أردوغان يؤدي اليمين الدستورية ويطلب دعم المعارضة

الهدف من النداء هو إحراج المعارضة شعبيا رغم إدراك الرئيس التركي أنها ستتركه يواجه التحديات الصعبة لوحده.
الأحد 2023/06/04
وعود جديدة

أنقرة - أدى رجب طيب أردوغان السبت اليمين الدستورية رئيسا لتركيا لولاية ثالثة من خمس سنوات، وسط تفاقم المشكلات الاقتصادية في بلده. وبعد إعادة انتخابه بـ52 في المئة من الأصوات في 28 مايو الماضي في دورة ثانية غير مسبوقة للانتخابات في تركيا، أدى الرئيس البالغ 69 عاما والموجود في السلطة منذ عقدين، اليمين الدستورية أمام البرلمان.

وبقي نواب حزب الشعب الجمهوري (معارضة) جالسين حين وقف أعضاء البرلمان، ومن بينهم المرشح للانتخابات كمال قليجدار أوغلو الذي أجبر أردوغان للمرة الأولى على خوض دورة انتخابية ثانية في مواجهته.

وقال الرئيس المعروف بخطه الإسلامي المحافظ "بصفتي رئيسا، أقسم بأن أعمل بكل ما أوتيت من عزم لحماية وجود الدولة واستقلالها، وسيادة الأمة غير المشروطة، ودولة القانون ومبدأ جمهورية علمانية" مثلما أسسها أتاتورك "أبوالأتراك". ووعد بـ"الوفاء بواجبه بحيادية".

وأكد أردوغان أن "تركيا في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الوحدة والالتحام بين جميع أفراد شعبها كالبنيان المرصوص". وتابع "انتهت انتخابات 28 مايو وتجلت الإرادة الوطنية في صناديق الاقتراع وبدأ قرن تركيا وفتح أبواب نهوض بلادنا".

◙ أردوغان أكد أن تركيا في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى الوحدة والالتحام بين جميع أفراد شعبها كالبنيان المرصوص

وأردف "عقب كل انتخابات نمد يدنا للمعارضة لكنها ترفض مصافحتنا، نأمل أن تتخذ موقفا مختلفا هذه المرة". وقال "نتطلع إلى تحلي المعارضة بحس المسؤولية فيما يتعلق بسلامة الديمقراطية التركية وأن تتصالح مع الإرادة الوطنية".

ويرى المراقبون أن الهدف من هذا النداء هو إحراج المعارضة شعبيا، وأردوغان يعرف أنها ستتركه يواجه التحديات الصعبة لوحده. وأضاف الرئيس التركي "اليوم هو يوم الوحدة والتكاتف وترسيخ أخوتنا الممتدة منذ ألف عام، اليوم هو يوم حماية المستقبل المشرق لأبنائنا". وتابع "سوف نفي بجميع الوعود التي قطعناها لشعبنا في الساحات الانتخابية مثلما فعلنا طوال السنوات الـ21 الأخيرة".

واستدرك "سنعزز ديمقراطيتنا بدستور جديد حر ومدني وشامل ونتحرر من الدستور الحالي الذي كان ثمرة لانقلاب عسكري". ولفت إلى أنهم "مصممون على تطبيق مبدأ مصطفى كمال أتاتورك ’سلام في الوطن سلام في العالم’ عبر تعزيز مجال نفوذ الدبلوماسية الإنسانية". وتعهد الرئيس التركي "بالعمل بكل ما نملك من قوة لحماية مجد الجمهورية التركية وكرامتها وزيادة سمعتها وإعلاء اسمها في العالم طوال السنوات الخمس القادمة".

وأعرب أردوغان عن شكره لجميع الناخبين الأتراك داخل البلاد وخارجها على مشاركتهم في الانتخابات. وتحت أمطار غزيرة، زار أردوغان بعد ذلك ضريح مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك حيث رحّب ببدء "حقبة جديدة" وتعهّد بـ"إعادة ضحايا الزلزال إلى منازلهم في أسرع وقت ممكن".

وقضى 50 ألف شخص على الأقل إثر زلزال السادس من فبراير 2023 الذي شرّد الملايين من الأشخاص في جنوب تركيا. وبعد زيارة ضريح أتاتورك، توجه أردوغان إلى القصر الرئاسي الفخم الذي شيده فوق تلة على مسافة من وسط العاصمة، حيث سيقيم مأدبة عشاء بحضور رؤساء دول وحكومات والأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ.

وسيحاول ستولتنبرغ مرة جديدة إقناع الرئيس التركي برفع اعتراضه على انضمام السويد إلى الناتو، وذلك إذا أمكن قبل عقد التحالف لقمة في يوليو في فيلنيوس. ورغم إقرار ستوكهولم تعديلا دستوريا سمح لها باعتماد قانون جديد يشدد مكافحة الإرهاب، لا تزال أنقرة تتهمها بإيواء "إرهابيين" من حزب العمال الكردستاني المحظور الذي تصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون على قوائم الإرهاب.

ومن بين الحاضرين في مراسم تنصيب أردوغان رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان ورئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء المجر فيكتور أوربان - المعارض هو أيضا لانضمام السويد إلى الناتو - ورئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، الذين كانوا من أوائل المهنئين للرئيس التركي بفوزه.

ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي في 1991، لم تقم تركيا وأرمينيا علاقات دبلوماسية رسمية والحدود البرية بينهما مغلقة منذ 1993، ويسود التوتر بين البلدين بسبب رفض أنقرة الاعتراف بمجازر الأرمن إبان السلطنة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى باعتبارها إبادة.

◙ وجوه بارزة حضرت مناصب تنصيب أردوغان بينها رؤساء دول أفريقية في انعكاس للنشاط الدبلوماسي لأنقرة في القارة السمراء

غير أن تقاربا بدأ بين البلدين في مطلع 2022، رغم تأييد أنقرة لباكو في مسألة ناغورني قره باغ، المنطقة المتنازع عليها بين أرمينيا وأذربيجان. ومن الوجوه البارزة التي حضرت السبت أيضًا الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، بالإضافة إلى رؤساء دول أفريقية عدة (الكونغو- برازافيل ورواندا والصومال وجنوب أفريقيا والجزائر)  في انعكاس للنشاط الدبلوماسي التركي في القارة الأفريقية.

وتورد وسائل الإعلام بإصرار منذ عدة أيام اسم الخبير الاقتصادي السابق لدى مؤسسة ميريل لينش محمد شيمشك (56 عاما)، وهو شخصية تبعث على الاطمئنان وتحظى بمكانة دولية. وقد يكلف شيمشك المعروف بمعارضته سياسات أردوغان الاقتصادية، والذي تولى وزارة المال بين 2009 و2015 وكان نائبا لرئيس الوزراء مكلفا بالاقتصاد حتى 2018، إقرار نهج تقليدي بهدف ترميم ثقة المستثمرين.

وبسبب تضخم جامح تخطى 40 في المئة تحت تأثير الخفض المتواصل لمعدلات الفائدة بتوجيهات من أردوغان، هبطت العملة الوطنية بشكل حاد إلى أكثر من 20.88 ليرة تركية للدولار الجمعة بالرغم من إنفاق المليارات من الدولارات خلال الحملة الانتخابية لإبطاء انهيارها.

3