أذرع طهران في العراق تضغط على السوداني لدفع مستحقات الغاز الإيراني

بغداد - دعا تحالف "الإطار التنسيقي" الحاكم في العراق، الأحد وزارة الخارجية إلى التواصل مع الجانب الأميركي لحثّه على الإفراج عن مستحقات مالية لطهران يدفعها العراق مقابل استيراده للغاز من جارته إيران لتأمين احتياجات ضرورية من الكهرباء.
وبفعل العقوبات الأميركية على طهران، لا يمكن لبغداد أن تدفع مستحقات استيراد الغاز من إيران مباشرةً، بل ينبغي أن تستخدم طهران تلك الأموال لشراء سلع غذائية أو صحية. لكن هذه الآلية معقدة وغالبا ما تكون هناك تأخيرات.
ولترغم بغداد على دفع تلك المستحقات، تقطع إيران مرارا الإمدادات الضرورية لتشغيل محطات الكهرباء وتغطية ثلث احتياجات البلد الغني بالموارد النفطية، من الغاز.
وفي بيان الأحد، قال الإطار التنسيقي، أكبر كتلة سياسية في البرلمان العراقي وتضمّ أحزاب وقوى شيعية موالية لإيران من بينها الأجنحة السياسية لفصائل في الحشد الشعبي، إن البلاد تشهد "أزمة باتت تثقل كاهل المواطن العراقي بسبب قلة التجهيز في ساعات الكهرباء في ظل الظروف المناخية الصعبة وارتفاع درجات الحرارة".
وطلب الإطار وفق البيان من "الحكومة العراقية من خلال وزارة الخارجية إلى الاتصال بالجانب الأميركي وحمله على الإطلاق الفوري للمستحقات المالية المترتبة عن استيراد الغاز الايراني دون تأخير أو مماطلة وعدم استخدام هذا الملف سياسياً لتلافي انعكاساته السلبية على المواطن العراقي".
ومن جهته، قال المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد العبادي، في تصريح صحافي اليوم الأحد إن "وزارة الكهرباء عملت على دفع كافة المستحقات المالية المتعلقة بالغاز إلى إيران، وهذه المبالغ سُلمت إلى المصرف العراقي للتجارة، حتى يرسل تلك الحوالات إلى إيران، كما هو معتاد".
وبيّن العبادي أن "الأموال ما زالت لدى المصرف العراقي للتجارة، ولم تُحوّل إلى إيران، بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على طهران".
وتابع "نحن في وزارة الكهرباء أكملنا ما علينا من خلال تسليم أموال الغاز إلى المصرف العراقي للتجارة، لكن تبقى هذه القضايا القانونية والفنية من عمل واختصاص المصرف وبالتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة الأخرى".
وأواخر يونيو، أكّد الناطق باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد موسى لوكالة الصحافة الفرنسية أن وزارته أودعت ما عليها من مستحقات إلى الجانب الإيراني مقابل واردات الغاز لدى صندوق الاعتماد في المصرف العراقي للتجارةـ مضيفاً أن المبلغ المستحق لإيران "يبلغ 11 مليار دولار".
وأوضح أن "الأموال التي تدفع للجانب الإيراني تدفع عن طريق صندوق الاعتماد بالمصرف التجاري العراقي. ومن يقوم بالحوالات والعملية المالية هو المصرف التجاري العراقي".
وبسبب العقوبات الأميركية على إيران، ينبغي أن يتم التصريح بدفع تلك الأموال عبر استثناء أميركي. وفي 13 يونيو، أكدت الولايات المتحدة، التي نادر ما تتحدّث عن هذا الموضوع، أنها صرّحت بدفع جزء من الأموال، بدون أن تكشف عن المبلغ.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في مؤتمر صحافي حينها "وافقنا على تحويل مالي مطابق للتحويلات المالية التي تمت الموافقة عليها سابقاً، للسماح لإيران بالوصول إلى الأموال المحجوزة في حسابات في العراق".
ويعدّ ملف الغاز والكهرباء حساساً بالنسبة للعراق حيث تضرب درجات حرارة شديدة الارتفاع معظم مناطقه خلال الصيف وتزداد الأمور سوءاً بسبب الانقطاع المتكرر اليومي للكهرباء، ما يزيد من غضب الشارع ويثير أحياناً تظاهرات في بلد بنيته التحتية متهالكة بفعل عقود من النزاعات والفساد المستشري.
ولتقليل اعتمادها على الغاز الإيراني، تدرس السلطات العراقية تنويع مصادرها من الغاز والطاقة، كالاستيراد من الخليج لا سيما قطر، ومحلياً عبر استغلال الغاز المصاحب لإنتاج النفط والذي يجري حرقه ويشكّل مصدراً كبيراً للتلوث.
وكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني قد وصف أخيراً أزمة النقص الحاصل في توفير إمدادات الطاقة بأنها "مشكلة مزمنة تتطلب معالجتها امتلاك استعدادات عالية"، مؤكدا مواصلة الحكومة تقليل الاعتماد على الغاز المستورد في تشغيل محطات الإنتاج.
وسبق أن أعلنت حكومة السوداني أن مشكلة الكهرباء ضمن أولويات برنامجها، لكنها تواجه فعلياً عقبات عدة لاستئصالها من جذورها، وحتى على صعيد إنتاج الكهرباء محلياً باستخدام الموارد الأولية التي يملكها العراق، من دون الاعتماد على مصادر إنتاج من الخارج.