المغرب يدخل مرحلة جديدة في مشاريع الطاقة النظيفة

خطا المغرب خطوة أخرى في اتجاه تكريس طموحاته لتطوير قطاع الطاقات المتجددة من خلال توسيع خارطة الاستثمار في مزارع توليد الكهرباء من المصادر المستدامة في مختلف مناطق البلاد بفضل مناخه المستقر للأعمال.
الرباط - يتسارع زخم إنشاء مشاريع الطاقة البديلة في المغرب مع الدخول في مرحلة جديدة لبناء مزرعة شمسية عملاقة يُتوقع أن تتيح له الاستفادة أكثر من إمكانياته وخبرات الشركات الأجنبية في قطاع توليد الكهرباء من المصادر المستدامة.
وكشفت الوكالة المغربية للطاقة المستدامة (مازن) الاثنين أن ستة تحالفات من الشركات تأهلت للمنافسة على بناء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 400 ميغاواط في جبال الأطلس يطلق عليها اسم نور ميدلت 2.
وتقود التحالفات الستة شركات كوبرا سرفيسوس وكوميونيكاسيونس ي. إنركيا للاتصالات والطاقة الإسبانيتين وإي.دي.إف الفرنسية وإنيل غرين باور الإيطالية وإبردرولا رينوفابلس إنترناشونال الإسبانية وإنترناشونال باور البلجيكية وأكوا باور السعودية.
ولم تكشف وكالة مازن قيمة المحطة وتاريخ الإعلان عن التحالف الفائز، لكنها أكدت أن المشروع يهدف “إلى بناء محطة طاقة شمسية تعمل بتكنولوجيا كهروضوئية ذات قدرة إنتاجية كبيرة وطاقة تخزينية تدوم ساعتين”.
وتصدرت هذه الوكالة التي تأسست في عام 2010 أول عملية جمع واسعة النطاق للطاقة الشمسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قبل سنوات، وهي مبادرة جريئة لجعل الطاقة الشمسية ميسورة التكلفة وتقليل اعتماد البلاد على واردات الكربون العالية.
وتم إنشاء الوكالة لتنسيق إستراتيجية تطوير الطاقة الشمسية لخطة الطاقة المتجددة في البلاد، إلى جانب المكتب الوطني للكهرباء ومياه الشرب، وهي وتقود مشاريع تهدف إلى توليد ستة غيغاواط من طاقة توليد الكهرباء النظيفة.
وتقول الحكومة إن الطاقة الخضراء سوف تقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري في البلاد بحوالي 2.5 مليون طن من النفط سنويا، ويمكن أن تصدر في نهاية المطاف الفائض إلى البلدان المجاورة.
وطيلة سنوات كان المغرب أكبر مستورد للوقود الأحفوري في المنطقة اعتمادًا على مصادر أجنبية لأكثر من 97 في المئة من طاقته، وكان للوكالة المغربية للطاقة المستدامة دور فعال في المساعدة على تغيير هذا الوضع.
وبرزت الطاقة المتجددة في المغرب ضمن أفضل 3 أسواق واعدة في جذب الاستثمارات، في ظل خطة البلاد الطموحة لتعزيز الطاقة الإنتاجية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر.
وأظهر تقرير مؤشر جاذبية الدولة للطاقة المتجددة الذي أصدرته شركة الاستشارات العالمية إي.واي في ديسمبر الماضي أن المغرب والدنمارك واليونان هي أفضل الدول ذات أداء أعلى من التوقعات بالنسبة إلى حجمها الاقتصادي.
وفي عام 2019 فاز تحالف بقيادة إي.دي.أف بعطاء لبناء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 800 ميغاواط تم تصميمها لتجمع بين تقنيات الطاقة الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة.
ولم تكتمل بعد المرحلة الأولى من هذا المشروع رغم مرور أربع سنوات، وتقول مصادر إن من أسباب ذلك خلافات حول تكنولوجيا الطاقة الشمسية المركزة.
وطور المغرب، الذي سبق جيرانه في منطقة شمال أفريقيا لوضع أسس قوية للقطاع، في السنوات الأخيرة إستراتيجية بهدف الانتقال من بلد يستورد كل احتياجاته من النفط والغاز إلى منتج للطاقة المتجددة بغية تحقيق أمن الطاقة.
وتقول وزارة انتقال الطاقة والتنمية المستدامة إن البلد يتطلع إلى أن يكون قبلة للاستثمارات الأجنبية في هذا المجال الواعد بعدما طرح العديد من المشاريع في هذا المضمار.
وأكدت وزيرة انتقال الطاقة ليلى بنعلي مرارا أن بلدها يولي تعزيز التعاون الدولي أهمية خاصة عبر تطوير علاقات إستراتيجية مع العديد من المنظمات والدول، بهدف استقطاب الاستثمارات ونقل التكنولوجيات في القطاع.
وقالت إنه “لتفعيل البرامج والمشروعات في الطاقة المتجددة، نواصل جهودنا لتطوير ترسانة قانونية وتنظيمية ومؤسسية، لتوفير المناخ والإطار بما يشجع الاستثمار الخاص في المجال”.
ويُعد المغرب رائدا في المجال، حيث سجل نمو سعة طاقة إنتاج من المصادر المستدامة بنحو 37 في المئة بنهاية العام 2021.
وفي العام الماضي، مثلت مصادر الطاقة المتجددة 18 في المئة من إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد، بينما شكل الفحم 72 في المئة، وفقا للأرقام الرسمية.
وبحلول مارس 2023، مثلت الطاقة المتجددة 40 في المئة من القدرة الفعلية في البلاد، ويخطط المغرب لزيادة هذه النسبة إلى 52 في المئة بحلول عام 2030، منها 20 في المئة من المتوقع أن تأتي من الطاقة الشمسية.
ويستهدف البلد الوصول إلى إنتاج 10.5 غيغاواط من الطاقة الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2027، من أربعة غيغاواط حالياً، أي بزيادة تفوق 160 في المئة، وفق تصريح سابق لمدير الطاقات المتجددة بوزارة انتقال الطاقة محمد وحميد لوكالة بلومبرغ.
وتوضح خارطة محطات الطاقة البديلة المنشورة على المنصة الإلكترونية لوكالة مازن أن هناك مشاريع للطاقة الشمسية وهي نور ورزازات 1 بقدرة 160 ميغاواط ونور ورزازات 2 بقدرة مئتي ميغاواط ونور ورزازات 3 بقدرة 150 ميغاواط ونور ورزازات 4 بقدرة 72 ميغاواط.
وهناك أيضا محطة شمسية تدعى نور العيون 1 بقدرة إنتاج تبلغ 85 ميغاواط ومحطة عين بني مطهر ونور بوجدور 1 بقدرة تصل إلى عشرين ميغاواط لكل منها، وأيضا محطة نور تافيلالت التي تنتج 120 ميغاواط.
وتوجد مشاريع للطاقة المائية قيد التشغيل في أكثر من 20 محطة للطاقة الكهرومائية بقدرة إنتاج تصل إلى 1800 ميغاواط.
أما مشاريع طاقة الرياح فتبلغ طاقتها 1510 ميغاواط، وتوجد في نسيم أموكدول بقدرة 60 ميغاواط ونسيم طنجة بقدرة 140 ميغاواط ونسيم الكودية البيضاء بقدرة 50 ميغاواط.
وهناك أيضا محطات رياح أخرى، وهي نسيم طرفاية التي تنتج نحو 300 ميغاواط ونسيم ميدلت بقدرة إنتاج تصل إلى 180 ميغاواط ونسيم تازة 1 بطاقة إنتاج تبلغ حوالي 87 ميغاواط.
وذكرت وكالة مازن في فبراير الماضي أن هناك 693 ميغاواط طوّرها القطاع الخاص، فيما تُطور هي أربعة آلاف ميغاواط حاليا.
وكانت الرباط قد أسست معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة سنة 2011 لدعم إستراتيجيتها للطاقة من خلال البحوث التطبيقية الموجهة نحو السوق، وكذلك تعزيز الابتكار في مجال التكنولوجيات الخضراء.