مدبلجو الأصوات يواجهون الذكاء الاصطناعي عبر منظمة جديدة

منظمة الأصوات المتحدة تحذر من الاستخدام العشوائي للذكاء الاصطناعي ما سيقضي على التراث الفني للإبداع.
الأربعاء 2023/07/05
الذكاء الاصطناعي يهدد بسرقة أصوات المدبلجين

مكسيكو - كثر الجدل بشأن تدخل الذكاء الاصطناعي في جميع المجالات حتى اعتبر البعض أنه يساهم في قتل الإنسان بطرده من أغلب الوظائف التي كانت تقوم بها البشرية. كما يزداد الجدل حدة مع تدخل الخوارزميات التوليدية في الفن والإبداع.

ولا تتوقف الحركات الاحتجاجية في الأوساط السينمائية والتلفزيونية مع احتداد الجدل حول الذكاء الاصطناعي والأدوار التي بات يلعبها مهددا العديد من المهن مثل كتابة السيناريو وحتى التمثيل.

وبينما أجل الممثلون في هوليود إضرابهم مازال كتاب السيناريو مضربين مما قد يؤدي إلى توقف تراجع الإنتاجات للشاشتين الكبيرة والصغيرة تقريبا.

وفي نفس الإطار يخوض الممثلون المتخصصون بدبلجة الأصوات في الأعمال السينمائية والتلفزيونية، وقارئو الكتب المسموعة في مختلف أنحاء العالم، مواجهة مع الذكاء الاصطناعي الذي يهدد مستقبلهم المهني، خاصة أنه قادر على إنشاء أصوات رقمية مطابقة للأصوات البشرية.

وأنشأت 20 نقابة ومنظمة عمالية من أوروبا والولايات المتحدة وأميركا اللاتينية “منظمة الأصوات المتحدة” التي تقوم بحملات من أجل الدفع نحو إقرار تشريع يوائم بين الذكاء الاصطناعي والإبداع البشري.

تحذيرات من الاستخدام "العشوائي وغير المنظم للذكاء الاصطناعي، ما قد يؤدي إلى القضاء على التراث الفني للإبداع الذي لا تستطيع الآلات إنتاجه"

وتحذر المنظمة من الاستخدام “العشوائي وغير المنظم للذكاء الاصطناعي، ما قد يؤدي إلى القضاء على التراث الفني للإبداع الذي لا تستطيع الآلات إنتاجه”.

وتقدم منصات عاملة بالذكاء الاصطناعي، مثل “ريفويسر دوت كوم”، مجموعة واسعة من الخدمات الصوتية مقابل رسم شهري قدره 27 دولارا، وهو مبلغ زهيد مقارنة مع ما يتقاضاه الأشخاص المحترفون في هذا المجال.

وتقول المنصة عبر موقعها الإلكتروني إن الخدمة “لا تهدف إلى استبدال الأصوات البشرية”، لكنها تقدم بديلا فعالا من حيث الكلفة.

وتوضح رئيسة الجمعية المكسيكية للعاملين في مجال الإلقاء الصوتي التجاري أن هذه التكنولوجيا الجديدة “تغذيها أصوات قدمناها على مدى سنوات”، مضيفة “نحن نتحدث عن حق الإنسان في استخدام الصوت والترجمة الفورية من دون موافقة”.

وتواصل شركات التكنولوجيا هذه توظيف مترجمين، لكن هؤلاء يدركون أن خدماتهم تسهم في تغذية أرشيف صوتي ضخم.

وينادي فنانو الصوت هؤلاء بإقرار قوانين لمنع استخدام أصواتهم من دون موافقتهم، وفرض “حصص عمالة بشرية”، كما يوضح المدبلج الكولومبي دانيال سولر دي لا برادا الذي مثل “منظمة الأصوات المتحدة” في الأمم المتحدة والمنظمة العالمية للملكية الفكرية.

وتتنافس شركات التكنولوجيا الكبرى، وأبرزها مايكروسوفت وغوغل، لتحقيق تقدّم في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي منذ إطلاق برنامج “تشات جي.بي.تي”، الذي حظي باهتمام عالمي فور طرحه في نوفمبر الفائت. لكن الأمر لا يقف عند ذلك الحد، إذ دخل الذكاء الاصطناعي عالم الفن والتأليف.

وقال أكاديميان أميركيان يكتبان في مجلة “ساينس”، إن أدوات الذكاء الاصطناعي قادرة على تقديم “وسائط فنية عالية الجودة للفنون المرئية، وفن المفهوم، والموسيقى والأدب، بالإضافة إلى الفيديو والرسوم المتحركة”.

وعلى الرغم من أنه من الممكن أن يبدو الفن الذي يتم تعلمه آليا، وكأنه تناقض لفظي، فقد ينتهي به الأمر “بتمكين نماذج جديدة من العمل الإبداعي وإعادة تشكيل النظام البيئي للوسائط”، بحسب ما يعتقده الباحثان.

الذكاء الاصطناعي يطرح بشكل واسع مسألة الملكية الفكرية محل نقاش.. وهو ما أثار بشدة حفيظة مدبلجي الأصوات الذين يقع استغلال أصواتهم

وقالا “إن القدرات التوليدية لهذه الأدوات ستقوم أساسا بتحويل العمليات الإبداعية، من حيث: كيف يصوغ المبدعون الأفكار ثم يدخلونها في حيز الإنتاج”.

وفي المقابل، من شأن هذا “التحول في الإبداع” أن يؤدي إلى “تعطيل العديد من قطاعات المجتمع”، وسيؤدي إلى تسريح الأفراد من أعمالهم، أو حتى تركهم دون عمل، بحسب ما توقعه الكثير من المحللين المعنيين.

ولعل هذا ما يثير حفيظة الكثير من العاملين في المجالات الإبداعية، وهي ليست مجرد مخاوف بل ردود أفعال على ما يحدث بالفعل إذ باتت أعمال ينتجها الذكاء الاصطناعي تتوج بالجوائز.

وقد أثار غلاف كتاب “بوب الساحر” (Bob the Wizard) جدلا واسعا، بعد فوزه بمسابقة أفضل غلاف للقصص الخيالية “SPFBO” في مايو المنقضي، كما فازت صورة الفنان الألماني بوريس إلداغزين التي حملت عنوان “Pseudomnesia: The Electrician” في فئة الإبداع المفتوح بمسابقة سوني العالمية للتصوير الفوتوغرافي، إذ لا تتوقف هذه التقنيات عند إنتاج الأعمال بل تسهم في التتويج من خلالها.

علاوة على ذلك فإن الذكاء الاصطناعي يطرح بشكل واسع مسألة الملكية الفكرية محل نقاش، إذ يستفيد من تخزين معلومات سابقة وأعمال فنية وأصوات وإيقاعات وغيرها لينشئ من خلالها عملا آخر، وهو ما أثار بشدة حفيظة مدبلجي الأصوات الذين يقع استغلال أصواتهم.

وكان البيت الأبيض قد نبّه في وقت سابق الرؤساء التنفيذيين لشركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة إلى مسؤوليتهم الأخلاقية لحماية المستخدمين من المخاطر الاجتماعية المحتملة للذكاء الاصطناعي. لكن يبدو أن هذه التقنيات بدخولها عوالم الفن بقوة مازالت مستمرة في التقدم شيئا فشيئا.

13