التحديات المتزايدة تختبر قدرة شركات الطيران على الانتعاش

استعادة نحو 4.5 مليار مسافر مسجلين خلال عام 2019 أحد الأهداف المرجعية للقطاع.
الاثنين 2023/06/05
رحلة ممتعة

إسطنبول - تتباين آراء المحللين والخبراء حول قدرة قطاع الطيران حول العالم على الصمود أكثر بوجه التحديات المتزايدة رغم بروز بوادر مشجعة على تعافي سوق النقل الجوي منذ بداية 2023.

وعادت شركات الطيران التي تجتمع حاليا في مدينة إسطنبول التركية إلى نشاطها الذي كانت عليه قبل الوباء، لكنها تواجه ارتفاع التكاليف وسلاسل التوريد والتوتر الجيوسياسي والمشروع الضخم المتمثل في إزالة الكربون في مواجهة أزمة المناخ.

ودعيت حوالي 300 شركة لحضور الجمعية العامة السنوية للاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) التي بدأت الأحد وتستمر حتى الثلاثاء على ضفاف البوسفور، وهو قطاع بات أكثر تفاؤلا بعدما تجاوز تداعيات كوفيد التي خفضت عدد زبائنه بمعدل الثلثين في 2020.

ويبدو الهدف الأول استعادة نحو 4.5 مليار مسافر مسجلين خلال عام 2019 وأيضا في ما يتعلق بإيرادات الركاب بالكيلومترات، وهو أحد المؤشرات المرجعية للقطاع.

وتجاوزت شركات الطيران للمرة الأولى في أبريل الماضي المستويات التي سجلتها قبل أربع سنوات على الخطوط الداخلية. وإذا شمل ذلك المسارات الدولية، فإنها تكون قد استعادت أكثر من 90 في المئة من نشاطها المسجل ما قبل الأزمة كمعدل متوسط.

كريستيان شيرير: نشهد نمطا أكثر قابلية للتنبؤ في سلسلة نشاط القطاع
كريستيان شيرير: نشهد نمطا أكثر قابلية للتنبؤ في سلسلة نشاط القطاع

وهذه النسب تم الحصول عليها رغم أسعار البطاقات المرتفعة جدا، ففي فرنسا ارتفعت خلال أبريل بمعدل الثلث مقارنة مع الشهر نفسه قبل أربع سنوات بحسب الإدارة العامة للطيران المدني.

لكن هذا لا يمنع الشركات من ملء الحجوزات الخاصة بالموسم السياحي الصيفي الحاسم في نصف الكرة الشمالي، كما يقول محللو القطاع.

وفي منتصف أبريل الماضي كانت مبيعات البطاقات في الأسواق الداخلية أعلى بمعدل 20 في المئة من تلك المسجلة في الفترة نفسها قبل أربع سنوات، بحسب إياتا الذي عزا هذه الدينامية إلى إنهاء سياسة "صفر كوفيد" في الصين.

وأفلست بعض الشركات خلال الأزمة، لكن أخرى وبدعم من الدول وإعادة هيكلتها، خرجت بأرباح أكبر. وفي أوروبا عادت معظم شركات النقل الكبرى إلى تحقيق أرباح في 2022 ما أتاح لها البدء بخفض ديونها أو حتى التفكير بعمليات اندماج مع  منافسين أضعف.

ولكن احتياطي نمو الحركة الجوية يقع في الشرق. وتم افتتاح مطار إسطنبول العملاق الجديد قبل الأزمة وهو في منافسة على الطرق الآسيوية مع “المحاور” الأوروبية الرئيسية مثل لندن - هيثرو وفرانكفورت وباريس شارل ديغول، لكن أيضا مطارات الخليج.

وتنشط الشركات العملاقة وهي طيران الإمارات والخطوط القطرية والاتحاد للطيران لهذه الدول، التي على عكس العواصم الأوروبية لم تقطع علاقاتها مع موسكو بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022، بكثافة وبدأت تستعيد عافيتها بقوة.

ولا يزال بإمكانها ليس فقط تنظيم رحلات من وإلى روسيا وإنما خصوصا التحليق في أجوائها كسبا للوقت والمال، وهو ما اعتبره محللون تحويلا للمنافسة أفرز أيضا توترات بالنسبة إلى الخطوط الفرنسية والصينية.

ويرى خبراء أن على قطاع النقل الجوي أيضا مواجهة أزمة مناخية وجودية ولاسيما أنه يساهم حاليا بنحو 3 في المئة من الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون وهو رقم من شأنه أن يرتفع في حال لم يتم القيام بأي خطوة.

رحلة

وبعدما تعهدت بإجماع بين الدول بـ"صفر انبعاثات" بحلول عام 2050، وهي ورشة عمل بقيمة 1550 مليار دولار بحسب إياتا، تراهن غالبية الشركات على وقود غير أحفوري للتوصل إلى ذلك. ويتم إنشاء فروع تدريجيا بتحفيز أميركي وأوروبي على أمل خفض الأسعار المرتفعة لهذه المنتجات. وارتفاع الكلفة، إلى جانب الوقود، يدعمه النقص الزاحف بعد الأزمة سواء كان للطيارين أو المواد الخام في العالم بأسره.

وبسبب الصعوبات التي يواجهها المقاولون تكافح شركتا أيرباص الأوروبية ومنافستها الأميركية بوينغ لزيادة إنتاجهما رغم ملء دفاتر الطلبات حتى نهاية العقد لطرازات معينة.

وهذا التحدي قد يصبح أكثر حدة في الأسابيع المقبلة لأن اجتماع إسطنبول سيدشن شهرا مزدحما للطيران الجوي في يونيو قبل معرض لوبورجيه الجوي في باريس.

ويتوقع المحللون طلبيات جديدة بعد طلبية 470 طائرة لطيران الهند في فبراير الماضي، و300 طائرة لشركة راين إير في مطلع مايو الماضي.

◙ قطاع النقل الجوي يواجه أزمة مناخية وجودية ولاسيما أنه يساهم حاليا بنحو 3 في المئة من الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون

وقال كريستيان شيرير كبير المسؤولين التجاريين في أيرباص لرويترز على هامش الاجتماع إن الشركة "تشهد نمطا أكثر قابلية للتنبؤ في أنشطتها الصناعية وما يبدو أنه بداية لاتجاه أكثر إيجابية في عمليات التسليم".

وأضاف “يبدو أن الاتجاه يريد أن يكون إيجابيا. نشهد زيادة مطردة في قدرتنا على قيادة الطائرات عند خروجها من خط التجميع”، مضيفا أن أيرباص تركز بشكل كامل على العمليات في أعقاب اضطراب سلسلة التوريد الأخير.

وأفادت رويترز الخميس الماضي أن شحنات أيرباص لشهر مايو كانت في طريقها إلى أفضل 60 طائرة، بزيادة نحو 30 في المئة بمقارنة سنوية، ووصلت التسليمات حتى الآن هذا العام إلى أكثر من 220 طائرة.

وتستهدف أيرباص 720 عملية تسليم للعام بأكمله، مما يشير إلى تسارع حاد في عمليات التسليم بعد الصيف. ومن المقرر أن تنشر بيانات مايو الخميس المقبل.

وقال شيرير إن "الصعوبات الأخيرة تجاوزت الشركات المصنعة وتكمن في عمق سلسلة التوريد"، بعد أن تفاقمت بسبب التوقف الصناعي "الوحشي" عندما انتشر الوباء في عام 2020، تلاه تراجع مفاجئ في الطلب.

وأضاف "من الواضح أن إعادة تشغيل محرك مُعقد يضع ضغطا على أضعف جزء منه وأن الجزء الأضعف ليس هو المصنع". وتابع "لم يكن النبض نفسه عبر سلسلة التوريد ولكن يبدو أن هناك المزيد من الانسجام الآن".

وألقت أيرباص وبوينغ باللوم على سلاسل التوريد المتعثرة في التأخير الأخير في تسليم الطائرات، حيث اشتكت شركات الطيران وشركات التأجير من تغييرات غير منتظمة في الجداول الزمنية.

سباق محموم

10