إزالة الكربون تبقي أسعار تذاكر الطيران تحلق عاليا

لندن - يُرجّح خبراء قطاع الطيران أن تستمر الزيادة في أسعار تذاكر السفر على المدى الطويل رغم الانخفاض الأخير في أسعار النفط، بسبب توجه الشركات إلى استخدام الوقود البيئي المُكلف وإن كان الطريق لا يزال في بداياته.
ولم تستأنف بعض الشركات بالكامل قدرتها التشغيلية التي تقلصت خلال الأزمة الصحية، فيما تواجه شركتا أيرباص وبوينغ صعوبات في تسليم الطائرات الجديدة في الوقت المحدد، لكن الزبائن يقبلون على تذاكر الطيران بأعداد أكبر مما كانت عليه في 2022.
ودفعت العودة التدريجية للطلب على السفر بعد رفع قيود كوفيد - 19 مناطق في العالم إلى الزيادة في أسعار تذاكر السفر، لكن هذا العام، وفي وقت تسعى فيه الشركات لاستعادة أعداد الركاب التي كانت تسجّلها قبل الوباء، بلغ تقلّب الأسعار ذروته.
ويؤكد محللون أن الزيادات الراهنة مجرد بداية لما سيكون عليه الوضع في المستقبل القريب، إذ أن مسألة تنظيف القطاع تحتاج إلى استثمارات ضخمة وخاصة في ما يتعلق بإنتاج الوقود الحيوي.
ورغم أن قطاع الطيران سيتعين عليه استثمار تريليونات من الدولارات لمحاولة إزالة الكربون بحلول 2050 في طائرات جديدة ووقود متجدد، لا ترى كبيرة الاقتصاديين في الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) ماري أوينز تومسين أي فترة راحة للمستهلكين.
وقالت "سترتفع التكاليف إلى أن نصل إلى حلول مجدية تجاريا، ويتمّ إنتاجها على نطاق واسع بحلول العام 2040 ربما".
وتشير العديد من الدراسات الصادرات عن الجهات المعنية بالقطاع إلى أن هذا النوع من الوقود أغلى خمس مرات من وقود الكيروسين.
وبموجب المادة 301 من قانون المناخ والمرونة، يتعين على قطاع الطيران إحراز تقدم في ما يتعلق بالتلوث، لكن في المقابل فإن النقل الجوي سيكون أكثر كلفة خلال السنوات القادمة.
وكان على المسافرين في فرنسا خلال أبريل الماضي دفع متوسط 32.6 في المئة أكثر ممّا كانوا يدفعون قبل أربعة أعوام للرحلة الجوية نفسها. ووصلت هذه الزيادة حتى 51 في المئة للرحلات الجوية من فرنسا باتجاه منطقة آسيا - المحيط الهادئ.
ويُظهر مؤشر أسعار تذاكر السفر الذي ينشره الاحتياطي الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) في سانت لوي زيادة بنسبة 11 في المئة بين أبريل 2019 وأبريل 2023.
والأمر لا يختلف كثيرا في مناطق أخرى من العالم، إذ تفرض معظم الشركات زيادات في كلفة نقل المسافرين لمواجهة المنغصات وتحقيق إيرادات تعوض بها خسائرها التي تعرضت لها أثناء الأزمة الصحية العالمية.
وتُسجَّل هذه الزيادات رغم استقرار أسعار الكيروسين بعدما بلغت ذروة عقب بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير العام الماضي.
ويُقدّر "إياتا" أن الأسعار ستتراجع هذا العام إلى نحو 98.5 دولار للبرميل الواحد، مقابل 135.5 دولار للبرميل الواحد العام الماضي.
ويمثّل الوقود ما بين 25 و30 في المئة من تكاليف شركات الطيران، وعادة ما يكون له تأثير كبير على التذاكر. ومع ذلك، طال انتظار تراجع الأسعار.
وبالإضافة إلى الوقود، ترى تومسين أن "تكاليف اليد العاملة والتكاليف الأخرى المرتبطة بسلسلة التوريد باتت أعلى وآخذة بالارتفاع".
وقالت مصادر مطلعة خلال الجمعية العامة للاتحاد، الذي يضمّ 300 شركة نقل جوي حول العالم، المنعقدة في إسطنبول الأسبوع الماضي إن “الشركات تحتاج إلى إيجاد طريقة لتغطية هذه التكاليف وإلّا فإنها ستبدأ بخسارة الأموال مجددًا”.
ويأتي هذا الموقف في حين أن شركات القطاع بالكاد تعود إلى منطقة الأمان ويتوجب عليها سداد ديون ضخمة من فترة أزمة كوفيد.
◙ المسألة الأساسية لا تكمن في أسعار النفط بمقدار ما تكمن في عدم وجود مقاعد كافية في الطائرات مع عدد كبير من الركاب
ويعتبر الخبير في قطاع الطيران في مركز الاستشارات الإستراتيجية ماكنزي فيك كريشنان أن المسألة الأساسية لا تكمن "في أسعار النفط بمقدار ما تكمن في عدم وجود مقاعد كافية في الطائرات مع عدد كبير من الركاب".
ورغم أن دفاتر الطلبات لديهم كاملة في بعض الأحيان حتى نهاية العقد، يكافح مصنّعو الطائرات لتحقيق أهداف التسليم الخاصة بهم بسبب نقص الأجزاء أو المواد لدى مورديهم.
وتُطرح أيضا مسألة "كلفة اليد العاملة وقد اضطرت العديد من الشركات إلى التفاوض على زيادة أجور الطيارين وطواقم الطائرات"، وفق جوفري ويستون المستشار في شركة باين آند كومباني.
وأضاف "تلك أيضا هي حال شركات العمليات على الأرض التي اضطرت إلى دفع رواتب أعلى بكثير عند الخروج من الوباء لناقلي الحقائب والميكانيكيين".
ويقول الخبير في قطاع الطيران لدى شركة أليكس بارتنرز باسكال فابر "لا توجد عوامل كثيرة يمكنها أن تخفض أسعار التذاكر".
ويؤكد رئيس شركة بولوتيا الإسبانية للطيران منخفض الكلفة كارلوس مونيوذ أن هذه الأسعار المرتفعة لم تؤثر على الطلب على السفر حتى الآن.
وأوضح أنه "مع نظرائي، لدينا جميعا الانطباع نفسه، الطلب لا يزال قويًا جدًا رغم رياح معاكسة في الاقتصاد الكلي".