المحكمة العليا في فرنسا تقر حظر ارتداء الحجاب في مباريات كرة القدم النسائية

باريس- أيّد مجلس الدولة الفرنسي الخميس حظرا على ارتداء الحجاب في مباريات كرة القدم النسائية، ضمن مساعي فرنسا للحفاظ على هويتها العلمانية في إطار الجدل الواسع الذي يثار حول الرموز الدينية، وخاصة الحجاب الذي صار يثير الكثير من ردود الفعل الفرنسية في المؤسسات التربوية والمسابح وأخيرا في ملاعب كرة القدم النسائية.

واعتبر مجلس الدولة، وهو بمثابة المحكمة العليا، في قراره أن اللاعبات يقمن بخدمة عامة وبالتالي لا يخضعن لواجب “الحياد”، ولكن يمكن للاتحاد الفرنسي لكرة القدم أن يسن القوانين التي يراها ضرورية لـ”حسن سير” المباريات.

وأوضح مجلس الدولة في بيان صحفي أنّ “الاتحادات الرياضية، المسؤولة عن ضمان حسن سير الخدمات العامة المنوطة بإدارتها، يمكنها أن تفرض شرط الحياد على اللاعبات من ناحية الملابس أثناء المنافسات والأحداث الرياضية من أجل ضمان حسن سير المباريات ومنع أي صدام أو مواجهة”.

وكانت جماعة “المحجبات” قد طعنت في شرعية المادة الأولى من لوائح الاتحاد الفرنسي للعبة التي تحظر منذ عام 2016 “ارتداء أي علامة أو ملابس تظهر بوضوح الانتماء السياسي أو الفلسفي أو الديني أو النقابي”.

واستندت بشكل خاص إلى قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) التي سمحت للاعبات منذ 2014 بارتداء الحجاب خلال المشاركة في المسابقات الدولية.

وحصلت هذه الجماعة على دفع معنوي الاثنين عندما خلص المستشار القانوني للدولة إلى أن القاعدة غير مبررة؛ وذلك باعتبار أنه لا توجد “دعوة” ولا “استفزاز” بمجرد ارتداء الحجاب أو “ضرورة الحياد”، ما أدى إلى موجة من الإدانات السياسية.

وكانت الجماعة، التي أُنشئت في فرنسا عام 2020 والمكونة من لاعبات كرة القدم، قد تقدمت بطلب في نوفمبر 2021 تطالب فيه بالسماح للاعبات المسلمات بارتداء الحجاب أثناء المباريات.

وقال وزير الداخلية جيرالد دارمانان المتشدد في تطبيق القوانين والأنظمة الثلاثاء “يحدوني أمل كبير في أن يحافظ (القضاة) على الحياد في الملاعب الرياضية”.

وأضاف أن “المحجبات” يردن أن يوجهن إلى الجمهورية “ضربة قاضية”، وأنه “لا ينبغي ارتداء الحجاب عندما تمارَس الرياضة… عندما تلعب كرة القدم لا تحتاج إلى معرفة دين الشخص الذي أمامك”. كما تعالت أصوات أخرى من حزب الجمهوريين المحافظ والتجمع الوطني اليميني المتطرف منادية بمنع ارتداء الحجاب في التظاهرات الرياضية.

وكتبت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن على موقعها في تويتر “لا للحجاب أثناء ممارسة الرياضة. وسنصدر قانونا لضمان احترام ذلك”.

في المقابل قالت محامية جماعة “المحجبات” ماريون أوجييه إنها استاءت من هذا القرار الذي “يهز العلمانية وحرية التعبير” و”يقوض ثلاثين عاما من الاجتهاد القضائي” بشأن هذه المسألة.

وتطبق فرنسا، التي فيها إحدى أكبر الأقليات المسلمة في أوروبا، قوانين تهدف إلى حماية نموذجها العلماني الصارم الذي قال الرئيس إيمانويل ماكرون إن الإسلاميين يشكلون خطرا عليه.

وتبذل السلطات الفرنسية ما في وسعها لمحاصرة ما يسميه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالانفصالية الإسلامية التي بدأت تسيطر على ظهور الجالية المسلمة في المساجد وغيرها. ويثير الحجاب ردود فعل كثيرة من الفرنسيين، وكثيرا ما مثل مادة انتخابية.

ويمنع القانون الفرنسي ارتداء الرموز الدينية في المدارس والجامعات، ما يعني أنه يحظر ارتداء الحجاب الإسلامي داخل المؤسسات التربوية، غير أن القانون الفرنسي لا يمنع ارتداء الحجاب في الفضاء العام، ويقتصر هذا المنع على ارتداء النقاب ويفرض على المخالفات غرامات باهظة.

وفي 2014 أيدت المحكمة العليا الفرنسية حكما يقضي بتسريح عاملة رعاية يومية مسلمة بعد ارتدائها الحجاب في روضة أطفال خاصة تطبق على موظفيها قواعد حيادية صارمة. ومنعت فرنسا، التي توجد فيها أكبر جالية مسلمة في أوروبا، ارتداء الحجاب في المدارس الحكومية سنة 2004.