القاهرة تفك عقدة أزمة الثقة في برنامج خصخصة الأصول

اعتبر المهتمون بالشأن الاقتصادي المصري أنه رغم نجاح الحكومة في خصخصة بعض الأصول المملوكة للدولة وما تبثه من أمل في تجاوز الأزمة الراهنة، إلا أن شقا من الخبراء يعتقدون أن أمام القاهرة الكثير لتفعله لإقناع المستثمرين بجدوى خططها.
القاهرة - تمكنت مصر بعد مرحلة صعبة من فك عقدة أزمة الثقة في برنامج خصخصة أصول في شركات حكومية، وهو ما يمنح البلد فرصة لالتقاط الأنفاس في ظل الضغوط المالية وشح الدولار والذي جعل قيمة الجنيه تتدحرج إلى مستويات غير مسبوقة.
وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مساء الثلاثاء الماضي أن حكومته وقعت عقودا لبيع حصص بقيمة 1.9 مليار دولار في إطار برنامج يشمل دعم القطاع الخاص وجمع العملة الصعبة.
ومن المتوقع أن يتم دفع 1.65 مليار دولار من إجمالي الصفقات بالعملة الأجنبية، مما يعني أن القاهرة نجحت في انتزاع موافقة المستثمرين بألا تكون النسبة الأكبر من عمليات الشراء بالجنيه الضعيف.
وفقد الجنيه نحو نصف قيمته مقابل العملة الأميركية منذ مطلع هذا العام وفق سعر الصرف الرسمي حيث يحوم الدولار عند نحو 30.8 جنيها، وسجل التضخم ارتفاعات قياسية بلغت 35.7 في المئة الشهر الماضي وهو الأعلى منذ يوليو 2017 حين بلغ 32.9 في المئة.
ويُعد بيع الحصص ضروريا لتخفيف القاهرة الضغط الذي تواجهه العملة المحلية منذ فترة طويلة وجذب الدولار الذي تشتد الحاجة إليه وإطلاق إصلاحات اقتصادية في إطار برنامج قرض من صندوق النقد الدولي حجمه ثلاثة مليارات دولار.
وكان هدف الحكومة جمع ملياري دولار من مبيعات الحصص بحلول نهاية يونيو الماضي، لكن جهودها واجهت تأخيرات في الشهور القليلة الماضية، مما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه في السوق الموازية.
واستعانت الحكومة بخبرات مؤسسة التمويل الدولية (آي.أف.سي)، وهي أحد الأذرع الاقتصادية المهمة للبنك الدولي، في إدارة ودعم برنامج إدراج كيانات مملوكة للدولة في البورصة.
ووقعت القاهرة مؤخرا اتفاقا تقدم بموجبه مؤسسة التمويل المشورة لها في ما يخص البرنامج الاقتصادي لتطوير إستراتيجية فعالة لبيع الأصول وبعض الكيانات التابعة للجيش، بعد تعثرها الفترة الماضية لأسباب مختلفة.
وبموجب الاتفاقية تضع المؤسسة إستراتيجية لبرنامج الطروحات الحكومية، وتقديم المساعدة للقاهرة في عملية هيكلة وإعداد الشركات المستهدف طرحها للقطاع الخاص وتحسين حوكمة الكيانات، فضلاً عن توفير الدعم اللازم لأجل تنفيذ الصفقات المتفق عليها.
وتتابع مؤسسة التمويل الدولية عن كثب التقدم في تنفيذ الاتفاقية مع مكتب رئيس الوزراء ووزيرة التعاون الدولي رانيا المشاط في خطوة تؤكد إيمانها بإمكانية تحويل اقتصاد مصر للنجاح وتطويره بأفضل شكل ممكن.
وتوقعت آي.أف.سي أن تستقبل مصر استثمارات كبيرة من الخارج، بما في ذلك من المؤسسة نفسها، إذ تدرس مضاعفة تعهداتها العام المقبل في سبيل دعم إستراتيجية الحكومة في القطاع الاقتصادي.
وقالت وزيرة التخطيط هالة السعيد لرويترز بعد مؤتمر صحفي حضره كبار أعضاء مجلس الوزراء عقد بالعاصمة الإدارية الجديدة في القاهرة إن “كل الصفقات انتهت وهي وملزمة”.
وبحسب السعيد ستبيع القاهرة محطات توليد الطاقة من الرياح في جبل الزيت بنحو 300 مليون دولار “أو أكثر” في أكتوبر المقبل. لكنها لم تذكر الجهة المستثمرة.
وكان مسؤولون حكوميون قد كشفوا لاقتصاد الشرق من بلومبرغ الاثنين الماضي أن شركة أكتيس البريطانية اقتربت من الاستحواذ على محطات رياح جبل الزيت، بعد أن تقدمت بأفضل عرض فني ومالي لصندوق مصر السيادي.
وفي خضم ذلك سيتم إنجاز خلال الشهر نفسه أو في نوفمبر كحدّ أقصى صفقة التخارج من الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية).
وتمتلك وطنية، التي تأسست عام 1993، نحو 255 محطة خدمة ووقود سيارات، ولديها عشرون محطة قيد الإنشاء، و25 محطة في مرحلة التخطيط، حسب الموقع الإلكتروني لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية.
وتضمّنت العقود صفقة لبيع حصص أقلية في ثلاث شركات بقطاع النفط والبتروكيماويات لصندوق أبوظبي للثروة السيادية (القابضة إي.دي.كيو) مقابل 800 مليون دولار.
وكذلك صفقة لجمع نحو 700 مليون دولار عن طريق زيادة رأس مال شركة تمتلك مجموعة فنادق في مصر، وصفقة لبيع حصة 31 في المئة شركة العز الدخيلة للصلب مقابل 241 مليون دولار.
ومُنحت الحصة في الفنادق، التي تشمل عقارات تاريخية في القاهرة والإسكندرية والأقصر، للشركة العربية للاستثمارات الفندقية والساحلية (أيكون)، ذراع الضيافة لمجموعة طلعت مصطفى العقارية المصرية.
أبرز الصفقات
● بيع محطات للرياح في جبل الزيت بنحو 300 مليون دولار
● التخارج من شركة بيع وتوزيع المنتجات البترولية (وطنية)
● بيع حصص أقلية في 3 شركات نفط لشركة إي.دي.كيو مقابل 800 مليون دولار
● بيع 31 في المئة من شركة العز للصلب مقابل 241 مليون دولار
● جمع 700 مليون دولار من بيع فنادق لشركة أيكون المحلية
وتسعى القاهرة من برنامج الطروحات للحصول على مورد إضافي لدعم موازنة البلاد، كما أنها تأمل في أن يكون تدخل المستثمرين الإستراتيجيين في الطرح أداةً لتحسين وضع الشركات المطروحة.
وكانت الحكومة قد قررت في فبراير الماضي طرح أسهم مجموعة من الشركات المملوكة للدولة في البورصة المحلية أو لمستثمرين إستراتيجيين خلال عام.
وجاءت الخطوة في إطار خطة السلطات لتمكين القطاع الخاص استنادا إلى وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تستهدف توسيع مشاركته في النشاط الاقتصادي والتنمية.
وقال مدبولي إن “الحكومة تجاوزت الربع تقريبا في ما يتعلق بقائمة تضم 32 شركة حكومية أعلنت العام الماضي أنها ستبيع حصصا فيها، وتستعد لبيع حصص في شركات أخرى لاحقا”.
وأوضح أنه خلال الفترة الماضية كان يتم التعاون مع القطاع الخاص والصناديق السيادية الاستثمارية في الإطار الإقليمي، و”نحن نتطلع للخروج إلى إطار دولي ووجود هذه المؤسسة سيساعد في ذلك”.
وتتوقع الحكومة زيادة التدفقات الداخلة من العملة الصعبة بواقع 70 مليار دولار سنويا إلى نحو 191 مليار دولار بحلول عام 2026.
وأشار مدبولي إلى أن الزيادة المستهدفة سيتم تحقيقها عبر زيادة إيرادات قناة السويس وتحويلات المغتربين بنحو 10 في المئة سنوياً، وزيادة إيرادات القطاع السياحي والصادرات بنحو عشرين في المئة.
وبلغت إيرادات قناة السويس في العام المالي المنتهي في يونيو الماضي نحو 9 مليارات دولار، فيما تستهدف الحكومة إيرادات بقيمة 15 مليار دولار من قطاع السياحة هذا العام.