الإمارات تعزز تفوقها في جاذبية بيئة الأعمال خليجيا

حافظت الإمارات على تفوقها في جاذبية بيئة الأعمال بمنطقة الخليج العربي والشرق الأوسط بفضل إستراتيجيتها الطموحة، التي تعمل عليها منذ سنوات لجعل سوقها أكثر مرونة في ممارسة الأعمال وذلك في ظل المنافسة القوية من جيرانها وخاصة السعودية.
أبوظبي- تعطي مؤشرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) بشأن تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى الإمارات دليلا قويا على مرونة سوقها بفضل القوانين واللوائح التنظيمية ومرونة نظامها المالي والمصرفي.
ونمت رؤوس الأموال الخارجية بالسوق الإماراتية خلال العام الماضي بواقع عشرة في المئة بمقارنة سنوية لتحقق رقما قياسيا بلغ 23 مليار دولار.
وبالمثل كانت البلاد أحد مصادر الاستثمارات في الأسواق العالمية، حيث ضخت رؤوس أموال إلى الخارج تقدر بنحو 25 مليار دولار العام الماضي بزيادة 10 في المئة على أساس سنوي.
ويعد الاستثمار الخارجي من العوامل التي تعكس مدى جاذبية مناخ الأعمال في دولة مّا للمستثمرين الأجانب، وحتى المحليين، وتتميز الإمارات وفقا لتقارير البنك الدولي والأمم المتحدة بكونها من الدول العربية الأكثر ملاءمة وجذبا لرؤوس الأموال المباشرة .
ووجهت معظم هذه الاستثمارات، وفق المسؤولين الإماراتيين، إلى القطاعات غير النفطية لاسيما الصناعة والصحة والتكنولوجيا، كما أن البلاد جذبت رابع أكبر عدد من المشاريع الجديدة في العالم العام الماضي.
ورغم أن “تقرير الاستثمار العالمي 2023” الصادر عن الوكالة الأممية الأربعاء الماضي أشار إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة تراجعت 12 في المئة على المستوى العالمي، فإن الشرق الأوسط لا يزال نقطة مضيئة في اقتصاد عالمي متقلب.
وذكر التقرير أن الإمارات، ثاني أكبر اقتصاد عربي بعد السعودية، جذبت نحو 60 في المئة من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة بدول الخليج التي زادت لأكثر من مثليها مسجلة 37 مليار دولار.
في المقابل هوت الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالسعودية، أكبر اقتصاد في بالمنطقة، بنسبة 60 في المئة تقريبا إلى 7.9 مليار دولار في 2022، ما يؤكد أن أكبر بلد مصدر للنفط الخام في العالم يحتاج إلى المزيد من الوقت حتى يكون منافسا جديا لترجمة رؤية 2030.
وتنفذ البلدان الخليجية، التي تعول إلى حد كبير على إيرادات النفط والغاز، بما في ذلك سلطنة عمان وقطر، خططا لتنويع اقتصاداتها ومصادر دخلها وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وحققت الإمارات، التي تركز حكومتها على خمسة قطاعات تشمل التجارة الإلكترونية واللوجستيات، قفزات كبيرة في تقارير التنافسية للعام 2023 وتصدر دول العالم في 186 مؤشراً، وتبوأ المركز الأول عربيا في 508 مؤشرا.
واعتبر وزير الاقتصاد عبدالله المري أن النتائج الريادية وغير المسبوقة التي حققها الرصيد التراكمي لتدفقات الاستثمارات الأجنبية تؤكد رؤية القيادة في بناء اقتصاد قوي ومستدام، وتمثل إحدى ثمار الجهود لخلق مناخ استثماري تنافسي وسياسات اقتصادية مرنة.
الإمارات ستوقع اتفاقيات شراكة اقتصادية مع 24 دولة أخرى، ضمن مستهدفها لمضاعفة حجم الاقتصاد من 410 مليار دولار إلى 820 مليار دولار بحلول نهاية هذا العقد
ونسبت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية إلى المري قوله إن “النتائج تأتي استكمالاً للأداء القوي والاستثنائي الذي يحققه اقتصادنا في مختلف الأنشطة والقطاعات الاقتصادية والتجارية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية نحن الإمارات 2031”.
ولفت إلى أن تحقيق الدولة المرتبة الرابعة عالمياً في احتضان المشاريع الجديدة يعكس تعزيز مكانتها الرائدة كوجهة مفضلة للشركات العالمية والمستثمرين ورواد الأعمال من جميع أنحاء العالم، وبيئة جاذبة للمشاريع الريادية على المستويين الإقليمي والعالمي.
وسبق أن أكد المري أن بلاده ستوقع اتفاقيات شراكة اقتصادية مع 24 دولة أخرى خلال سبع سنوات، ضمن مستهدفها لمضاعفة حجم الاقتصاد من 1.5 تريليون درهم حاليا (410 مليار دولار) إلى 820 مليار دولار بحلول نهاية هذا العقد.
والإمارات واحدة من الدول الأكثر تقدما في تلك العملية، فقد طورت قطاعات مثل قطاع الخدمات المالية والتجارة والسياحة، بالإضافة إلى تنفيذ إصلاحات اجتماعية وإصلاحات في قطاع الأعمال.
ولعبت التشريعات والسياسات الاقتصادية التي انتهجتها دورا بارزا في بناء منظومة رائدة للاستثمار والأعمال وفق أفضل الممارسات العالمية وتسريع التحول نحو النموذج الاقتصادي الجديد القائم على المرونة والابتكار.
وأعلنت الإمارات في وقت سابق هذا الأسبوع إنشاء وزارة اتحادية جديدة للاستثمار لتطوير إستراتيجية للاستثمار الداخلي والخارجي في الوقت الذي تواجه فيه منافسة اقتصادية متزايدة من دول الجوار.
وقال حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مجلس الوزراء ونائب رئيس دولة الإمارات إن “هدف الوزارة الجديدة تطوير الرؤية الاستثمارية للدولة، وتحفيز البيئة الاستثمارية داخليا”.
التنافسية في 2023
- 186 مؤشرا تصدرتها الدولة عالميا
- 508 مؤشرا تصدرتها الدولة عربيا
وأضاف “نعمل على تعزيز تنافسية إجراءاتنا وتشريعاتنا بشكل مستمر لضمان بقاء الدولة وجهة عالمية للاستثمار وفاعلا رئيسيا في حركة الاستثمارات العالمية”.
وخلال السنوات الأخيرة عرفت الإمارات تحوّلات اقتصادية متسارعة واستثمارات ضخمة في النفط والنقل والتكنولوجيا والسياحة ومعظم القطاعات الأخرى لتصبح مقرا لأعداد كبيرة من الشركات العالمية الكبرى.
وتحتضن البلاد وخاصة إماراتي أبوظبي ودبي مجموعة قوية من الشركات الإقليمية سريعة النمو، بفضل ما توفره من لوائح تنظيمية مرنة وبيئة أعمال مدعومة بسعر صرف مستقر ونظام ضريبي منخفض.
وقال ثاني الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية إن “تقرير الأونكتاد يؤكد مكانة الإمارات وجهة عالمية رائدة لجذب رؤوس الأموال والاستثمارات الأجنبية الباحثة عن فرص لا مثيل لها حول العالم للنمو والازدهار”.
وأوضح أن هذا التقييم يأتي بالتزامن مع كون “بلدنا وجهة مفضلة للمبتكرين والموهوبين وأصحاب الأفكار الخلاقة من مختلف أنحاء العالم”. ووفق بيانات البوابة الرسمية للحكومة، فإن البلاد تحتضن أكثر من 45 منطقة حرة، تسمح بملكية كاملة للاستثمار الأجنبي.
كما تسمح دوائر التنمية الاقتصادية للمستثمرين بالملكية الكاملة في 122 نشاطا و13 قطاعا اقتصاديا، إلى جانب ما توفّره السلطات من مراكز أعمال صناعية وتجارية حديثة. وتعد القوى العامة ضمن الأكثر كفاءة ومهارة في العمل على مستوى العالم، ويسهم التعدد الثقافي للسكان في تعزيز الإنتاجية والابتكار لدى العمال والموظفين.