ضعف وإرباك يدفعان على عجل الجيش السوداني لاستدعاء وتسليح متقاعديه

الخرطوم - وجهت وزارة الدفاع السودانية الجمعة نداء إلى المتقاعدين من الجيش للالتحاق بأقرب مقر عسكري للتسلح بدعوى تعرضهم لهجمات من قبل قوات الدعم السريع، فيما تشير هذه الدعوة إما لحالة الضعف التي تقول مصادر من داخل الجيش نفسه إنه بات يعاني منها بعد شهر نصف الشهر من تفجر المواجهات في الخرطوم وتحقيق قوات الدعم مكاسب ميدانية أو أنها استدعاء لحرب أهلية أوسع.
واللافت أنه هذه الدعوة تأتي بعد فترة قصيرة من دعوات سابقة أطلقتها فلول النظام السابق وقيادات اخوانية لتسليح المدنيين والقبائل لمواجهة قوات الدعم السريع التي كانت قد حذّرت من اتجاه يدعمه ضباط موالون للرئيس المعزول عمر البشير وقيادات من جماعة الاخوان، لتشكيل ميليشيات مدنية.
وقال الجيش في بيان بعد ظهر الجمعة "إننا نهيب بكل المحالين إلى التقاعد في القوات المسلحة من ضباط وضباط صف وكل القادرين على حمل السلاح بالتوجه إلى أقرب قيادة عسكرية لتسليحهم تأمينا لأنفسهم وحرماتهم وجيرانهم وحماية لأعراضهم"، مؤكدا أن الحرب التي يخوضها الجيش "هي حرب مدن لا حدود زمنية لها".
وجاء البيان بينما تتواصل المعارك العنيفة في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع في اليوم الرابع من وقف لإطلاق النار أعلن الوسطاء الجمعة أنه يشهد "تحسنا ملحوظا".
ومنذ الدقائق الأولى للهدنة التي جاءت بعد خمسة أسابيع من اندلاع الحرب، أفاد سكان في الخرطوم بوقوع ضربات جوية وقصف بالمدفعية.
وكان أعنف يوم على الأرجح الأربعاء عندما أعلنت قوات الدعم السريع إسقاط طائرة للجيش الذي رد بضرب مدرعات.
وعندما اجتاحت الحرب العاصمة السودانية الشهر الماضي، سرعان ما امتدت إلى إقليم دارفور في الغرب وأشعلت صراعا قديما ودفعت بموجة من اللاجئين عبر الحدود إلى تشاد.
وأرسل نصر عبدالله زوجته وشقيقته وأطفاله الخمسة إلى تشاد الأسبوع الماضي وظل ينتظر أي أنباء عن ابنه البالغ من العمر 17 عاما في العاصمة الخرطوم، لكن عندما أُحرق منزل جاره وسيطرت العصابات على الشوارع، فر هو الآخر.
وبعد وصوله مرهقا يوم الأربعاء إلى مدينة أدري التشادية على بعد حوالي 27 كيلومترا من مدينة الجنينة الرئيسية في ولاية غرب دارفور، قال الرجل البالغ من العمر 42 عاما "لم أستطع التحمل أكثر من ذلك وبالتالي قررت المغادرة سيرا على الأقدام"، مضيفا "مررت عبر الأدغال وسرت غربا طوال الليل".
الجيش السوداني يقول في بيان استدعاء المتقاعدين من العسكريين إنه يخوض حرب مدن لا حدود زمنية لها
وفي ظل هذا الوضع المتوتر، أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنها تمكنت من بدء "توزيع مواد تخدير ومضادات حيوية وأدوية وضمادات وأمصال لمعالجة مئات المصابين بالسلاح" في "سبعة مستشفيات في الخرطوم".
وأكد الوسطاء أن "فرقا للصيانة تمكنت من إجراء إصلاحات لاستعادة خدمات الاتصالات في الخرطوم وأماكن أخرى من السودان".
غير أن هذا التحسن ضئيل مقارنة بالنقص في تلبية الاحتياجات، فمنذ أكثر من أربعين يوما تعاني أحياء كاملة في الخرطوم، العاصمة التي يقطنها خمسة ملايين سوداني، انقطاع المياه والكهرباء وشبكات الاتصالات.
أما مستشفيات الخرطوم ودارفور، المنطقتين الأكثر تأثرا بالحرب، فأغلبها أصبح خارج الخدمة. وتلك التي لم تتعرض للقصف تعاني نقصا في مخزون الأدوية والأدوات الطبية أو تم احتلالها من قبل أحد الطرفين.
والوضع حرج خصوصا في دارفور المنطقة الغربية الواقعة على الحدود مع تشاد والتي سبق أن شهدت حربا دامية خلال بداية الألفية الثالثة. وقال شهود إن "معارك بكل أنواع الأسلحة" وقعت الجمعة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
والحرب التي اندلعت في الخامس عشر من ابريل أوقعت 1800 قتيل، وفق منظمة أكلد غير الحكومية المتخصصة في رصد النزاعات.
كما أرغمت قرابة مليون شخص على النزوح داخل السودان، أحد أفقر بلدان العالم، و300 ألف سوداني على الانتقال إلى الدول المجاورة التي تعاني في الأصل أزمات، بحسب الأمم المتحدة.
ويحتاج أكثر من نصف السودانيين، 25 مليونا من أصل 45 مليونا، إلى مساعدات إنسانية للبقاء على قيد الحياة، وفق الأمم المتحدة، لكن بعد أربعة أيام من الهدنة لم يتسن تأمين أي ممر أنساني ما أعاق المدنيين الراغبين في مغادرة مناطق القتال.
وبسبب انعدام الأمن، قالت منظمة أطباء بلا حدود إنها قد تضطر إلى تعليق أنشطتها بسبب نهب مخازنها، موضحة أنها بحاجة إلى شحنات جديدة من المستلزمات الطبية والأدوية، وبحاجة إلى استخراج تأشيرات دخول إلى السودان لأطباء بعدما فر أطباء سودانيون أو تعرضوا للهجوم.