خطط السعودية الطموحة لزيادة أعداد الحجاج تصطدم بتغيرات المناخ

مناسك الحج تنطلق في السعودية في ظل خطة واسعة النطاق لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لإصلاح اقتصاد المملكة.
الجمعة 2023/06/23
موسم حج صعب على المعتمرين

مكة (السعودية) - لدى المملكة العربية السعودية خطط طموحة لاستقبال الملايين من الحجاج الإضافيين في أقدس المواقع الإسلامية، ولكن مع ارتفاع درجة الحرارة نتيجة تغير المناخ، قد يصبح موسم الحج السنوي، الذي تتم الكثير من طقوسه في الهواء الطلق في الصحراء، أكثر صعوبة.

وتثير زيادة أعداد الحجاج، مع الزيادة المصاحبة في النقل الجوي الدولي وتوسع البنية التحتية، أيضا مخاوف بشأن الاستدامة، حتى في الوقت الذي تسعى فيه شركة النفط العملاقة (أرامكو) لتحقيق هدف الحصول على نصف طاقتها من الموارد المتجددة بحلول عام 2030.

وتنطلق في السعودية الأسبوع المقبل مناسك الحج بعد إلغاء القيود المفروضة خلال جائحة فايروس كورونا. وكان حوالي 2.5 مليون شخص شاركوا في مناسك الحج في عام 2019، ومن المتوقع أن يصل عددهم إلى مليوني حاج هذا العام.

لا تكفي الإجراءات حسنة النية، مثل شبكة سكك الحديد السريعة، لإزالة تلوث حركة المرور في المدينة المقدسة وحولها

وفي ظل خطة واسعة النطاق لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لإصلاح اقتصاد المملكة، والمعروفة باسم “رؤية 2030″، سيشارك 30 مليون حاج في الحج والعمرة، بزيادة تقدر بأكثر من 10 ملايين عن مستويات ما قبل الجائحة.

وسيتطلب ذلك توسعا هائلا في الفنادق والبنية التحتية الأخرى في مكة المكرمة والمدينة المنورة، والمدن القديمة التي طمست إلى حد كبير بسبب الأبراج الشاهقة ومراكز التسوق.

وسيحتاج الحجاج الإضافيون إلى المزيد من الرحلات الطويلة والمزيد من الحافلات والسيارات، والمزيد من المياه والكهرباء.

وتواصلت وكالة أسوشيتد برس مع العديد من المسؤولين السعوديين بشأن أسئلة مفصلة لكنها لم تتلق أي رد.

وليس من الواضح ما هي الدراسات التي أجرتها الحكومة، إن وجدت، بشأن التأثير البيئي للحج أو ما إذا كان ذلك يدخل في نطاق خططها. ولا تكفي الإجراءات حسنة النية، مثل شبكة سكك الحديد عالية السرعة، لإزالة تلوث حركة المرور في المدينة المقدسة وحولها.

وتتنقل القطارات عبر الأراضي القاحلة بسرعات قصوى تبلغ 300 كيلومتر في الساعة (186 ميلاً في الساعة)، وتحمل الحجاج بعربات مكيفة من جدة إلى مكة. لكنهم يتوقفون على بعد عدة كيلومترات من المسجد الحرام، مما يعني أنه يجب عليهم إما المشي لمدة ساعة على الأقل أو ركوب الحافلة أو السيارة إلى الموقع المقدس.

وقد يكلف سعر الذهاب الواحد من مطار جدة إلى مكة 19 دولارا، وهو مبلغ ليس في متناول الحجاج ذوي الدخل المنخفض.

والحج هو أحد أركان الإسلام الخمسة، ويجب على جميع المسلمين القادرين عليه القيام به مرة واحدة على الأقل في حياتهم.

وبالنسبة إلى الحجاج، فإن اقتفاء أثر خطى النبي محمد هو تجربة دينية عميقة تمحو الذنوب، وتعمق إيمان المرء وتوحد المسلمين في جميع أنحاء العالم.

وتعود جذور شرعية العائلة الحاكمة في السعودية إلى حد كبير إلى وصايتها على أقدس المواقع الإسلامية وقدرتها على استضافة أحد أكبر التجمعات الدينية السنوية على هذا الكوكب.

ووجد الخبراء أن الحج يساهم في تغير المناخ وسيتأثر به في العقود القادمة حيث أن أحد أكثر الأماكن حرارة على وجه الأرض سيصبح أكثر دفئًا.

وخلصت دراسة أجراها خبراء من جامعة فيكتوريا في ملبورن عن موسم عام 2018 أن الحج الذي استمر خمسة أيام أنتج أكثر من 1.8 مليون طن من غازات الاحتباس الحراري، أي ما يعادل الكمية التي تنبعث من مدينة نيويورك كل أسبوعين. وكان أكبر مساهم هو الرحلات الجوية التي كانت مسؤولة عن 87 في المئة من الانبعاثات.

وقال عبدالله أبونومي الباحث السعودي وأحد مؤلفي الدراسة إن السلطات السعودية تبنت الاستدامة كجزء من رؤية 2030، والتي تدعو إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية من أجل جذب الحجاج والسياح والشركات.

موسم استثنائي بعد رفع كل القيود
موسم استثنائي بعد رفع كل القيود

وأضاف أبونومي “لقد تغير كل شيء”، مشيرًا إلى إنشاء مراكز وطنية لتنسيق السياسات المستدامة، وإنشاء شرطة بيئية لقمع الانتهاكات ودمج الاستدامة في الدورات الجامعية حول السياحة.

وقال “إذا سألت قبل أربع سنوات عن الاستدامة (…) فلا أحد يفهم ماهيتها، لكن اليوم، كل شيء سيكون أفضل. وأنا أعلم أننا تأخرنا، لكن أن نأتي متأخرين أفضل من أن لا نأتي”.

وفي الماضي، كما يقول الباحث السعودي “كانت السيارات والحافلات المزدحمة بالحجاج تملأ الشوارع حول مكة، مما يؤدي إلى تجشؤ العوادم في الهواء، لكن توسيع المسجد الحرام أدى إلى ساحات فناء أكبر وزيادة المشاة في معظم الطرق المؤدية إلى الحرم الشريف”.

ومع ذلك، حلت الاختناقات البشرية محل حركة المرور. ومن أجل السفر حول مشعري منى وعرفات، وهما من أهم مواقع الحج، تنتشر هناك السيارات والحافلات. ويبدو السير على الأقدام في هذه المناطق شديدة الحرارة شاقا، لكنه قد يكون أسرع من السيارات.

وفي طموحاتها لموسم الحج تواجه السعودية تحدي إدارة أعداد ضخمة من الحجاج في عالم سريع الاحترار.

وخلال الشعائر غالبًا ما يمشي الحجاج لساعات في الخارج، ويتسلقون تلة صحراوية تُعرف باسم جبل الرحمة، حيث يقال إن النبي ألقى خطبته الأخيرة.

وفي إحدى الأمسيات هذا الأسبوع قبيل غروب الشمس في مكة، كانت درجات الحرارة تقترب من 37 درجة مئوية. وجعلت الحشود الجو أكثر سخونة، ما أدى إلى خنق أي تدفق للهواء.

وخلصت دراسة أجراها خبراء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا عام 2019 إلى أنه حتى إذا نجح العالم في التخفيف من أسوأ آثار تغير المناخ، سينظم الحج وسط درجات حرارة تتجاوز “عتبة الخطر الشديد”.

3