السوداني يتحدى المالكي ويدعو إلى الالتزام بموعد الانتخابات المحلية العراقية

مراقبون يستبعدون صمود رئيس الوزراء العراقي أمام تحركات ائتلاف دولة القانون لتأجيل الاستحقاق عبر الإصرار على تغيير تركيبة مفوضية الانتخابات.
الثلاثاء 2023/07/18
هل يدخل السوداني في صدام جديد مع المالكي

بغداد - دعا رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مساء الإثنين المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق إلى الالتزام بالتوقيتات الزمنية لإقامة انتخابات مجالس المحافظات المقرر إجراؤها في 18 ديسمبر المقبل، وهو قرار من شأنه أن يقود إلى صدام جديد له مع ائتلاف دولة القانون بقيادة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وتأتي دعوة السوداني ردا على تحركات رئيس ائتلاف دولة القانون لتأجيل الانتخابات من خلال مساعيه لتغيير أعضاء مجلس مفوضية الانتخابات قبل 5 أشهر على موعدها.

وأكد رئيس وزراء العراقي خلال اجتماعه مع مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على "أهمية الالتزام بالتوقيتات الزمنية الموضوعة لمراحل العمل الخاصة بالتحضيرات، وبذل الجهود وصولاً إلى إجراء انتخابات عادلة وشفافة ونزيهة"، حسب بيان صحافي للحكومة العراقية.

وتعهد السوداني بتقديم الدعم الحكومي المطلوب لمفوضية الانتخابات وتوفير كامل متطلباتها لأداء مهامّها بشكل مهني وصحيح وأهمية تحديد موعد لإجراء الانتخابات الخاصة ببرلمان إقليم كردستان العراق.

وبحسب مصادر عراقية فإن السوداني قرر عدم خوض منافسات انتخابات مجالس المحافظات وعدم دعم أي تيار والتفرغ لتأمين تنفيذ برنامجه الحكومي وتهيئة مستلزمات نجاح انتخابات مجالس المحافظات.

ويرى مراقبون أن دعوة السوداني إلى الالتزام بموعد الانتخابات قد يقود إلى صدام جديد مع المالكي بعد الخلافات التي تصاعدت مؤخرا بخصوص التعديلات الوزارية، قبل أن يذعن السوداني إلى رغبة المالكي ويتراجع عن قرار التعديل الوزاري حتى نهاية العام الجاري.

ويستبعد مراقبون أن يصمد السوداني أمام الممانعة الصلبة من قبل قوى الإطار التنسيقي ولاسيما زعيم ائتلاف دولة القانون الذي يرغب في تغيير تركيبة مفوضية الانتخابات، فرئيس الوزراء العراقي يعلم جيدا أن تحدي المالكي ليس في صالحه بل سيقود إلى إضعافه، وقد يصل الأمر حد التفكير بالإطاحة به من رئاسة الوزراء.

وكشفت كتلة دولة القانون النيابية الأحد، عن تحرك داخل ائتلاف إدارة الدولة لتغيير أعضاء مجلس المفوضين في المفوضية العليا للانتخابات.

ونقلت وكالة "شفق نيوز" الكردية عن النائب عن ائتلاف دولة القانون جاسم العلوي قوله إن "عمل المفوضية العليا للانتخابات في الوقت السابق وإدخال البلاد في أزمة سياسية أثار شكوكا بعملها وأطال عليها الاتهامات بالانتماء إلى جهات سياسية معينة على حساب جهات أخرى".

وأضاف أن "هناك توجها في الإطار التنسيقي وداخل ائتلاف إدارة الدولة بشكل عام بتغيير أعضاء مجلس المفوضين والمسؤولين والمدراء في مكاتب المفوضية قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات".

وبين العلوي أن "من خلال هذا التغيير يمكن أن نضمن انتخابات نزيهة وعدم الدخول في أزمة وتعطيل العملية السياسية كما حدث بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة".

ويدفع المالكي باتجاه تأجيل انتخابات مجالس المحافظات، على الرغم من تأكيدات الحكومة على أن الاستعدادات جارية لإجراء الاستحقاق.

ويتذرع المالكي بضرورة تغيير التركيبة الحالية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وأن الوقت غير كاف لتحقيق ذلك، لكن متابعين يرون أن من الدوافع التي تقود زعيم ائتلاف دولة القانون لتأجيل الانتخابات هو استشعاره بعدم جاهزيته لهذا الاستحقاق المهم، وأن هناك مخاوف من تعرضه لانتكاسة انتخابية، لاسيما مع وجود تحفظات في الأوساط الشعبية بشأن مسلك المالكي، وما يثار حول محاولاته عرقلة الحكومة الحالية التي يقودها السوداني.

وتشكل انتخابات مجالس المحافظات أهمية كبيرة تناهز أهمية الانتخابات التشريعية، بالنسبة للقوى السياسية، ذلك أن هذه المجالس هي التي تتولى اختيار المحافظ ونائبيه وإعداد موازنة المحافظة في ضوء ما تخصّصه الحكومة المركزية لها من اعتمادات مالية، ولتلك المجالس الحق في إقالة المحافظين ورؤساء الدوائر، ويجري اختيار تلك المجالس بناء على حجم التركيبة السكانية لكل محافظة. وبحسب مصادر عراقية فإن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني قرر عدم خوض منافسات انتخابات مجالس المحافظات وعدم دعم أي تيار والتفرغ لتأمين تنفيذ برنامجه الحكومي وتهيئة مستلزمات نجاح انتخابات مجالس المحافظات.

وكان ائتلاف دولة القانون وغيره من القوى الشيعية الممثلة داخل الإطار التنسيقي قد ضغطت قبل أشهر لتغيير مجلس المفوضين في الهيئة، وهو ما تحقق فعلا باستقالة رئيس المجلس القاضي جليل عدنان خلف، واختيار القاضي عمر أحمد محمد خلفا له.

ولطالما اتهمت القوى الشيعية الموالية لإيران المفوضية الحالية بالانحياز، ويرى مراقبون أن الضغط من أجل تغيير كامل تركيبتها، من شأنه أن يزيد المخاوف حيال شفافية العملية الانتخابية المقبلة.

ويقول المراقبون إن تحرك المالكي باتجاه تأجيل الاستحقاق إلى حين الاتفاق على تغيير تركيبة الهيئة قد يلقى تفاعلا من قبل باقي الطيف السياسي الذي لا يبدو هو الآخر جاهزا لإجراء الاستحقاق.

أفادت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الاثنين، بأن الإقبال على تسجيل المرشحين لانتخابات مجالس المحافظات في تزايد مستمر، لافتة إلى أن ذلك في 16 مكتباً في بغداد والمحافظات لتسجيل المستقلين والاحزاب والتحالفات المشاركة.

وتتنافس الأحزاب والقوى السياسية التقليدية في السيطرة على مقاعد مجالس المحافظات، بينما يسعى المدنيون لأول مرة للدخول في هذه الانتخابات بشكل منفرد أو بقوائم انتخابية مشتركة، ومن المقرر أن تستمر مفوضية الانتخابات باستقبال طلبات المشاركة في الانتخابات لغاية العاشر من أغسطس المقبل.

وأكد مسؤول في المفوضية في تصريحات صحافية، أن "الإقبال على الترشح الفردي كبير جداً في هذه الانتخابات قياساً بالانتخابات التي أجريت في السابق"، مبيناً أن "غالبية المرشحين فردياً للانتخابات هم من محافظات جنوبي ووسط البلاد، وأنهم أقبلوا مبكراً على التقديم لاستكمال الإجراءات وتلافي الأخطاء".

وبشأن تحديث سجل الناخبين، أكد أن "هناك ضعفا واضحا بتحديث سجل الناخبين في عموم مكاتب المحافظات، كإجراءات النقل والحذف وتسجيل الناخبين الجدد ممن بلغوا سن الـ18 عاما"، ويزيد عدد الناخبين في العراق عن 25 مليونا، بحسب تصريحات سابقة للمفوضية.

من جانبه، قال النائب عن تيار الحكمة، المنضوي في تحالف "الإطار التنسيقي"، علي شداد، في تصريح لإذاعة محلية، إن "الكتل جهزت قوائمها ومرشحيها للمشاركة في الانتخابات، باستثناء التيار الصدري الذي لم يتخذ قرارا بالمشاركة من عدمها بعد"، مؤكداً وجود "مؤشرات تؤكد أن الصدر قد يشارك وأنه سيكون منافساً قويا للإطار التنسيقي".

وقد يجد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في انتخابات مجالس المحافظات فرصة للعودة إلى المشهد السياسي بمنطق ردده دائما وهو التصاقه بالجماهير وحرصه على حماية المصالح الوطنية وخدمة المواطنين وتحسين الخدمات.

وستكون هذه أول انتخابات محلية تجرى في العراق منذ نيسان 2013، وتتولى مجالس المحافظات المُنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين ولهم صلاحيات الإقالة والتعيين وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد، وفقاً للدستور العراقي النافذ بالبلاد منذ عام 2005.