير ضخم يحتاج الجميع إلى رؤيته.

15