رئيس المجلس الأوروبي: استقرار تونس أولوية لنا

تونس - قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الخميس، إن استقرار تونس يعد “أولوية أوروبية”. وجاءت تصريحات المسؤول الأوروبي لتعزز حالة السيولة الإيجابية التي تشهدها العلاقة بين تونس والاتحاد الأوروبي مؤخرا بعد فترة من الفتور.
وأكد ميشال أن “استقرار تونس الاقتصادي وديمقراطيتها من أوكد أولوياته”، مضيفا أن “الاتحاد الأوروبي سيظل ملتزما مع تونس من أجل مواجهة تحدي الهجرة غير النظامية”.
وكان رئيس المجلس الأوروبي أجرى الأربعاء اتصالا هاتفيا مع الرئيس التونسي قيس سعيد تم خلاله بحث القضايا المشتركة ولاسيما تزايد ظاهرة الهجرة غير النظامية عبر السواحل التونسية إلى إيطاليا، وأيضا الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وقال سعيد خلال الاتصال إن تونس لا يمكن أن تكون حارسة إلا لحدودها، لافتا إلى أن “هناك جماعات إجرامية تتاجر بالبشر في الدول التي ينطلق منها المهاجرون أو في الدول التي يتجهون إليها في أوروبا”.
وجدّد الرئيس التونسي “موقفه من ظاهرة الهجرة والتي لا يمكن مقاربتها إلا بصفة جماعية تقضي على الأسباب ولا تقتصر على معالجة النتائج”.
من جهة ثانية شدد سعيد خلال الاتصال على أن “شروط وإملاءات” صندوق النقد الدولي “غير مقبولة ولو طبقت ستهدد السلم الاجتماعي”.
وقال إن “اتفاقيات بريتون وودز ليست قدر الإنسانية، وأن الشروط أو الإملاءات غير مقبولة لأنها لو طُبّقت كما جُرّبت سنة 1984 ستؤدي إلى تهديد السلم الاجتماعي”.
ويبدي الاتحاد الأوروبي اهتماما متزايدا بمساعدة تونس اقتصاديا بما يمكنها من مواجهة تحديات الهجرة غير النظامية التي تحولت إلى مصدر قلق كبير بالنسبة إلى أوروبا ولاسيما لإيطاليا.
وقد قام ثلاثة من القادة الأوروبيين وهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته بزيارة إلى تونس الاثنين الماضي حيث التقوا بالرئيس سعيد.
وأعلنوا في ختام تلك الزيارة عن حزمة من الدعم الاقتصادي المجزي لتونس تناهز 900 مليون يورو، لكنهم ربطوا الأمر بالتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
كما أعلنت المفوضية عن دعم فوري بقيمة 150 مليون يورو (165 مليون دولار) إضافية، لدعم الميزانية في تونس، ومبلغ 100 مليون يورو (109 ملايين دولار) لإدارة الحدود والبحث والإنقاذ ومكافحة التهريب والهجرة.
ويرى خبراء تونسيون أن إيطاليا هي التي دفعت الاتحاد الأوروبي إلى التحرك من أجل دعم تونس تحسبا لانهيار الوضع الاقتصادي وتدفق المزيد من المهاجرين غير النظاميين إلى أراضيها.
وقال وزير الخارجية التونسي الأسبق أحمد ونيس إن “الحكومة الإيطالية عملت على هذا البرنامج.. ولا بد أن نفهم أركان اللقاء الذي حصل مؤخرا والذي كان قمة متميزة بين تونس وأوروبا”.
واعتبر ونيس أن أول أركان هذا اللقاء بين سعيد والمسؤولين الأوروبيين هو “أن إيطاليا لها أولويات عالية وخطيرة وسعت للتغلب عليها بإمكانياتها وبالاتفاق مع تونس، ثم اضطرت إلى الاستعانة بالاتحاد الأوروبي، ما يضمن لها النتائج القريبة والبعيدة”.
أما الركن الثاني لهذا اللقاء، وفق ونيّس، فهو أن “إيطاليا والاتحاد الأوروبي يعيان أن لتونس مصاعب من نوع آخر، وهي مصاعب اقتصادية ومالية، وأنها مضطرة إلى دعم حلول صعبت عليها، وما زالت تتخبط فيها دون آفاق”.
وأضاف أن الأوروبيين يدركون أن “تونس لا يمكنها مواجهة تحدي الهجرة غير النظامية إلا عندما تكون الحكومة واثقة من نفسها ومستقرة وتغلبت على المصاعب التي تعاني منها منذ أكثر عام”.
وخلص إلى أن “هذا هو التفكير الذي وحد المقاربة الجماعية بين الوفود الأوروبية وتونس، وجعل إيطاليا تقبل بتبنّي الندوة القريبة حول الهجرة التي اقترحتها تونس، وكذلك الاتحاد الأوروبي يتبنى المشاريع بجملتها التي ستعين تونس على التخلص من الأزمة الخاصة بها”. من جهة ثانية اعتبر الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي عزالدين سعيدان أن المبلغ المخصص للمساعدة على مقاومة الهجرة غير النظامية يبقى غير كاف.
وقال سعيدان إن “مبلغ 100 مليون يورو لا يمكن أن يكون كافيا لمقاومة الهجرة غير النظامية، لأن العملية مكلفة إلى حد بعيد، ولكن هناك 900 مليون يورو مقدمة كتمويلات أخرى للاقتصاد التونسي.. والعملية حزمة كاملة”. وأضاف أن “هناك العديد من التساؤلات، ما هو إطار الاتفاق؟ من الذي تفاوض؟ هل تمت استشارة أطراف أخرى لها خبرة في الميدان؟ لا نعرف حتى المحتوى الدقيق للمحادثات، لا نعرف سوى البيان المشترك”.
ووفق سعيدان “البرنامج كله مشروط بتوصل تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، والواضح أن ميزانية تونس تحتاج إلى 5 مليارات دولار على شكل قروض أجنبية إلى جانب قروض داخلية”.
ويرى الخبراء أن تونس ليس لها من خيار لحل أزمتها الاقتصادية سوى التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد، لكن النقطة المضيئة أن الشركاء الدوليين وبينهم الولايات المتحدة يبدون منفتحين على تقديم تونس نسخة معدلة عن الاتفاق المبدئي الذي جرى التوصل إليه في سبتمبر الماضي بين الحكومة التونسية والمؤسسة المالية والذي رفضه لاحقا الرئيس سعيد، مشيرين إلى أن روما لعبت الدور الأساس في هذا التغير، والكرة حاليا في ملعب الرئيس التونسي.