الرئيس التونسي يوصد الأبواب أمام أي ابتزاز أوروبي في قضية الهجرة

الرئيس التونسي يقول إن بلاده لن تكون حارسا لحدود أوروبا في رسالة واضحة لوفد أوروبي يضم رئيسة الوزراء الايطالية ونظيرها الهولندي ورئيسة المفوضية الأوروبية من المقرر وصولهم إلى تونس خلال ساعات قليلة.
الأحد 2023/06/11
الرئيس التونسي يلتقي مجموعة من المهاجرين الأفارقة في محافظة صفاقس احدى نقاط الهجرة السرية إلى ايطاليا

تونس - قال الرئيس التونسي قيس سعيد، إن بلاده "لن تكون حارسا لدول أخرى"، وأن حل مشكلة الهجرة غير النظامية "لن يكون على حساب تونس"، في تصريح جاء قبل ساعات من وصول وفد أوروبي رفيع المستوى يضم إلى جانب رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني كلا من رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته.

وجاء ذلك في كلمة خلال زيارته محافظة صفاقس جنوب البلاد أمس السبت، للاطلاع على أوضاع المهاجرين غير النظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وفق فيديو بثه حساب الرئاسة التونسية على فيسبوك.

وقال سعيد "جئت إلى صفاقس للنظر في هذه الأوضاع المتعلّقة بالهجرة وأيضا للاستماع إلى المواطنين"، مضيفا "نحمل المسؤولية الكبيرة في الحفاظ على الدولة وسيادتها ولا نقبل بأن يعامل أي شخص معاملة غير إنسانية ونعمل على أن يكون كل من يأتي إلى تونس في وضعية قانونية".

وتابع "لا يمكن أن نقوم بالدور الذي يفصح عنه البعض ويخفيه البعض الآخر (لم يسمهم) بأن نكون حراسا لدولهم"، مشددا على أن "الحل لا يجب أن يكون على حساب الدولة التونسية وهؤلاء (المهاجرون) نحفظهم ولا نترك من يعتدي عليهم ولكن يجب عليهم أيضا أن يمتثلوا إلى القانون".

وقال أيضا "كنت مع عدد من الأفارقة ونحن أيضا أفارقة، هم أشقاؤنا ونحترمهم، لكن هذا الوضع الذي تعيشه تونس غير طبيعي ولا بد من وضع حد للأوضاع غير الإنسانية"، مؤكدا أن "الحل لا يمكن أن يكون إلا إنسانيا وجماعيا بناء على مقاييس إنسانية ولكن في ظل قانون الدولة".

وفي الفترة الأخيرة شهدت تونس تصاعدا لافتا في وتيرة الهجرة غير النظامية إلى أوروبا، على وقع تداعيات الأزمات الاقتصادية والسياسية بالبلاد ومختلف دول المنطقة.

كما تشهد السواحل التونسية عمليات إنقاذ بين حين وآخر لمهاجرين إثر تعطل مراكبهم بالبحر المتوسط خاصة في الرحلات بين ليبيا وإيطاليا.

وفي العام 2021، ضبطت وزارة الداخلية 20 ألفا و616 مهاجرا غير نظامي، بينهم 10 آلاف و371 أجنبيا معظمهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وفق بيانات رسمية.

ويريد الرئيس التونسي من خلال هذا التأكيد قطع الطريق على أي محاولة أوروبية للضغط على بلاده أو أي مساومة تشمل ربط مساعدات مالية بنحو 900 مليون دولار يعتزم الأوروبيون تقديمها لتونس، بينما تخشى الدول الأوروبية من أن يؤدي تردي الوضع المالي إلى زيادة كبيرة في موجة الهجرة عبر البحر المتوسط هذا العام، لا سيما من السواحل التونسية.

وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني يوم الجمعة الماضي، إنها ورئيس الوزراء الهولندي ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي سيعرضون المساعدة خلال زيارة يقومون بها الأحد لتونس التي تواجه أزمة في المالية العامة.

وخفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني الجمعة تصنيف الديون التونسية إلى درجة أعمق في النطاق "السلبي"، مما يلقي الضوء على احتمال تخلفها عن سداد القروض، الأمر الذي يؤدي إلى انهيار مالية الدولة مما قد يتسبب في صعوبات واسعة النطاق.

ومع ذلك تعثرت حزمة الإنقاذ من صندوق النقد الدولي لعدة أشهر مع رفض سعيد الشروط التي يطرحها صندوق النقد للموافقة على برنامج تمويل بنحو 1.9 مليار دولار، بينما تدعوه الدول المانحة لتغيير مساره. وحثت إيطاليا التي تقود جهودا كبيرة وتعهدت بتقديم 700 مليون دولار لتونس، صندوق النقد الدولي على استكمال القرض.

وزادت عمليات عبور البحر المتوسط المحفوفة بالمخاطر بعد أن أعلن الرئيس التونسي في فبراير/شباط عن حملة ضد المهاجرين المقيمين في بلاده بشكل غير قانوني من جنوب الصحراء الكبرى، مستخدما لغة ندد بها الاتحاد الأفريقي ووصفها بأنها عنصرية.

وكانت الرئاسة التونسية قد أكدت أن الحديث عن خضوع تونس للاملاءات الأوروبية على خلفية جهود تبذلها ايطاليا وعدد من الدول لدعم تونس ماليا، يجانب الحقيقة، مذكرة بتصريح الرئيس قيس سعيد برفض كل الاملاءات التي يطرحها صندوق النقد الدولي وتأكيده على ضرورة الحفاظ على السيادة الوطنية.