حزب الله يعطّل جلسة انتخاب رئيس للبنان بعد تقدم أزعور

بيروت – انزلق لبنان أكثر فأكثر إلى أزمة اليوم الأربعاء عندما عطل حزب الله وحلفاؤه محاولة منافسيه لانتخاب مسؤول كبير في صندوق النقد الدولي رئيسا، مما زاد التوترات الطائفية وأبرز تبدد الآمال في إحياء الدولة المنهارة.
وبعد أربع سنوات من انزلاق لبنان في أزمة مالية هي الأسوأ منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990، فشل البرلمان للمرة الثانية عشرة في انتخاب مرشح لملء المنصب المخصص لمسيحي ماروني في نظام طائفي.
وانسحب نواب حزب الله الشيعي المدعوم من إيران وحلفائها بمن فيهم حركة أمل الشيعية من جلسة البرلمان لعرقلة مسعى الأحزاب المسيحية الرئيسية لانتخاب جهاد أزعور المسؤول في صندوق النقد الدولي.
وساهمت المواجهة في اشتداد حدة الانقسام الطائفي حيث اصطف أحد حلفاء حزب الله المسيحيين الرئيسيين، رئيس التيار الوطني جبران باسيل، وراء محاولة انتخاب أزعور إلى جانب الفصائل المسيحية المناهضة لحزب الله.
وفاز أزعور، مدير الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي ووزير المالية السابق، بتأييد 59 صوتا من أصل 128 نائبا في البرلمان في تصويت أولي، أي أقل من الثلثين المطلوبين للفوز في الجولة الأولى. وحصل سليمان فرنجية المدعوم من حزب الله وحلفائه على 51 صوتا في الجولة الأولى.
ورفع رئيس البرلمان نبيه بري الجلسة رغم اعتراض عدد كبير من النواب مطالبين بإعادة الفرز بسبب فقدان ورقة اقتراع.
وقالت ستريدا جعجع من تكتل "الجمهورية القوية" بعد الجلسة "الأصوات المقترعة مجموعها 127 ورقة وليس 128 وطلبنا من بري إعادة التصويت من جديد وهذا ما كان يجب أن يحصل وما حصل لا يليق بنا ولا بالمجلس النيابي".
وكانت النتيجة قبل رفع الجلسة جهاد أزعور 59 صوتاً، وسليمان فرنجية 51 صوتاً، وشعار "لبنان الجديد 8 أصوات، وزياد بارود 6 أصوات غير محسومة، وورقة ملغاة، وصوت واحد للعماد جوزيف عون، وورقة بيضاء.
وبعدما نال 59 صوتا أصدر أزعور عقب جلسة مجلس النواب بيانا قال فيه "أتقدم بالشكر والتقدير من جميع النواب الذين أولوني ثقتهم من خلال تصويتهم لي في الدورة الأولى من جلسة اليوم (الأربعاء). وأتمنى أن يكون المشهد الجديد حافزاً على التلاقي على خيار إخراج لبنان من الأزمة، من خلال احترام ما عبّرت عنه غالبية النواب".
واعتبر أشرف ريفي النائب في كتلة "التجدد" أن جلسة اليوم الأربعاء شهدت تقدماً نوعياً باتجاه خيار الدولة لا الدويلة.
وقال عضو "الجمهورية القوية" النائب جورح عدوان "اليوم بعد 12 جلسة ومحاولات عدة لفرض رئيس جمهورية على لبنان، تبيّن أنّ محاولة الفرض التي كانوا يقومون بها على المجلس النيابي وعلى اللبنانيين، أن لا أحد يمكنه فرض إرادته على النواب الأحرار المنتخبين، وتبين في النهاية أن لا ترهيب ولا كلام عالي النبرة يمكن أن يؤثر على قناعات اللبنانيين".
وأضاف "اليوم (الأربعاء) هو انتصار للديمقراطية وللمعارضة التي استطاعت أن تبرهن أنّها قريبة جداً من الوصول إلى الـ65 صوتاً، ومعركتنا الانتخابية والديمقراطية مستمرة".
وأوضح عدوان أنّه "لم نُفاجَأ بالأصوات التي نالها سليمان فرنجية لأنّ حساباتنا كانت بأن يحصل بين 49 و50 صوتًا، وكذلك لم نُفاجَأ بالعدد الذي حصل عليه جهاد أزعور بناء على حساباتنا، والنتيجة نعتبرها جيدة وحققنا ما نريد".
وعُقِدت جلسة الأربعاء بنصاب مكتمل وحضور 128 نائباً، للمرة الأولى منذ بدء الجلسات النيابية المتتالية، في حين لم يُعلن برّي عن جلسة جديدة الأسبوع المقبل.
وانسحب حزب الله وحلفاؤه من الجلسة بعد الجولة الأولى ليعطلوا بذلك نصاب الثلثين المطلوب لإجراء جولة ثانية من التصويت يمكن لمرشح أن يفوز فيها بدعم 65 نائبا.
ومع هذه النتيجة لم يعد لدى لبنان أي احتمال فوري لشغل منصب الرئاسة الذي ظل شاغرا منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون المتحالف مع حزب الله في أكتوبر الماضي.
وتدعم الجماعة، التي تقول إنها تمارس حقوقها الدستورية، حليفها المسيحي الوثيق سليمان فرنجية وهو صديق للرئيس السوري بشار الأسد الذي يدعم بشدة حق حزب الله في حيازة الأسلحة.
وتحدث حزب الله، الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية، بلهجة عنيفة في حملته على أزعور، ووصفه بأنه مرشح مواجهة وتحد.
وكثف المفتي الجعفري الممتاز في لبنان الشيخ أحمد قبلان الهجمات اللفظية على أزعور الأحد من دون أن يذكره بالاسم، متهما إياه بأنه مدعوم من إسرائيل وقال إن رئيسا "بختم أميركي ممنوع".
وقال أزعور (57 عاما) إنه يريد بناء وحدة وطنية وتنفيذ إصلاحات في بلد غارق في أعمق أزمة منذ الحرب الأهلية.
وشغل أزعور منصب وزير المالية من 2005 إلى 2008 وهي فترة احتدام الصراع السياسي بين حكومة مدعومة من الغرب والمملكة العربية السعودية ضد خصوم متحالفين مع دمشق ويقودهم حزب الله.
كما حظي أزعور بدعم الفصيل الدرزي الرئيسي في لبنان، الحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة عائلة جنبلاط، وبعض النواب السنة.
وكان رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل شكا، الثلاثاء، من محاولة "الثنائي الشيعي" ممارسة الضغوط لإقناع نواب التيار بعدم التصويت لصالح أزعور.
وقال باسيل في تصريحات بثها التلفزيون "لا أحد يستطيع أن يتخطى المكون المسيحي في استحقاق مفصلي مثل رئاسة الجمهورية".
كما ترافق هذه الجلسة مواكبة دولية لافتة، إذ دعت فرنسا والولايات المتحدة، الثلاثاء، النواب اللبنانيين إلى انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة الأربعاء، معربتين عن أملهما أن تكون هذه الجلسة، بخلاف سابقاتها، بوابة للخروج من الأزمة التي يتخبط فيها لبنان.