تعليق البرهان المشاركة في مفاوضات جدة يكشف نوايا مبيتة لتصعيد أكبر

قوات الدعم السريع تعلن تأييدها التام للمساعي السعودية الأميركية المرتبطة بوقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الصراع.
الأربعاء 2023/05/31
تكتيك قديم متجدد للبرهان بهدف خفض سقف تفاوض قوات الدعم السريع

جدة (السعودية) – علّق الجيش السوداني اليوم الأربعاء المحادثات المتعلقة بوقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وفق مصدر دبلوماسي، وهو قرار يثير مخاوف من إراقة المزيد من الدماء وازدياد الفوضى، كما يمهد لنسف تمديد هدنة الخمسة أيام التي تم التوافق عليها، لا سيما وأن جناح الإخوان داخل القوات المسلحة من أشد الرافضين لها ويضغطون على قائدها الفريق الأول عبدالفتاح البرهان لحسم المعركة في ظل الخسائر الميدانية التي مني بها.   

ويكشف قرار الجيش السوداني عن محاولة لإفشال المفاوضات بمدينة جدة السعودية، خصوصا أنه عمل باستمرار على عرقلتها، وخرق الهدنة من خلال الهجوم بالطيران والمدافع الثقيلة وتحريك القوات من الولايات إلى الخرطوم.

ويأتي القرار بعد أن توعد البرهان، الثلاثاء، خلال مخاطبته جنوده باستخدام "القوة المميتة" في مواجهة قوات الدعم السريع، في موقف يعكس أنه ليس بوارد التجاوب مع دعوات التسوية السياسية وأنه لا يزال يراهن على الحسم العسكري.

وفي المقابل، أعلنت قوات الدعم السريع بالسودان، مساء الثلاثاء، "الدعم التام" للمساعي السعودية الأميركية المرتبطة بوقف إطلاق النار مع جيش البلاد وإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الصراع.

وقالت الدعم السريع، في بيان، إنها "تجدد دعمها التام للمبادرة (المساعي) السعودية الأميركية بشكل صادق وأمين استشعارا لحجم المعاناة التي يعيشها شعبنا خاصة في المناطق المتأثرة بالحرب التي فرضت علينا ولم تكن خيارنا إطلاقا".

وأضافت أن "خروقات الهدنة مستمرة من الجيش حيث يواصل القصف الجوي وطلعات الطيران والمسيرات، وهو ما عطل الهدف الرئيسي من الهدنة، وهو معالجة الوضع الإنساني الكارثي للشعب".

وتابعت "على الرغم من كل ذلك سنواصل التزامنا بالهدنة، ونعمل بجدية من أجل انجاحها وستكون أولوياتنا كيفية معالجة الأزمة الإنسانية".

ويرى مراقبون أن قرار البرهان يندرج ضمن تكتيك دأب على انتهاجه منذ بداية المحادثات في مدينة جدة، لتقليص سقف التفاوض لقوات الدعم السريع، بعدما فشل الجيش في استقطاب قوى لرؤيته، في الداخل والخارج، ودعم موقفه العام من قوات الدعم السريع وهو ما يمثل إخفاقا سياسيا كبيرا سوف يعرضه للمزيد من الأزمات عندما يتوقف ضجيج المدافع.

وتمنح الإنجازات الميدانية والسياسية قوات الدعم السريع رفع سقف التفاوض في محادثات جدة لوقف إطلاق النار، في المقابل تضعف موقف ممثلي البرهان.

وبدأت محادثات الجيش مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية في أوائل مايو وأسفرت عن إعلان مبادئ ينص على الالتزام بحماية المدنيين، كما أسفرت عن اتفاق الطرفين على وقف إطلاق النار لفترتين قصيرتين أفادت تقارير بانتهاكهما مرارا.

ووافق الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية على تمديد وقف إطلاق النار الذي استمر أسبوعا لخمسة أيام أخرى قبيل موعد انتهائه الذي كان مقررا مساء الاثنين.

في غضون ذلك، تعقد الآلية الموسعة بشأن الأزمة السودانية اجتماعها الأول في أديس أبابا اليوم الأربعاء، وذلك بموجب قرار قمة مجلس السلم والأمن الأفريقي التي عقدت السبت الماضي.

ويهدف الاجتماع الي وضع خارطة طريق الاتحاد الأفريقي للأزمة السودانية بمشاركة الشركاء الدوليين والإقليميين.

وستشارك في الاجتماع 21 دولة، إلى جانب الاتحاد الأفريقي ومنظمات الإيغاد والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وفق مصدر دبلوماسي.

وأكد المصدر في تصريحات إعلامية أن الاجتماع سيضع آليات لتنسيق الدعم للسودان، وتأمين وقف فوري ودائم وشامل وغير مشروط للأعمال العدائية، فضلا عن وضع خارطة طريق تعمل على تنسيق ومواءمة الجهود الإقليمية والقارية والدولية لحل الأزمة.

وفي هذه الأثناء طالب الاتحاد الأفريقي بوقف إطلاق النار في السودان فورا، وقال مدير إدارة الصراع في مجلس السلم والأمن إن الطرفين لم يلتزما باتفاقية جدة.

وندد باستمرار استهداف المدنيين وعدم الالتزام بالقانون الإنساني الدولي، وطالب بإيصال المساعدات بشكل عاجل وفوري، وحذر من تأثيرات الحرب في السودان على دول الجوار.

وأفادت معلومات بأن الجيش السوداني أغلق اليوم الأربعاء، جسر مدينة الفتيحاب من جهة أم درمان غربي العاصمة، وسط تحليق مكثف للطيران الحربي في أم درمان وإطلاق نار متقطع في منطقة المهندسين.

وتحدث سكان عن اندلاع اشتباكات عنيفة حتى وقت متأخر الثلاثاء في جنوب العاصمة الخرطوم وفي مدينة أم درمان التي تقع على الضفة المقابلة لنهر النيل.

وتوسطت السعودية والولايات المتحدة لإبرام اتفاق وقف إطلاق النار وتراقبان تنفيذه عن بعد. وقال البلدان إن طرفي الصراع انتهكا الاتفاق لكنهما سمحا بوصول المساعدات إلى ما يقدر بنحو مليوني شخص.

وتسبب الصراع في نزوح ما يقرب من 1.4 مليون شخص من ديارهم ومن بينهم ما يربو على 350 ألف شخص عبروا الحدود إلى بلدان مجاورة.

وتعرضت مناطق في العاصمة لأعمال نهب كبيرة وتعاني من انقطاع متكرر للكهرباء والمياه. وتوقفت معظم المستشفيات عن العمل.

ونقلت الأمم المتحدة وبعض وكالات الإغاثة وسفارات وبعض هيئات الحكومة المركزية السودانية عملياتها إلى بورتسودان بولاية البحر الأحمر، وهي مركز شحن رئيسي ولم تشهد اضطرابات تذكر.