الاحتياطي النقدي لتونس يلامس أدنى مستوى منذ 2018

تونس - تتابع أوساط اقتصادية بقلق التأثيرات المحتملة التي يمكن أن يخلفها تسارع وتيرة تآكل مخزون العملة الصعبة لدى البنك المركزي التونسي، خاصة مع ضعف نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال هذا العام.
وأظهرت أرقام للبنك المركزي الخميس أن احتياطات النقد الأجنبي تراجعت إلى 21 مليار دينار (6.78 مليار دولار) بحلول السابع من يونيو الجاري، وهو أدنى مستوى لها في أربع سنوات.
ولا يتجاوز هذا المستوى 91 يوما من الواردات مقارنة مع 123 يوما في الفترة نفسها قبل عام. ويعتبر العجز التجاري وتذبذب قيمة الدينار أمام سلة العملات الرئيسية من أسباب تآكل الاحتياطات النقدية.
ويأتي ذلك رغم ارتفاع تحويلات المغتربين خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام بمقارنة سنوية، حيث تخطت مع حاجز المليار دولار.
◙ احتياطات النقد الأجنبي تراجعت إلى 21 مليار دينار (6.78 مليار دولار) بحلول 7 يونيو، وهو أدنى مستوى لها في أربع سنوات
كما أن عائدات السياحة سجلت هي الأخرى ارتفاعا، إذ بلغت حوالي 553.5 مليون دولار، مقابل 350.6 مليون دولار قبل عام.
ورغم تحسن هذين المؤشرين، فإن ارتفاع خدمة الديون الخارجية كان أحد أسباب تراجع الاحتياطي من النقد الأجنبي، في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة مالية متفاقمة تهدد وارداتها من المواد الحساسة.
والثلاثاء الماضي أظهرت بيانات إحصائية للمركزي في تقرير حول المؤشرات النقدية والمالية أن خدمة ديون تجاوزت في نهاية مايو الماضي المليار دولار، دون أن يشير البنك إلى إجمالي حجم الديون الخارجية.
ويستأثر التعاون متعدد الأطراف، على غرار البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والبنوك الأخرى المانحة، بزهاء 60.3 في المئة من ديون تونس الخارجية، تليها السوق المالية بنحو 21.3 في المئة والتعاون الثنائي بحصة تقارب 18.4 في المئة.
ويتخوف البعض من خطورة تعمق الاختلالات الهيكلية، التي تعاني منها التوازنات المالية أصلا، ومنهم من دق جرس الإنذار من تداعيات خروج الإنفاق عن سيطرة الحكومة ولجوئها المتزايد إلى الاقتراض الداخلي والخارجي.
ومن شأن تآكل الاحتياطيات أن يزيد الضغوط المالية على تونس التي تواجه مشاكل في الحصول على قروض خارجية متوقعة بنحو 5 مليارات دولار في 2023، خاصة مع تعثر المحادثات مع صندوق النقد للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار.
ويشترط المقرضون الدوليون الوصول إلى اتفاق نهائي مع الصندوق لإقراض تونس. لكن الرئيس قيس سعيد اعترض على ما وصفه بـ"إملاءات الصندوق"، رافضا مقترحات لخفض دعم الغذاء والطاقة، وقال إن "ذلك قد يتسبب في اضطرابات اجتماعية حادة".
وأواخر مايو الماضي وافق البنك الدولي على شراكة جديدة مع تونس، متجاوزا فتور العلاقات مع تنامي القلق بشأن الأوضاع المالية لتونس البالغ حجم ناتجها المحلي الإجمالي نحو 50 مليار دولار.
وقال في بيان حينها إن "القرار بشأن إطار الشراكة الذي يحدد الاتجاهات الإستراتيجية للالتزامات التشغيلية من 2023 إلى 2027 سيُرفع للموافقة عليه من قبل مجلس إدارة المقرض في غضون أسابيع".
وأكد أن الطرفين قاما بمراجعة وتعديل الإستراتيجية، والتي "ستكون الآن بمثابة أساس لمواصلة لعب البنك الدولي دوره كشريك طويل الأجل لتونس".
ومع احتدام الأزمة المالية، يعاني التونسيون من نقص في العديد من السلع الغذائية التي اختفت من رفوف المتاجر، مثل الأرز والقهوة والسكر. ويقول كذلك أطباء وصيادلة ومرضى إن المئات من الأدوية غير متوفرة في الصيدليات.
◙ من شأن تآكل الاحتياطيات أن يزيد الضغوط المالية على تونس التي تواجه مشاكل في الحصول على قروض خارجية متوقعة
ويعزز ذلك المخاوف بين عامة التونسيين والاقتصاديين من أن الوضع قد يسوء سريعا إذا لم تؤمن السلطات قروضا أجنبية قريبا، في ظل تسجيل نمو بواقع 2.1 في المئة خلال الربع الأول من 2023 مقابل 2.4 في المئة بنهاية الربع نفسه من العام الماضي.
وحذر بنك مورغان ستانلي قبل فترة من أن احتياطي النقد الأجنبي لن يكفي تغطية واردات السلع الأساسية لمدة شهرين حتى في مثل هذا الوقت من العام المقبل في ضوء المعدل الحالي للسحب منها.
ورأى خبراء المؤسسة الاستثمارية الأميركية أن سداد الديون قد يصبح مهمة شبه مستحيلة، فمعظم قروض البلاد محلية، لكن عليها سداد قرض أجنبي بقيمة 500 مليون يورو في أكتوبر هذا العام، ثم سداد آخر في فبراير المقبل.
وتباطأ نمو تضخم أسعار المستهلك في تونس خلال مايو للشهر الثاني على التوالي، مسجلا 9.6 في المئة نزولا من 10.1 في المئة في أبريل الماضي، وهي مستويات مرتفعة للأسعار عن هدف المركزي البالغ 3 في المئة.
وأرجع معهد الإحصاء الحكومي في نشرته الشهرية تراجع التضخم السنوي، إلى تباطؤ نمو أسعار مجموعة السكن والطاقة المنزلية إلى 0.4 في المئة، نزولا من 2.5 في المئة في الشهر السابق له.