تمديد جديد لوقف إطلاق النار بالسودان في ظل استمرار الاشتباكات

الرياض وواشنطن تعلنان موافقة طرفي النزاع على تمديد الهدنة خمسة أيام إضافية، وأنهما اتفقا على مناقشة وقف إطلاق نار طويل الأمد.
الثلاثاء 2023/05/30
الهدنة القصيرة لم تخل من الانتهاكات

الرياض - وافق طرفا الصراع في السودان مساء الاثنين على تمديد اتفاق وقف إطلاق النار لخمسة أيام، بعد الشكوك التي أثيرت مجددا إزاء فعالية هدنة تستهدف تخفيف الأزمة الإنسانية جراء الاشتباكات العنيفة والضربات الجوية التي شهدتها أجزاء من العاصمة الخرطوم.

وأعلنت السعودية والولايات المتحدة، اللتان توسطتا في اتفاق وقف إطلاق النار لمدة أسبوع ومراقبته عن بعد، موافقة الطرفين على تمديده قبل قليل من الموعد المقرر لانتهاء سريانه.

وقال البلدان في بيان مشترك إنه على الرغم من عدم الالتزام التام بوقف إطلاق النار، فقد أتاح توصيل المساعدات إلى نحو مليوني شخص.

وأشار البيان أن التمديد الجديد للاتفاق "سيوفر وقتا لمزيد من المساعدة الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية، ومناقشة التمديد المحتمل على المدى الطويل".

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس" أن "الطرفين اتفقا على مناقشة وقف إطلاق نار طويل الأمد، يستلزم إخلاء القوات من المناطق الحضرية ومنازل المدنيين، وإزالة المزيد من العوائق أمام حرية تنقل المدنيين والمساعدات الإنسانية، وتمكين الموظفين الحكوميين من استئناف واجباتهم المعتادة"، وفق البيان.

وأدانت الرياض وواشنطن "استمرار الضربات الجوية والهجمات والتحركات المحظورة" لطرفي الصراع، وحثتاهما على "احترام التزاماتهما بالامتناع عن تلك الأعمال خلال فترة التمديد الجديدة".

وشددتا في البيان على أنه "لا يزال يتعين على الطرفين التقيد بالتزاماتهما بموجب اتفاقية وقف إطلاق النار قصير الأمد المبرمة في 20 مايو وإعلان الالتزام بحماية المدنيين في السودان".

ومساء الإثنين، انتهت مدة اتفاق معلن لـ7 أيام بين الجيش و"الدعم السريع" لوقف إطلاق النار قصير الأمد وترتيبات إنسانية، برعاية سعودية أميركية.

وفي غضون ذلك، ذكر برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه تسنى له اعتبارا من السبت القيام بأول عملية توزيع للمواد الغذائية في الخرطوم منذ بداية الصراع.

وقالت مصادر مطلعة على الاتفاق الجديد إن المباحثات مستمرة على تعديلات لجعل الهدنة أكثر فعالية.

وقبل ساعات، أفاد سكان باندلاع معارك في مدن الخرطوم وأم درمان وبحري. وقالوا إن حدة القتال أشد مما كانت عليه في الأيام الثلاثة الماضية.

واتهمت قوات الدعم السريع بقيادة الفريق الأول محمد حمدان دقلو "حميدتي" الجيش السوداني بقصف حافلة ركاب ومقتل مواطنين أبرياء.

وأدانت في بيان نشرته عبر صفحاتها الرسمية على فيسبوك وتويتر "بأشد العبارات السلوك الوحشي لقوات الانقلابيين وفلول النظام البائد المتطرفة التي قامت عصر 29 مايو 2023 بارتكاب مجزرة بقصف الطيران الحربي لحافلة ركاب وعدد من المزارع بشمبات مما تسبب في مقتل وإصابة عدد من المواطنين الابرياء بينهم نساء وأطفال".

وقالت "إن المجزرة البشعة التي ارتكبها الطيران الحربي للانقلابيين الارهابيين بقصفهم للمدنيين، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك حجم الحقد والكراهية التي تضمرها هذه الطغمة الفاسدة للشعب السوداني".

وأضافت ان المسؤولية التاريخية التي تتحملها قوات الدعم السريع في هذه اللحظة المفصلية والتي ينبغي أن يطلع بها كل حادب على مصلحة الوطن وشعبه تتطلب التكاتف من أجل اجتثاث هؤلاء الانقلابيين ونظامهم البائد المتطرف حتى نستطيع وضع بلادنا في مسارها الصحيح".

ان هذا التصرف الجبان يأتي امتداداً للخروقات المستمرة لاتفاق وقف إطلاق النار والترتيبات الإنسانية وهو يمثل أيضاً انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الانساني يستوجب الإدانة من قبل المنظمات الإقليمية والدولية.

واندلع الصراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في 15 أبريل، ما أدى إلى مقتل المئات وفرار ما يقرب من 1.4 مليون شخص من ديارهم.

وقال سكان إنه أمكن سماع دوي الضربات الجوية، التي يستخدمها الجيش لاستهداف قوات الدعم السريع المنتشرة في أحياء بالعاصمة، في أم درمان ظهيرة الاثنين.

وقال حسن عثمان (55 عاما)، وهو من سكان أم درمان، إنه منذ مساء الأحد تقع ضربات باستخدام جميع أنواع الأسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأضاف أن هناك حالة خوف كبير بين السكان، متسائلا "أين الهدنة؟".

وتوقف القتال العنيف مؤقتا في الأيام المنصرمة في ظل الهدنة، غير أنه استمرت الاشتباكات والضربات الجوية على نحو متفرق.

وقالت السعودية والولايات المتحدة الأحد إن كلا من الجيش وقوات الدعم السريع انتهك الهدنة مرارا وعرقل وصول المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية.

وقالت وزارة الصحة إن القتال تسبب في مقتل أكثر من 700، لكن من المرجح أن يكون العدد الحقيقي أعلى بكثير بسبب صعوبة وصول عاملي الصحة والمساعدات إلى مناطق الصراع.

وسجلت الحكومة بشكل منفصل ما يصل إلى 510 وفيات في الجنينة، إحدى المدن الرئيسية في إقليم دارفور غرب البلاد والذي كان يعاني بالفعل من الصراع والنزوح.

وطالت عمليات نهب وتدمير مصانع ومكاتب ومنازل وبنوكا في الخرطوم. وكثيرا ما تشهد العاصمة السودانية انقطاع الكهرباء والمياه والاتصالات، كما تعاني من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية وكذلك نفاد الإمدادات الغذائية.

وأعدت رويترز تقريرا عن وفاة عشرات الأطفال في أكبر دار للأيتام بالخرطوم منذ بدء الصراع، وعزا أحد المسؤولين هذه الوفيات بشكل رئيسي إلى نقص العاملين على الرعاية وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر بسبب القتال.

وتقول الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة إنه على الرغم من الهدنة فإنها تكابد للحصول على موافقات وضمانات أمنية لتوصيل المساعدات وفرق الإغاثة إلى الخرطوم وغيرها من الأماكن التي تحتاج إليها.

وقال برنامج الأغذية العالمي إنه بدأ عمليات التوزيع على مدى ثلاثة أيام في العاصمة السبت ووصل إلى أكثر من 12 ألف شخص في المناطق التي يسيطر عليها الجيش وقوات الدعم السريع في أم درمان. وأضاف أنه يخطط للوصول إلى ما لا يقل عن 500 ألف شخص في الخرطوم.

ويتوقع البرنامج أن يقع ما يصل إلى 2.5 مليون شخص في السودان في براثن الجوع في الأشهر المقبلة، مما يرفع عدد المتضررين من نقص الغذاء الحاد إلى أكثر من 19 مليونا، أو 40 بالمئة من السكان.

وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي لرويترز إن التوقعات التي تشير إلى احتمال فرار مليون شخص من السودان بحلول أكتوبر تشرين الأول ربما تكون متحفظة مشيرا إلى أن العدد قد يكون أكبر من ذلك.

وفر أكثر من 350 ألف شخص بالفعل إلى دول مجاورة وتوجه أغلبهم إلى مصر وتشاد وجنوب السودان.