الغانم يتأنى في الترشح لرئاسة البرلمان الكويتي تجنبا لخطوة غير محسوبة

يشكل نجاح مرزوق الغانم في العودة إلى مجلس الأمة (البرلمان) بنسب تصويت قياسية في بعض مناطق الدائرة الثانية، تأكيدا جديدا على أنه يمثل رقما صعبا في المعادلة السياسية والبرلمانية في الكويت، ويرى مراقبون أنه بغض النظر عن حصوله على رئاسة المجلس من عدمه فإنه سيكون مؤثرا في لعبة التوازنات داخل المجلس الجديد.
الكويت - لا يزال رئيس مجلس الأمة الكويتي السابق مرزوق الغانم لم يكشف عن نواياه بعد لجهة الترشح لرئاسة المجلس مجددا، على خلاف البرلماني المخضرم أحمد السعدون الذي سارع إلى إعلان ترشحه للمنصب عقب ساعات قليلة من فوزه في الانتخابات التشريعية التي جرت الثلاثاء، ولم تفرز عن تغيير كبير في تركيبة مجلس 2022.
ويرى متابعون أن تأني المرزوق في اتخاذ هذه الخطوة يرتبط أساسا بعدم رغبته في المغامرة ما لم يضمن الحصول على الأصوات الكفيلة بإيصاله إلى المنصب، مشيرين إلى أن السيناريو الأقرب أن ينزع الرئيس السابق للمجلس إلى عدم الترشح وأن يركز جهوده على تشكيل كتلة معارضة قادرة على التأثير في المعادلة السياسية الجديدة.
وقال السعدون عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، مساء الأربعاء، “بسم الله الرحمن الرحيم؛ حملا للمسؤولية أعلن عن ترشّحي لرئاسة مجلس الأمة”.
وكان السعدون الذي عاد إلى العمل البرلماني بعد فترة انقطاع طويلة قد تولى رئاسة مجلس الأمة 2022 بالتزكية، لكنه لم يعمّر طويلا في المنصب حيث قضت المحكمة الدستورية، في التاسع عشر من مارس الماضي، ببطلان المجلس وإعادة مجلس عام 2020، الذي كان يرأسه الغانم.
البرلماني المخضرم أحمد السعدون يسارع إلى إعلان ترشحه للمنصب عقب ساعات قليلة من فوزه في الانتخابات التشريعية
وقام ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح في أبريل الماضي، بحل مجلس 2020 مجددا، والدعوة إلى انتخابات جديدة حققت فيها المعارضة مجددا الأغلبية.
ويرجح المتابعون أن يفوز السعدون برئاسة المجلس الجديد بالتزكية، لكن في حال قرر الغانم ترشيح نفسه فيتوقع أن تجري معركة انتخابية حامية بينهما.وهيمنت شخصية الغانم على الحياة السياسية والبرلمانية الكويتية طوال العقد الماضي، وينحدر الغانم من عائلة ذات نفوذ سياسي وتجاري كبير في الدولة الخليجية.
واحتفل الغانم مساء الأربعاء بفوزه المستحق بين عدد من أنصاره، وكان الغانم حصل على المركز الأول في الدائرة الثانية، يليه شعيب شعبان، وعبدالله الأنبعى، وفلاح الهاجرى، ومحمد المطير.
ووجّه الغانم رسالة شكر إلى ناخبيه، قائلا إن “الشعب الكويتي بصفة عامة وناخبيَّ بصفة خاصة، المركز والنتيجة دين في رقبتي، أسأل الله سبحانه وتعالى أن أتمكن من رد جزء من هذا الدين”.
وأضاف “من الواجب علينا في المجلس القادم أن تكون الأولوية هي الإصلاح والتنمية والاستقرار والتعاون، وأشكر من أدلى بصوته لي، ومنحوني المركز الأول في أغلب المناطق وبأرقام قياسية”.
كما وجّه التحية لأنصاره الذين شاركوا الاحتفال معه، قائلا “لولاكم نحن لا نسوى شيئًا، لولاكم لما تحقق ذلك”.
ويقول مراقبون إن وجود الغانم في البرلمان الجديد بغض النظر عن توليه رئاسة المجلس من عدمه سيكون بالتأكيد له تأثيره في المعادلة الجديدة، حيث أنه يملك حسابيا القدرة على تشكيل كتلة برلمانية مؤلفة من عشرة نواب فما فوق، وإن كان فقد أحد أهم العناصر الموالية له وهو عبيد الوسمي، الذي لم يتمكن من الفوز بمقعد في المجلس الجديد، وأعلن لاحقا أنه لن يذهب في خيار الطعن في النتيجة.
وقال الوسمي في تغريدة له على حسابه على “تويتر” الخميس، “قطعاً لأيّ حديث لم يكن مجلس الأمة بالنسبة إليّ إلا وسيلة لإصلاح ما أعتقد أنه واجب”. وأضاف “الإصلاح وليست الوظيفة النيابية كان هدفي وأنا في المجلس، ولن يكون خلاف ذلك وأنا خارجه أما الطعن فلا يمكن أن أقدمه ولو ثبت نجاحي بمستند رسمي، آملاً من الجميع نوابا ووزراء التعاون والانتباه لمصالح الكويت وشعبها”.
ويقول المراقبون إن خسارة الوسمي وإن كانت بالتأكيد مؤلمة بالنسبة إلى الغانم، فإن ذلك لن يعوق مساعيه في تشكيل كتلة برلمانية وازنة، يكون قادرا من خلالها على مقارعة خصومه في البرلمان وأيضا الحكومة حيث من المعلوم أن علاقته برئيس الوزراء الحالي الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، متشنجة.
وسبق وأن هاجم الغانم الشيخ أحمد النواف، وقال إنه لا يصلح للمنصب، وأن هناك من شيوخ الأسرة الحاكمة من هم أكثر كفاءة وهم قادرون على تحمل المسؤولية، وجاءت تصريحات الغانم حينها ردا على تحفظ الحكومة على المشاركة في أول جلسة للمجلس العائد، الأمر الذي حال دون انعقادها.
وكان رفض الحكومة حينها الحضور للجلسة مرتبطا بسببين الأول: هو أنها غير مقتنعة بعودة مجلس الغانم، والثاني السعي إلى التقرب من المعارضة، التي كانت رافضة لقرار المحكمة الدستورية.
مراقبون يرون أن النقطة الوحيدة التي قد تؤدي إلى هدنة مؤقتة هو إدراك الجميع بأن الكويتيين ملّوا من التوجه لصناديق الاقتراع
وصدر أمر أميري في الكويت، الأربعاء، بقبول استقالة حكومة الشيخ أحمد النواف مع الاستمرار بتصريف الأعمال، وذلك عقب إعلان نتائج انتخابات مجلس الأمة.
وذكر الأمر الأميري أنه “تُقبل استقالة سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء والوزراء، ويستمر كل منهم في تصريف العاجل من شؤون منصبه لحين تشكيل الحكومة الجديدة”.
وفي وقت سابق الأربعاء، استعرض مجلس الوزراء في اجتماعه الاستثنائي، كتاب استقالة الحكومة الذي رفعه رئيس الوزراء إلى ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد.
وتأتي استقالة الحكومة التزاما بما يقتضيه نص الدستور، ومن المرجح أن يجري تكليف الشيخ أحمد النواف بتأليف الحكومة الجديدة، التي من المتوقع ألاّ تشهد تغييرات كبيرة، خصوصا وأن رئيس الوزراء راعى في الحكومة المستقيلة مطالب نواب المعارضة.
وتعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت الثلاثاء الثانية التي تشهدها الكويت خلال تسعة أشهر، ضمن تداعيات أزمة بين الحكومة والبرلمان بدأت في 10 يناير الماضي، عقب انسحاب الحكومة حينها من جلسة نيابية نتيجة خلاف بشأن رفضها إقرار “أعباء مالية” متعلقة بأزمة “إسقاط قروض مواطنين”، ورفض النواب طلبا بإعادتها إلى اللجان للتوافق.
وتطورت الأزمة بقرار المحكمة الدستورية، ويرى مراقبون أنه من المستبعد أن تؤدي الانتخابات الجديدة إلى حالة من الاستقرار السياسي، مع استمرار عوامل تفجر الوضع.
ويلفت المراقبون إلى أن النقطة الوحيدة التي قد تؤدي إلى هدنة مؤقتة هو إدراك الجميع بأن الكويتيين ملّوا من التوجه لصناديق الاقتراع.
وقال المحلل السياسي صالح السعيدي إن استمرار حالة الاضطراب السياسي مرهق للحكومة والبرلمان، متوقعا ألا يغامر النواب بصدام جديد مع الحكومة وصولا إلى حل البرلمان “لأن العودة إلى الانتخابات تشكل كابوسا لهم. فأن يخوضوا أربع انتخابات في أربع سنوات، هذا لم يحدث في تاريخ الكويت”. وتوقع السعيدي أن تستخدم الحكومة هذه الورقة “لتهدئة أي جموح للمجلس وترويضه”.