التقلبات العالمية تختبر مرونة صناعة البتروكيماويات في السعودية

توقعات بانحسار أرباح شركات القطاع بنحو 25 في المئة في 2024.
الخميس 2023/06/15
الرؤية ستصبح أكثر وضوحا

تجد صناعة البتروكيماويات السعودية نفسها هذه الفترة بين مطرقة رفع محتمل لأسعار المواد الخام وسندان رفع الفائدة مجددا، مما قد يفقد الشركات هوامش أرباح مجزية أو تزيد ديونها بعض الشيء حال عدم تمرير الزيادة في أسعار مدخلات الإنتاج للمستهلكين.

الرياض- يواجه قطاع البتروكيماويات السعودي اختبارا صعبا خلال الفترة المقبلة للمواءمة بين متطلبات السوق والضغوط المنجرة عن التقلبات الاقتصادية العالمية.

ويقول خبراء إن القطاع يقع اليوم بين مطرقة رفع محتمل لأسعار مدخلات الإنتاج في 2023 وسندان أسعار الفائدة المرتفعة، خاصة مع احتمال أن يحذو البنك المركزي السعودي حذو نظيره الأميركي الذي قد يخالف التوقعات ويزيد من تشديد سياساته النقدية.

وتستعد شركات القطاع لزيادة محتملة في أسعار المواد الخام، وهو ما يثير تخوفات بتكرار سيناريو عام 2016 عندما تقلصت هوامش ربحيتها على نحو مزعج.

لكن محللي وكالة التصنيف الائتماني ستاندارد آند بورز لديهم اعتقاد أن تأثير هذه الزيادة محدود عند مقارنتها بتداعيات أسعار الفائدة على هذه الشركات.

عبدالكريم الناهض: دورة التشديد النقدي والتكاليف تضغطان على أعمال القطاع
عبدالكريم الناهض: دورة التشديد النقدي والتكاليف تضغطان على أعمال القطاع

ومنذ منتصف العام الماضي، تتناقل وسائل إعلام محلية أخبارا عن توجه وزارة الصناعة السعودية لزيادة أسعار مواد الخام لشركات البتروكيماويات، مشيرة إلى أن القرار قد يتخذ في الربع الأخير من العام الجاري.

وتقدر ستاندارد آند بورز أن الخطر الأكبر على هوامش أرباح شركات البتروكيماويات السعودية المدرجة هو أسعار الفائدة لما لها من تأثير على إعادة تمويل الديون ومستويات السيولة.

وقالت الأربعاء إنها تراقب عن كثب قرارات السياسة المالية والإجراءات التي تتخذها شركات القطاع للحفاظ على مراكز السيولة لديها.

ويتوقع عبدالكريم الناهض رئيس الأسهم بقسم إدارة الأصول في البنك السعودي – الفرنسي كابيتال أن يستمر “انخفاض أرباح قطاع البتروكيماويات خلال الربعين الثاني والثالث من هذا العام لعدة أسباب أبرزها ارتفاع نسبة الديون في ظل ارتفاع أسعار الفائدة”.

وقال في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ مؤخرا إن دورة التشديد النقدي “تؤثر على الأرباح بالإضافة إلى أسعار المدخلات والمخرجات التي تتعرض لضغط كبير”.

وتقترن تحركات الفائدة في دول الخليج العربي بقرارات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) الذي اتخذ أحدث خطواته مطلع مايو الماضي وزاد سعر الفائدة للمرة الثالثة هذا العام.

وكانت الزيادة حينها بمقدار 25 نقطة أساس استكمالا لجولة تشديد للسياسة النقدية بدأت العام الماضي، شملت سبع زيادات متتالية في ظل استمرار ضغوط التضخم.

ومع ذلك، توقَّع أغلب خبراء الاقتصاد في مسح أجرته بلومبرغ الشهر الجاري أن يتوقف الاحتياطي الفيدرالي عن رفع الفائدة، وأن تكون زيادة مايو هي الأخيرة خلال دورة التشديد الحالية.

والمرة السابقة التي رفعت فيها الحكومة السعودية أسعار المواد الخام كانت في 2016، ما تسبب في انخفاض هوامش أرباح القطاع بمقدار 300 نقطة أساس في المتوسط خلال ذلك العام.

وإلى جانب ذلك، تراجعت الإيرادات بنسبة تراوحت بين 11 و12 في المئة بسبب انخفاض أسعار البيع، وهبوط خام برنت بواقع 17 في المئة.

وأعدت ستاندارد آند بورز سيناريوهين لشركات البتروكيماويات لعام 2024، الأول يتشابه بتراجع هوامش الأرباح مع الانخفاض المسجل في 2016 بواقع ثلاثة في المئة على افتراض أن أغلب الهبوط مرتبط بارتفاع أسعار المواد الأولية.

9

في المئة حجم حصة 14 شركة سعودية تعمل في القطاع من حجم الإنتاج العالمي سنويا

أما السيناريو الثاني فيقدر تراجع هوامش أرباح القطاع بسبعة في المئة مع احتساب عوامل إضافية مثل التضخم والنمو الضعيف للإيرادات بسبب تباطؤ الاقتصاد الكلي، وما ينتج عنه من انحسار للطلب، وأيضاً تخمة المعروض التي تضغط على أسعار البيع.

وفي حال عدم تمرير ارتفاع التكاليف للمستهلكين أو اتخاذ إجراءات إدارية لتخفيف النفقات، تتنبأ الوكالة بأن يكون التأثير كبيرا على هوامش الأرباح. وفي ضوء ذلك قد تنخفض الأرباح بواقع 25 في المئة بالمتوسط عند احتسابها بالدولار وفقا للسيناريو الثاني، وبنسبة 11 في المئة بالمتوسط في السيناريو الأول.

وبحسب خبراء وكالة التصنيف فإنه من الممكن عدم رفع أسعار المواد الأولية، في حال صعدت أسعار خام برنت إلى 90 دولارا للبرميل في عام 2023 و85 دولارا للبرميل في عام 2024، إلى جانب تحقيق الحكومة فوائض مالية.

وتستطيع شركات البتروكيماويات السعودية المدرجة في البورصة تحمّل الزيادة المحتملة في الأسعار على نحو عام، وفق ستاندارد آند بورز، التي تتوقع بقاء هوامش الأرباح قبل اقتطاع الفوائد والضرائب والإستهلاك وإطفاء الدين فوق 17 في المئة في كلا السيناريوهين.

وأشارت إلى أن هوامش الربح المتوقعة أعلى من المتوسط لدى الوكالة، كما توقعت نسبة الديون المعدلة إلى الأرباح قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك وإطفاء الدين دون 1.5 مرة في المتوسط.

ولدة الخبراء قناعة بأن قطاع البتروكيماويات السعودي مرن بسبب انخفاض أسعار المواد الخام المحلية بكثير عن الأسعار العالمية.

ورجحت ستاندارد آند بورز استمرار انخفاض الكلفة حتى في حال تطبيق الزيادة المتوقعة في الأشهر القليلة المقبلة مقارنة بالشركات العالمية. وعلى سبيل المثال، تبلغ كلفة الإيثان والميثان في السوق السعودية أقل من دولارين لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

6

في المئة نسبة الزيادة في الطلب على البتروكيماويات

وهذا المبلغ أقل بكثير من متوسط الأسعار في منصة نقل الملكية الهولندية الذي بلغ 42 دولارا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية العام الماضي و7.8 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية في أواخر مايو 2023.

وتاريخيا، ساعدت الأسعار المحلية التنافسية شركات المواد الكيميائية السعودية في الإبقاء على هوامش أرباحها أعلى من 17 في المئة حتى في أوقات تقلب الأسعار وعدم اليقين الاقتصادي.

وتتربع السعودية إلى جانب الولايات المتحدة كأكبر مصنعي البتروكيماويات في العالم، عبر 14 شركة سعودية تنتج نحو 9 في المئة من الإنتاج العالمي. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن السعودية تنتج نحو 38 مليون طن من المواد البتروكيماوية، لكنها لا تستفيد إلا من ستة ملايين طن للصناعات التحويلية.

وكان وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان قد أكد في أكتوبر الماضي أن هناك زيادة في الطلب على البتروكيماويات بنحو 6 في المئة. وقال إن لدى بلاده “برنامجا طموحا لإيجاد بدائل لاستخدامات البترول في حال انخفض الطلب عليه مستقبلاً، لننتج مواد نهائية استهلاكية”.

وفي نوفمبر الماضي أعلنت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) عن عزمها دراسة إنشاء مجمع لتحويل النفط وسوائله إلى كيماويات في منطقة رأس الخير. ومن المتوقع أن يقوم المجمع بتحويل 400 ألف برميل يومياً من النفط إلى كيماويات. ويعد المشروع ضمن خطة أكبر رابع شركة للكيمياويات في العالم للنمو، كما أنه يأتي للمساهمة في تحقيق برنامج السعودية لتحويل النفط وسوائله إلى كيماويات.

اقرأ أيضا:

10