الأنبار في قلب الصراع بين السوداني والحلبوسي قبل الانتخابات المحلية

رئيس الوزراء العراقي يعتزم إدارة من موقع أدنى المحافظة التي تعد مركز الثقل الرئيسي لرئيس البرلمان، قبل شهر من الانتخابات لإضعاف حظوظه.
الاثنين 2023/07/03
دائرة الخصوم تتسع حول الحلبوسي

بغداد – مع قرب الانتخابات المحلية في العراق، تزداد حدة الصراع بين القوى السياسية، سواء كانت السنية أو الشيعية، وتتجلى أبرز هذه الصرعات في اعتزام رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إدارة محافظة الأنبار غربي البلاد من موقع أدنى لقطع الطريق أمام رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في المحافظة التي تعد مركز الثقل الرئيسي له، وذلك لإضعاف حظوظه في الفوز بمقاعد في مجالس المحافظات.

وتعد خطوة السوداني التي جاءت استجابة لطلب تحالف الأنبار الموحد بإدارة المحافظة لمدة شهر قبل انتخابات مجالس لمنع الحلبوسي من استغلال المشاريع الاقتصادية في حملته الانتخابية، لا تخلو من رسائل سياسية.

ويرة مراقبون أن السوداني يريد أن يوجه رسالة إلى الحلبوسي بأنه أصبح ورقة محترقة في المحافظة وأن هناك بدائل ستمثل المنطقة السنية في مجالس المحافظات والأقضية، كما يروم أن يحتوي المحافظة التي سبق أن استقبل في مكتبه ببغداد وفدا من شيوخ العشائر ووجهائها أكد لهم عدم وجود "خط احمر" في مسالة مكافحة الفساد.

ونقل موقع "شفق نيوز" عن مصدر حكومي وصفه بـ"المطلع"، قوله إن "السوداني، يعتزم إدارة محافظة الأنبار من موقع أدنى قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات بفترة قصيرة".

وأوضح أن "هذا التوجه جاء بعد طلب شخصيات عشائرية وسياسية أنبارية لضمان نزاهة الانتخابات ومنع استغلال موارد الدولة لصالح جهة سياسية على حساب جهات أخرى".

وأضاف المصدر -طلب عدم ذكر اسمه- أن "تسّلم رئيس الوزراء إدارة محافظة الأنبار من موقع أدنى، سيكون بفترة قصيرة جدًا، وربما لا تتجاوز الشهر قبل إجراء انتخابات مجالس المحافظات.

وأشار إلى أن هذا التوجه ربما يشمل محافظات أخرى، مستدركا أن "هذا الأمر قيّد الدراسة من قبل السوداني وفريقه، لكن ملف محافظة الأنبار شبه محسوم".

وكان تحالف الأنبار الموحد، قد طلب الاثنين الماضي، من رئيس الوزراء العراقي إدارة المحافظة من موقع أدنى، مبينا أن الحلبوسي ضرب أهم المشاريع الاقتصادية لتمويل حزبه "تقدم".

وتحالف الأنبار الموحد في محافظة الأنبار، التي تعد مركز الثقل الرئيسي للحلبوسي، يستهدف معارضته، ويقوده جمال الكربولي زعيم حزب الحل، ويضم رافع العيساوي، نائب رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، الذي كان ملاحقا بتهم "الإرهاب" وظهر قبل نحو عام في العراق في إطار ترتيبات يُعتقد أن المالكي كان يقف وراءها لأجل إضعاف نفوذ الحلبوسي، وبدأ من الوهلة الأولى بقيادة حراك شعبي وعشائري ضد الحلبوسي، قبل أن يجد طريقه إلى تحالف الأنبار الموحد.

وقال القيادي في التحالف طه عبدالغني في حوار تلفزيوني إن "إعفاء محمد العاني من إدارة صندوق إعمار المناطق المحررة أغلق أول مكتب اقتصادي لحزب تقدم".

وأضاف "نطالب بالتحقيق في مشروعين أحالهما صندوق الإعمار قبل شهرين وان السلطات مطالبة بالتحقيق في مشروع ماء الرحالية وإنارة السريع الدولي".

وأشار إلى أن "فساد الأراضي في الأنبار كبير ولا يقارن بسرقة القرن"، موضحا أن "الموظف الذي يتحدث عن الفساد بالأنبار يتم نقله". داعيا السوداني إلى "إدارة المحافظة من موقع أدنى".

والأسبوع الماضي قرّر السوداني إعفاء رئيس صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية شمالي وغربي البلاد محمد هاشم العاني من منصبه، وذلك بعد أشهر من الجدل المتواصل حول أداء الصندوق وآلية توزيع المشاريع في المناطق والمحافظات.

وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي في بيان، إنه " تقرر تكليف سعد فيصل أمين الجبوري بمهام إدارة الصندوق بدلاً عنه".

وواجهت إدارة الصندوق، خلال الأشهر الماضية، عدة اتهامات، من بينها سوء توزيع المشاريع ورداءة الشركات والتمييز بين محافظة وأخرى في منح المشاريع والأولوية بين المناطق.

وأقرت هيئة النزاهة العراقية، في ديسمبر الماضي، "بوجود مشاكل في صرف النفقات وضياع سجلات مالية داخل الصندوق"، حيث طالبت في تقرير صادر عنها "بإعادة النظر في النظام الإداري داخل الصندوق".

وفي العام 2015، أسس العراق صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية، إثر اجتياح تنظيم داعش مساحات واسعة من البلاد، وبدء عمليات عسكرية تسببت في دمار واسع في مناطق شمال وغرب العراق.

ومنح البرلمان الصندوق صلاحيات واسعة في توزيع المشاريع وتحديد النفقات والأولويات فيها، ليكون جهازا ينسق بين المنظمات الدولية والوزارات العراقية في عمليات إعادة الإعمار في المناطق التي يجرى تحريرها من سيطرة تنظيم داعش.

والثلاثاء الماضي طالب تحالف الأنبار الموحد، السوداني بتنفيذ إجراءات قانونية تخص الحلبوسي، فيما أكد على ضرورة تبني جهاز المخابرات ملف الدعم الخارجي لرئيس البرلمان.

وقال القيادي بالتحالف، محمد دحام، إن "الدعم المقدم لرئيس البرلمان في حالة كان خارجيا فهذا ملف امن دولة، ولابد من جهاز الأمن الوطني والمخابرات تبنيه".

وتابع "أما في حالة كان الدعم داخلياً فلدينا هيئة الرقابة ولجنة النزاهة وهما المسؤولين عن متابعة أموال المسؤولين مهما كانت مناصبهم"، لافتا إلى أن "الدولة تعرف جيداُ ماذا يدار في مؤسساتها".

وطالب القيادي في تحالف الأنبار الموحد، السوداني بـ"تنفيذ اجراءات قانونية حقيقية سواء كانت تمس رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي أو غيره بشأن الثروات المالية الطائلة".

وكان عضو تحالف العزم، حيد الملا، أكد أن الحلبوسي حصل على رئاسة البرلمان نتيجة عملية سياسية مشوهة ويحاول إقصاء كل الأطراف السياسية متوهما بالنجاح، لافتا الى أن رئيس البرلمان يملك ثروة طائلة.

وكان عضو تحالف الفتح غضنفر البطيخ، قد طالب مجلس القضاء الأعلى والادعاء العام بملاحقة ثروة رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي.

ويقول مراقبون إن تحالف الأنبار الموحد لا يعارض الحلبوسي فقط، وإنما أيضا رئيس تحالف عزم خميس الخنجر الذي انشق عن تحالف السيادة.

والملفت في خارطة التحالفات أن العيساوي يدعم حكومة السوداني، مما قد يوحي بنشوء كتلة عريضة تستهدف نفوذ المالكي من جهة، والحلبوسي من جهة أخرى.

ويقول المراقبون أن التحالف يضم قيادات سياسية مما يمكن تسميتهم بالرعيل الأول، غير أن جميع هؤلاء القادة لهم مشكلات مع مجتمع محافظة الأنبار وبقية المحافظات السنية، بما قد يعني أن غالبية الجماهير في هذه المحافظات، ترفض عودة هؤلاء للمشهد السياسي، على اعتبار أن التحالف لا يمتلك رؤية سياسية يمكنه من منافسة القوى السياسية الحالية، مشيرين أن شعار محاربة الفساد لن يمكن التحالف من ضرب القوى الأخرى، وأن كثيرا من هذه الزعامات عليها ملفات فساد.