الكويت تربط المفاوضات مع إيران بشأن حقل الدرة بترسيم الحدود

الكويت – أكد وزير النفط الكويتي سعد البراك، الأحد، أن الكويت والسعودية لديهما "حق حصري" في حقل غاز الدرة بالخليج و"ستمضيان قدماً في تطويره"، مشددا على أن ادعاءات إيران لا أساس لها، داعيا إياها إلى البدء في ترسيم حدودها البحرية من أجل تأكيد مطالبها في الحقل.
وجاءت تصريحات البراك ردا على رفض إيران دعوات التفاوض من الجانبين السعودي والكويتي لترسيم الحدود البحرية فيما بينها، وهو ما يرشح تفاقم الأزمة بين الأطراف الثلاثة.
وقال البراك في مقابلة مع قناة الإخبارية السعودية الحكومية إن حقل الدرة "حق حصري للكويت والسعودية، ومن لديه ادعاء فعليه أن يبدأ بترسيم الحدود، وإن كان له حق سيأخذه وقفا لقواعد القانون الدولي".
ولدى سؤاله عن المفاوضات بين إيران، والسعودية، والكويت، قال البراك إن "المفاوضات لم تبدأ"، لافتاً إلى أنه على الطرف الإيراني "منفرداً"، أن "يدخل في عملية ترسيم حدوده واعتمادها وفق قواعد القانون الدولي، وبعد ذلك سيظهر هل له حق في هذا الحقل".
وأشار إلى أنه بعد ذلك "ستبدأ المفاوضات بين السعودية والكويت كطرف واحد وإيران كطرف أخر"، معتبراً أن المسألة "واضحة بالنسبة لنا".
وذكر الوزير الكويتي، أن طهران، لم ترد على البيانات السعودية والكويتية، مشدداً على أنه "لا مجال للمفاوضات في هذه القضايا، إلا بعد ترسيم الحدود الذي سيكون حاسماً في قضية الحقوق لكل طرف".
وأضاف أن "الطرف الأخر (في إشارة إلى إيران) قضيته ليست واضحة، ولديه ادعاءات ليست مبنية على أساس من ترسيم واضح للحدود البحرية"، مؤكداً أن الكويت والسعودية "فريق واحد سيمضي قدما في مشاريع تطوير حقل الدرة بما يعود بالمنفعة القصوى للبلدين".
وشدد على أن السعودية والكويت "متفاهمتان بشكل كامل" في ملف حقل الدرة، لافتاً إلى أن "كل الخلافات بين البلدين تم حلها بطريقة سلمية وحضارية.. وهذا النهج مستمر".
وعن سبب عدم تطوير حقل الدرة حتى الآن، قال الوزير الكويت "منذ عام 2019 دخلنا في أزمة كورونا، والتي أثرت بشكل جذري على الاقتصاد وغيّرت الأولويات، ولذلك الأمور لم تسر كما هو مخطط لها، وأن كثير من المشاريع والمبادرات في العالم توقفت، لكن الحوار لم يتوقف".
وأضاف "نحن جاهزون لأن نمضي قدماً في المنطقة المقسومة، وأن الترتيبات الجديدة بدأت وسنرى مدى جاهزيتها في أسرع فرصة ممكنة"، مشيداً بالدور السعودي في "الحفاظ على استقرار أسواق النفط العالمية".
وتأتي تصريحات البراك تأكيدا لما أعلنته السعودية التي قالت الأسبوع الماضي إن المملكة والكويت تمتلكان حصريا ثروات طبيعية في "المنطقة المقسومة" البحرية بالخليج.
وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) إن المملكة جددت أيضا دعوتها لإيران لبدء مفاوضات مع الرياض والكويت بخصوص ترسيم الحدود الشرقية في المنطقة.
وعلى مدار الأيام الماضية وجهت كل من الكويت والرياض دعوات لإيران لترسيم الحدود بينها، مشددتان على أن حقل الدرة، الذي تطلق عليه طهران اسم "آرش" وتزعم أنها تمتلك أكثر من ثلثه، هما صاحبتا الحقوق الحصرية عليه.
وتبعد السواحل الإيرانية عن الحد الشرقي للمنطقة المغمورة ضِعْف بُعْد السواحل الكويتية والسعودية عن الحد الشرقي، ما يجعل مطالبة إيران بأن يكون لها نصيب في ملكية حقل الدرة بعيدة عن المنطق.
وتماطل طهران في ترسيم الحدود بينها وبين الكويت والسعودية لأن أي ترسيم يجعل الخط الفاصل للحدود البحرية بعيدا بعشرات الأميال عن الحد الشرقي للمنطقة المغمورة، التي تعد – فضلا عن المسافات – جزءا موصولا بالجرف القاري السعودي والكويتي.
وكان المدير التنفيذي لشركة النفط الوطنية الإيرانية محسن خجسته مهر صرح الأسبوع الماضي "نحن جاهزون تماما لبدء عمليات الحفر في حقل آرش"، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء فارس الإيرانية.
وقد أثار هذا التلويح الإيراني الذي لم ينفذ بعد غضب الكويت والسعودية، اللتين وإن دعتا إيران إلى التفاوض لكنهما شددتا على أن لهما "وحدهما كامل الحقوق السيادية لاستغلال الثروات في تلك المنطقة".
وفي وقت سابق، الأحد، بحثت اللجنة المشتركة الدائمة الكويتية-السعودية، تسريع وتيرة الأعمال والإنجازات في المشروعات البترولية المرتبطة بالمنطقة المقسومة، بما في ذلك العمليات المشتركة في حقلي "الخفجي" و"الوفرة"، بحسب بيان صادر عن وزارة النفط الكويتية.
وقال وكيل وزارة النفط الكويتية نمر فهد المالك الصباح إن اجتماع اللجنة المشتركة "يأتي في توقيت هام للغاية" لمتابعة وتقييم الأعمال في العمليات المشتركة بما فيها "الوفرة" و"الخفجي".
وأوضح أن اللجنة شددت على أهمية إنجاز وتنفيذ بنود مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين عام 2019 وتذليل أي تحديات تواجه المشاريع البترولية والعمل على تطوير واستغلال الثروات الطبيعية بالمنطقة المقسومة لتلبية نمو الطلب المحلي والذي سيتحقق من هذا الدعم والنمو في مختلف القطاعات الحيوية.
وذكر أن اللجنة استعرضت دراسة التصور للطريق والممر الخاص للعمليات المشتركة (الخفجي والوفرة) من خلال منفذي النويصيب والخفجي، حيث تشمل الدراسة المخططات الهندسية الخاصة بالطريق الخاص والممر الخاص والذي سيخصص للعاملين في العمليات المشتركة وشركات المقاولين.
وأكد أن الدراسة أخذت بعين الاعتبار الرؤية المستقبلية وخطط العمليات المشتركة وتلبية المتطلبات التشغيلية حيث تتيح للعاملين والمعدات التنقل بكل سهولة وانسيابية من خلال المنافذ الحدودية، لافتًا إلى أن هذه الخطوة تأتي تماشيا مع ما نصت عليه مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين.
وأشار إلى أن الاتفاق بين الجانبين يشمل تحديث آليات العمل في اللجنة المشتركة الدائمة وتطوير لوسائل الاتصال والتواصل بين الجانبين عبر استخدام التقنيات الجديدة في الجوانب الإدارية وعقد الاجتماعات مما يسهم في تسريع وتيرة الأعمال والإنجازات.
وقال الصباح إن هذا التحديث من شأنه تيسير المشاريع البترولية المرتبطة بالمنطقة المقسومة وضمان تسهيل الأعمال المرتبطة بالعمليات المشتركة وسلامة العاملين في الشركات العاملة والتي تضم كلا من شركة أرامكو لأعمال الخليج وشركة شيفرون العربية السعودية إضافة للشركة الكويتية لنفط الخليج ولمواجهة أي ظروف طارئة أو استثنائية.
وأضاف أن اللجنة بحثت آخر التطورات للمواضيع المتعلقة بالعمليات المشتركة بما فيها الوفرة والخفجي كما ناقشت تقارير العمليات البترولية في المنطقة المقسومة البرية والمنطقة المقسومة المغمورة المحاذية لها.
وتأسست اللجنة المشتركة الدائمة الكويتية السعودية وفق اتفاقية تقسيم المنطقة المحايدة والموقعة بين الجانبين عام 1965، وهي تتبع وزراء النفط والطاقة من الجانبين مباشرة، ومن أهم اختصاصاتها تسهيل المرور والإجراءات الخاصة بالعاملين في الشركات البترولية في المنطقة المقسومة.
وتم التوقيع مع الجانب السعودي على اتفاقية تقسيم المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة عام 2000، إضافة إلى التوقيع على الاتفاقية الملحقة ومذكرة التفاهم بشأن إعادة الإنتاج في المنطقة المقسومة في 24 ديسمبر 2019، وجميعها تعتبر ملحقة باتفاقية تقسيم المنطقة المحايدة 1965.