المعارضة اللبنانية تمهّد لجهاد أزعور الطريق إلى قصر بعبدا

التوافق المسيحي – المسيحي الراهن حول أزعور يُبطل مناورات وشكوك حزب الله ويجبره على التخلي عن ترشيح فرنجية.
الاثنين 2023/06/05
بانتظار وضوح الرؤية

بيروت- تقترب أوساط المعارضة اللبنانية من التوصل إلى توافق شامل يدعم ترشيح الخبير الاقتصادي الدولي جهاد أزعور لمنصب الرئيس، وسط توقعات بأنه يمكن أن يحصل في النهاية على دعم 68 نائبا يكفي لكسر معارضة الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله) الذي مازال يتمسك بترشيح سليمان فرنجية زعيم تيار المردة الموالي له.

وتقول مصادر سياسية إن ترشيح أزعور هو ثمرة توافق جمع بين تأييد حزب القوات اللبنانية بقيادة سمير جعجع وبين التيار الوطني الحر بقيادة جبران باسيل، وهما أكبر قوتين مسيحيتين في البرلمان، إلى جانب حزب الكتائب بقيادة سامي الجميل.

ويعكس هذا التوافق النادر انفصالا من جانب باسيل عن حليفه السابق، حزب الله، كما يعكس رغبة براغماتية منه في أن يكون قريبا من قصر بعبدا، بدلا من أن يبقى خارج نفوذ التيارين: “المعارضة الوطنية” من ناحية والثنائي الشيعي من ناحية أخرى. وهو ما قد يمكن أن يُسهّل له، في وقت لاحق، الخروج من دائرة العقوبات التي تفرضها عليه الولايات المتحدة.

◙ أزعور بلّغ مؤيديه بأنه لن يستقيل من منصبه قبل أن يضمن حصوله على التأييد الكافي للفوز بالرئاسة

ويقول باسيل إنه “تقاطع مع كتل نيابية أخرى على اسم جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية”، مضيفا “إننا نريد رئيسا لا أحد يفرضه علينا ونحن لا نفرض رئيسا على أحد”.

واعتبر حزب الله ترشيح أزعور “مناورة” يقصد بها كل طرف من أطراف المعارضة “حرق اسمه” قبل أن يكشف عن مرشحه الحقيقي. إلا أن هذا الافتراض ذا الطبيعة “المؤامراتية” يتبدد في الواقع إثر تزايد الأدلة على أن أزعور هو مرشح جدي، ليس لأكبر فريقين نيابيين في الصف المسيحي فحسب، وإنما هو يحظى بدعم أطراف المعارضة الأخرى، سواء التي تندرج في تجمع “التغييريين” أو في إطار “اللقاء الديمقراطي” الذي يقوده النائب تيمور جنبلاط.

ويحتاج انتخاب الرئيس في المجلس النيابي إلى 85 صوتا في الجلسة الأولى، وهو أمر مستحيل في ظل الانقسام الراهن، إلا أن الجولة الثانية تحتاج أغلبية بسيطة تبلغ 65 صوتا. ويقول مؤيدو أزعور إنه يمكن الحصول عليها، بل إن المجموع يمكن أن يبلغ 68 صوتا، من مجموع 128 مقعدا في المجلس النيابي.

وأزعور هو مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، ويشرف على عمل الصندوق في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى والقوقاز. وشغل منصب وزير المال اللبناني بين عامي 2005 و2008، ونفذ خلال ذلك عدة مبادرات للإصلاح، منها تحديث النظم الضريبية والجمركية اللبنانية، وسيحظى بثقة الصندوق والمجتمع الدولي الداعم للبنان إذا تم انتخابه بالفعل، الأمر الذي يُسهل مفاوضات لبنان من أجل الحصول على حزمة الإنقاذ المطلوبة لإخراج اقتصاده من دوامة الانهيار التي تفاقمت منذ عام 2019، وازدادت سوءا بعد انفجار مرفأ بيروت في أغسطس 2020.

وأبلغ أزعور مؤيديه بأنه لن يستقيل من منصبه قبل أن يضمن حصوله على التأييد الكافي للفوز بالرئاسة.

◙ التفاف نحو 45 نائبا مسيحيا حول أزعور لا يُبقي مكانا لفرنجية
التفاف نحو 45 نائبا مسيحيا حول أزعور لا يُبقي مكانا لفرنجية

ويمتلك الثنائي الشيعي القدرة على تعطيل جلسة الانتخاب الأولى، بتعطيل النصاب. إلا أنه يحتاج إلى كسب تسعة نواب على الأقل، فوق تحالفه الراهن البالغ 55 صوتا، لكي يتمكن من تعطيل الجلسة الثانية.

ويمكن لرئيس المجلس النيابي نبيه بري أن يلعب دورا في التعطيل، وإن كان محدودا، وذلك بأن يطلب أغلبية كافية قبل أن يدعو إلى استئناف عقد جلسات الترشيح، بالقول إنه بعد فشل استمر 11 جلسة لن يكرر الفشل من جديد.

وحاول ممثلون لحزب الله ترهيب أزعور، بالاتصال به كي يبلغوه بأن تأييده هو مجرد لعبة “لحرق اسمه”، وأكدوا أن الأمر لا يعدو كونه مؤامرة لكي يسحب الحزب دعمه لفرنجية.

ويقول مراقبون إن التوافق المسيحي – المسيحي الراهن لم يعد يُبقي متسعا لفرنجية، وإن ورقته هي التي احترقت. وطالما أن ترشيح الرئيس هو “شأن مسيحي” (حيث يُملي العرف السائد أن يكون الرئيس مسيحيا مارونيا)، فإن التفاف نحو 45 نائبا مسيحيا حول أزعور لا يُبقي مكانا لفرنجية، ويُثبت أنه خيار لا يمثل المسيحيين، وإنه من الناحية العملية ليس أكثر من عضو مسيحي في حزب الله.

وحيث أن مرشح المعارضة “التغييرية” كان ميشيل معوض، فإن انسحابه لصالح أزعور يزيد الثقة بأنه سيحظى في النهاية بدعم أطراف المعارضة التي كانت تتمسك به في مواجهة مرشح حزب الله. وبذلك يمكن لطريق أزعور إلى قصر بعبدا أن يبقى مفتوحا بدعم من نواب التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب وكتلة التجديد والنواب “التغييريين”، فضلا عن بعض النواب المستقلين. ومن المنتظر أن يعلن “اللقاء الديمقراطي” موقفه غدا الثلاثاء، علما بأن أزعور كان ضمن قائمة الأسماء التي اقترحها “اللقاء”.

وتقول مصادر قريبة من أوساط المعارضة إن هناك زخما كافيا يمكنه أن يُبطل مناورات وشكوك حزب الله، ويجبره على التخلي عن ترشيح فرنجية والتواصل مع أزعور للبحث في ما إذا كان يمكن التوصل إلى توافقات معه.

وتضيف هذه المصادر أن الحزب مشغول بالحصول على ضمانات تتعلق بسلاحه، وبصلاحيات الدولة الموازية التي يقودها، بما يشمل نفوذه على بعض الوزارات. في حين أن أزعور إذا تولى الرئاسة فإنه سيكون مشغولا بالإصلاح الاقتصادي. ونقطة التصادم هنا هي أن حزب الله  لا يريد إصلاحات تمس مصالحه الاقتصادية الخاصة.

1