هيئة الاستعلامات المصرية تحتج على مجلة "الإيكونوميست" البريطانية بسبب "الأكاذيب"

الإعلام الدولي يُبدي اهتماما أكبر بقضايا الاقتصاد المصري والسياسة الخارجية والملف الحقوقي والأمني .
الأربعاء 2023/06/21
تقارير لا تخلو من تسييس

القاهرة - أعلنت هيئة الاستعلامات المصرية استدعاء مراسل مجلة “الإيكونوميست” البريطانية بسبب “تقرير سلبي” نشرته المجلة وتضمن “أكاذيب” عن الأوضاع في مصر، وفقا لبيان صدر عن الهيئة.

وقالت الهيئة الحكومية التي تتبع رئاسة الجمهورية إن تقرير المجلة عن الأوضاع في مصر كان “سلبيا”، وتضمن “الكثير من المغالطات والأكاذيب، وبأسلوب يفتقد إلى أبسط القواعد المهنية المتعارف عليها عالمياً والمعمول بها في المجال الإعلامي”.

وردا على هذا التقرير أعلنت الهيئة استدعاء مراسل المجلة في مصر وتسليمه “خطاب احتجاج على ما ورد في التقرير”، وطالبت المجلة بـ”التحلي بالموضوعية والحياد، واحترام قواعد مهنة الصحافة عند تناولها لشؤون مصر، والعودة إلى الجهات المعنية لأخذ كل الآراء ووجهات النظر في الاعتبار كما تقضي بذلك ضوابط وأخلاقيات العمل الصحفي والإعلامي”.

وجاء في بيان نشرته الهيئة على موقعها “لقد انتهك تقرير ‘الإيكونوميست’ كل قواعد وأخلاقيات العمل الصحفي وتضمن ترديد أقاويل مرسلة لا سند لها، وإلقاء الاتهامات جزافاً، والاعتماد على مصادر جميعها مجهولة، ونشر أرقام وبيانات خاطئة دون الاستناد إلى أي مصدر، وغير ذلك من ادعاءات ومعلومات مغلوطة تنم عن عدم دراية بما يحدث في مصر على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.

الاستعلامات تصف تقرير المجلة البريطانية بـ"المنحاز" ويتعمد "الإساءة والتشويه"

وتتعلق اتهامات الحكومة المصرية للمجلة بتقرير لها صدر يوم 15 يونيو الجاري عن صعوبة الأوضاع المعيشية في البلاد بسبب تراجع قيمة العملة وارتفاع قيمة التضخم، لكنه أشار أيضا إلى أن السيسي “نفذ العديد من الوعود” بعد تولي السلطة.

وخصصت الهيئة بيانا مفصلا بملاحظاتها، وقالت إن مٌعد التقرير “نصب نفسه معبرا عن إرادة الشعب المصري ومتحدثا باسمه” باستخدامه “تعبيرات عامة مبهمة مثل حديثه ‘يرى معظم المصريين، يخشى المصريون'”.

وردت الاستعلامات المصرية على بعض النقاط التي تطرق إليها التقرير من ضمنها حجم التضخم في أسعار المواد الغذائية في مصر، الذي قالت المجلة إنه وصل إلى 60 في المئة وغيرها من النقاط، لكنها لم ترد على الفقرة التي تحدث فيها المقال عن “عدم ثقة السيسي بجنرالات الجيش وتغيير أدوارهم بشكل مستمر”.

وقالت المجلة إن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي “ربما يريد كبح طموح محمود حجازي مدير المخابرات الحربية السابق (والد زوجة ابن السيسي)”. وأضافت “يُعتقد أن الرئيس المصري ينام في مكان مختلف كل ليلة”، وتابعت بتعليق ساخر “في نهاية المطاف، لديه ما يكفي من المنازل الجيدة للاختيار من بينها”.

وجاء في تقرير المجلة أن الرئيس المصري يطلب “إعطاء المرأة نصف الميراث، رغم أنه متدين”، وهو ما نفته الهيئة بالقول “لقد بلغ انحياز تقرير ‘الايكونوميست’ وتجاوزاته المهنية حد اختلاق وقائع، ونشر أكاذيب واضحة زاعماً أنها حقائق، لدرجة أن بعض هذه الأكاذيب جاء مثيراً للدهشة، ومنها أن الرئيس ‘أيَّد إصلاح المبادئ القرآنية”.

وتابعت الهيئة بالقول “لم يطالب أحد بإصلاح المبادئ القرآنية، فهي تحظى باحترام الجميع في مصر، ولم يطالب الرئيس ولا أي جهة في مصر بتغيير نصيب المرأة المنصوص عليه في القرآن، إن ما حدث هو عكس ذلك، وهو تجريم حرمان المرأة من الحصول على حقها ونصيبها في الميراث الذي نص عليه الشرع، وليس تغيير هذا النصيب”.

ووصف التقرير الحوار الوطني في مصر بـ”الخدعة القديمة”، لترد الهيئة بالقول “الحوار الوطني يحظى بمشاركة كافة التيارات السياسية وليس خدعة ولا تمثيلية”، على حد قولها.

يذكر أن المنسق العام للحوار الوطني في مصر ضياء رشوان وهو أيضا رئيس الهيئة العامة للاستعلامات استبق انطلاق جلسات الحوار المباشرة وعقد اجتماعاً مطولاً مع وسائل إعلام عربية وأجنبية ووعد بإتاحة الفرصة أمامها لتغطية الجلسات دون صعوبات.

وتتكرر اللقاءات التي يعقدها رئيس الهيئة مع ممثلي وسائل الإعلام الأجنبية ومندوبيها، لكن ذلك لم يؤد في النهاية إلى تحسن ملموس في الأدوات التي تساهم في إتاحة حرية المعلومات.

كما وصفت الاستعلامات تقرير المجلة البريطانية بـ”المنحاز” ويتعمد “الإساءة والتشويه”، وأشارت إلى أنه يستند إلى مصادر مجهولة، زاعمة أن جملة ذكرها مصدر وقال فيها عن السيسي “إن هذا الرئيس قتل رئيسنا” تثبت أن المصدر ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين.

التقرير وصف الحوار الوطني في مصر بـ"الخدعة القديمة"، لترد الهيئة بالقول "الحوار الوطني يحظى بمشاركة كافة التيارات السياسية وليس خدعة ولا تمثيلية"

وردت الاستعلامات المصرية على ما ذُكر في التقرير حول أن عدد السجناء السياسيين في مصر يصل إلى 60 ألف سجين، وقالت “مجرد تكرار لزعم كاذب فشلت الجماعة التي اختلقته في إثبات أي دليل على وجود أي نسبة من هذا العدد، أو وجود ما يطلق عليه ‘سجين لأسباب سياسية’ في مصر، فهو تعبير لا يوجد في القانون أو القضاء المصري”، مشيرة إلى أن التقرير تجاوز “الإجراءات الإيجابية التي شهدها ملف السجون والسجناء في السنوات الأخيرة وقرارات العفو الصادرة عن السيسي”.

وقالت مؤسسة “حرية الفكر والتعبير” التي تتخذ من القاهرة مقرا لها، إن الهيئة العامة للاستعلامات إحدى أهم أدوات السلطة المصرية في الضغط على وسائل الإعلام الأجنبية العاملة في مصر، وذلك بعد الصلاحيات الواسعة التي منحت لها في 2018.

وانتقدت الهيئة ذكر التقرير أرقاما قالت إنها لا تستند إلى مصادر موثوقة وكان من ضمنها أن “المساعدات الخليجية لمصر بلغت 100 مليار دولار، وأن كلفة العاصمة الإدارية 58 مليار دولار، وكلفة خطوط السكك الحديد 23 مليار دولار”.

وردت الهيئة على نقاط أخرى كان من بينها التفكير بـ”تأجير قناة السويس”، وأن كلفة “مضادات الاكتئاب” تضاعفت، نافية صحة هذه المعلومات، كما أشارت إلى أن الحديث عن ترشيح أسماء مثل حازم أبوإسماعيل أو محمد صلاح أو أحمد فؤاد للرئاسة المصرية هو “هزل سخيف مهين لإرادة شعب مصر”.

لكن تقرير المجلة قال إن السيسي “أنجز الكثير مما وعد به” مثل إنشاء خط قطارات فائقة السرعة من المقرر أن يمتد من البحر الأبيض المتوسط إلى البحر الأحمر، وتقليل الروتين الحكومي وتقليص الاختناقات المرورية، وتشديد عقوبات إجراء عمليات ختان الإناث.

وجاء عنوان المقال الذي نشرته المجلة في 15 يونيو الجاري “المصريون ساخطون على الرئيس عبدالفتاح السيسي”، وأشارت جملته الافتتاحية إلى أن المصريين “خائفون من الفوضى في حال خروجهم إلى الشارع”.

وحسب دراسة بحثية صدرت مؤخراً للهيئة العامة للاستعلامات، فإن الإعلام الدولي يولي اهتماما أكبر بقضايا الاقتصاد المصري والسياسة الخارجية والملف الحقوقي والأمني والسياحة والآثار. واتسمت غالبية التغطيات لهذه الملفات بالحياد.

5