اتساع خارطة البطالة يعسّر مهمة إنعاش الاقتصاد التركي

أنقرة - يعسر ارتفاع معدلات البطالة في تركيا مساعي الرئيس رجب طيب أردوغان لإنعاش الاقتصاد بعدما أظهرت أحدث المؤشرات أرقاما تبدو مقلقة، ما يعني تعرض القطاعات الإنتاجية إلى حالة من الركود رغم تباهي الحكومة بالمؤشرات الإيجابية.
وتتصدر معضلة سوق العمل قائمة المشاكل المزمنة في البلاد منذ سنوات، وقد ظهرت بشكل واضح خلال الأزمة الصحية، والآن لا يبدو حلها في الأفق المنظور واضحا، في ظل السياسات المرتبكة لمعالجة التضخم وحماية الليرة المنهارة.
وتأتي الأرقام الصادرة الاثنين لتؤكد ذلك مع تسجيل ارتفاع في نسبة البطالة، ولو بشكل طفيف، إلى 10.2 في المئة بنهاية أبريل الماضي، صعودا من 10.1 في المئة في الشهر السابق له.
10.2
في المئة معدل البطالة بنهاية أبريل الماضي صعودا من 10.1 في المئة في الشهر السابق له
وأورد التقرير الشهري لسوق العمل، الصادر عن هيئة الإحصاء الحكومية الاثنين أن عدد العاطلين عن العمل في السوق المحلية الذين تبلغ أعمارهم 15 عاما فأكثر خلال أبريل ارتفع بمقدار 74 ألفا، ليستقر إجمالي الأفراد بلا عمل عند 3.58 مليون شخص.
وبحسب الإحصائيات الرسمية، زادت نسبة الاستغلال غير التام للقوى العاملة المعدلة موسميا 1.7 نقطة إلى 23.8 في المئة.
وأشارت الهيئة إلى أن معدل البطالة بلغ 8.1 في المئة بين الرجال و14.3 في المئة بين النساء. وأكدت أن معدل التشغيل في البلاد بلغ 48.4 في المئة في أبريل، بينما ارتفع عدد العاملين بمقدار 521 ألفا إلى 31.6 مليون شخص خلال الفترة ذاتها.
ويرى خبراء أن السلطات تفتقر إلى خطط مضبوطة تحدد من خلالها سقفا زمنيا قريب المدى لمعالجة هذه المشكلة بطرق جدية تثبت للشباب أن للحكومة سياسات اجتماعية تنكب على تحسين أوضاعهم المعيشية.
ويفترض أن تحرص أنقرة على وضع وتطبيق إستراتيجية توقف الانتشار المتوسع للبطالة، وهو ما من شأنه أن يخرج العاطلين من دائرة اليأس في رحلة البحث عن عمل ويعيد لهم الأمل في تحقيق طموحاتهم لتحسين معيشتهم وبما ينعكس على أسرهم.
وتعد فئة الشباب الأكثر تضررا من البطالة تلك الحاصلة على شهادات جامعية ومن المفترض نظريا أن تؤمن لهم الدولة وأيضا القطاع الخاص فرصا أكبر للحصول على وظائف، مقارنة بغيرهم ممن تخلوا عن خيار التعليم.
لكن الواقع الذي يواجهه الحاصلون على شهادات عليا يأتي بنتائج عكس المسلمات النظرية التي لطالما حاولت تركيا إثبات أنها ذات جدوى، حيث تشهد فئة الخريجين زيادة في معدلات البطالة مقارنة بغيرها.
ويؤكد منتقدون ومحللون أن الوظائف والناتج المحلي الإجمالي يشكلان عاملين لا يمكن التنبؤ بهما بالنسبة لأردوغان، الذي تضررت سمعته المؤيدة للنمو في السنوات الأخيرة جراء سياساته غير التقليدية.
عدد العاطلين عن العمل في السوق المحلية الذين تبلغ أعمارهم 15 عاما فأكثر خلال أبريل ارتفع بمقدار 74 ألفا، ليستقر إجمالي الأفراد بلا عمل عند 3.58 مليون شخص
ويقولون إن البيانات الخاضعة للتجميل الممنهج تشكل المصدر الرئيسي لأرقام البطالة، والتي تخفي الكثير عن العمالة غير الرسمية والعاملين دون أجور وصولا إلى فاقدي الأمل في العثور على فرصة عمل.
ولكن أرقام البطالة الحقيقية تظهر عندما تجري دراسة الفئة التي تعتبرها هيئة الإحصاء عاطلة عن العمل رسميا، ومن تصنفهم على أنهم لا يبحثون عن عمل رغم أنهم مستعدون للعمل.
ويأتي صدور هذه الأرقام مع بيانات أخرى أظهرت اتساع فجوة الحساب الجاري بشكل غير متوقع في أبريل، ليتفاقم بذلك العجز القياسي ويبرز التحدي الذي يواجه أردوغان ووزير المالية الجديد محمد شيمشك بعد الانتخابات التي أُجريت الشهر الماضي.
وكشفت بيانات البنك المركزي بلوغ العجز 5.4 مليار دولار، وكان الاقتصاديون الذين استطلعت آراءهم بلومبرغ قد توقعوا أن تضيق الفجوة من 4.9 مليار دولار المُسجلة في مارس.
وتم استخدام الاحتياطيات الرسمية في الغالب لتمويل العجز، إذ انخفضت بنحو 8.2 مليار دولار، لتفقد إجمالي 22.4 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام.
وقال غولدمان ساكس في مذكرة مؤخرا إن الضغط على الاحتياطات النقدية “يأتي في الغالب من الحساب الجاري”.