فرنسا تحث الفرقاء في لبنان على التعاطي بجدية مع جلسة الأربعاء لانتخاب رئيس

بيروت - حثت فرنسا الثلاثاء القوى اللبنانية على اغتنام فرصة الجلسة البرلمانية المقرر عقدها الأربعاء للخروج من الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد منذ الخريف.
وتأتي هذه الدعوة في ظل مخاوف من إقدام الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل والنواب الموالين لهما على مقاطعة الجلسة بغية عرقلة تأمين النصاب القانوني لعقدها.
ودعا مجلس النواب اللبناني إلى الجلسة الثانية عشرة في محاولة لانتخاب رئيس للجمهورية، بعد توصل المكونات المسيحية الكبرى إلى توافق بشأن ترشيح المسؤول في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور للمنصب، في مواجهة مرشح الثنائي الشيعي زعيم تيار المردة سليمان فرنجية.
ويملك أزعور حسابيا فرصة الفوز بالمنصب، من الدور الثاني للانتخابات، حيث تتراوح أعداد الأصوات التي يمكن أن تدعمه بين ستين وخمسة وستين صوتا، وهذا مثار قلق كبير لاسيما بالنسبة لحزب الله الذي يعتبره “مرشح تحد ومواجهة”.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية آن – كلير لوجندر في مؤتمر صحافي إن فرنسا تدعو “إلى أخذ هذه الجلسة على محمل الجد واغتنام الفرصة التي توفرها للخروج من الأزمة”.
وشدّدت لوجندر على أن بلادها “تواصل الدعوة إلى الخروج من الأزمة منذ ثمانية أشهر”.
وأعلنت أن وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا ستلتقي الجمعة سلفها جان – إيف لودريان الذي عيّنه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل بضعة أيام “مبعوثا خاصا إلى لبنان”.
وأشارت المتحدثة إلى أن الوزيرة ستطلع لودريان على فحوى الاتصالات الأخيرة مع مسؤولين لبنانيين.
وأضافت لوجندر أن الوزيرة ستستقبل لودريان للبحث في “مهمته المحددة”، مشددة على أن الأمر ينطوي على “متابعة جهودنا من أجل خروج عاجل من الأزمة اللبنانية، وهذا الأمر يعكس الأولوية التي تعطيها الدبلوماسية الفرنسية لهذه المسألة”.
وأكدت أيضا أن لودريان سيضطلع بالمهمة الموكلة إليه “بتنسيق وثيق وبالتشاور” مع وزارة الخارجية.
من جهة أخرى أشارت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية إلى أن أي موعد لزيارة لودريان المرتقبة إلى لبنان لم “يبلّغ” بعد.
ولدى سؤالها عن إمكان عقد مؤتمر من أجل لبنان في باريس، قالت لوجندر إنه “يتعيّن علينا في بادئ الأمر أن نجري تقييما للجلسة البرلمانية التي ستعقد الأربعاء”.
في الأسبوع الماضي عيّن ماكرون وزير الخارجية السابق جان – إيف لودريان “مبعوثا خاصا إلى لبنان”، في محاولة جديدة لإيجاد حلّ “توافقي وفعّال” للأزمة اللبنانية التي تفاقمت خصوصا بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020.
وعكست هذه الخطوة تغيرا في المقاربة الفرنسية التي كانت تميل لدعم ترشيح فرنجية لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان، ويرى مراقبون أن هذا التغير يأتي مقرونا بتوصل الفرقاء المسيحيين إلى توافق حول أزعور.
ويرجح المراقبون عدم انتخاب رئيس في الجلسة المنتظرة، في ظل استحالة تأمين أي من المرشحين موافقة الثلثين في الدورة الأولى (86 صوتا من أصل 128)، واحتمال محاولة “حزب الله” وحلفه السياسي لإفشال نصاب الدورة الثانية بعدم حضور 86 نائبا.
وبحسب المادة 49 من الدستور، يُنتخب رئيس الجمهورية في دورة التصويت الأولى بغالبية الثلثين، ويُكتفى بالغالبية المطلقة (النصف+1) في الدورات التالية بحال حضور 86 نائبا من أصل 128.
وقبل جلسة الأربعاء، يعمل الطرفان (المعارضة من جهة وحزب الله وحركة أمل وحلفائهما من جهة أخرى) على حشد أكبر عدد من الأصوات للمرشحين، رغم أنهم يعلمون أن ذلك لن يؤدي إلى انتخاب رئيس، إلا أنه فقط محاولة كما يقول مراقبون تهدف إلى استكشاف الأحجام وقدرة كل مرشح العددية.
وفي وقت لم يحسم عدد من النواب اسم مرشحهم، يعمل الفريق المعارض لفرنجية على حث بعض النواب من صفوف “التغيير” والمستقلين على التصويت لصالح أزعور، وذلك بهدف تأمين 65 صوتا على الأقل (النصف+1)، وهو ما يحتاجه للفوز في الدورة الثانية.
وبانتظار أن يعلن 24 نائبا موقفهم، وقد فضّل بعضهم الاحتفاظ بخطوته حتى صباح الأربعاء، تمكن أزعور حتى الآن من حصد نحو 61 صوتا، تشمل نوابا من قوى “التغيير والمستقلين” ونوابا من “التيار الوطني الحر”، في ظل الحديث عن أن عددا منهم لن يلتزموا بالتصويت لأزعور.
واستطاع أزعور حتى اللحظة تأمين أصوات “حزب القوات اللبنانية”، و”الحزب التقدمي الاشتراكي” و”حزب الكتائب اللبنانية”، ويضم 4 نواب إلى جانب النواب ميشال معوض وأشرف ريفي وأديب عبدالمسيح وفؤاد مخزومي.
في المقابل، لا يملك فرنجية سوى دعم 43 صوتا، أبرزها كتلته النيابية التي تضم 4 نواب، إلى جانب حركة أمل وحزب الله، وعدد من النواب وكتلة “التوافق الوطني”، التي تضم 5 نواب مستقلين من الطائفة السنية.