ديناميكية سوق العقار تُخفت زخم صفقات الإسكان في السعودية

أسعار العقارات السكنية نمت خلال العام الماضي بأسرع وتيرة منذ ثماني سنوات مدفوعة بشكل أساسي بزيادة أسعار قطع الأراضي السكنية.
السبت 2023/05/27
زخم إقبال السعوديين على تملّك المنازل يتراجع

الرياض - رصد محللون تحولا دراماتيكيا في قطاع العقارات السكنية بالسعودية مع تراجع الرغبة في عقد صفقات الشراء جراء سببين رئيسين هما تغير ديناميكية السوق وارتفاع الأسعار.

وحسب ما تشير إليه أحدث الإحصائيات فإن زخم إقبال السعوديين على تملّك المنازل تراجع منذ العام الماضي وحتى الآن من 84 في المئة إلى نحو 40 في المئة.

وكان السوق قد شهد نشاطا لافتا قبل تلك الفترة لمواكبة "رؤية 2030" التي يتبناها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والهادفة إلى رفع معدّلات التملّك إلى 70 في المئة بنهاية البرنامج، وفي ظلّ خطة لجعل الرياض في مصاف أكبر عشر اقتصاديات مدن في العالم.

وذكر تقرير لشركة نايت فرانك للاستشارات العقارية العالمية أنه خلال الربع الأول من 2023 انخفض حجم معاملات البيع والشراء في قطاع العقارات السكنية بنحو 57 في المئة بمدينة الرياض، و67 في المئة بمدينة جدة على أساس سنوي.

ووفق معدي التقرير فإن أحد العوامل الرئيسية وراء انحسار الرغبة في شراء المساكن يتمثل في التضخم، فأسعار الفلل في العاصمة السعودية على سبيل المثال، قفزت بنحو 40 في المئة العام الماضي، بينما قفزت أسعار الشقق بنسبة 50 في المئة.

فيصل دوراني: السبب الأكبر في انخفاض الشراء هو أسعار العقارات
فيصل دوراني: السبب الأكبر في انخفاض الشراء هو أسعار العقارات

ويرى فيصل دوراني الشريك ورئيس أبحاث الشرق الأوسط في نايت فرانك أنه إضافة إلى ارتفاع الأسعار “ربما يكون العديد ممن كانوا يخططون للتحوّل من الإيجار إلى التملّك، قد قاموا بذلك فعلا".

وقال دوراني في مقابلة مع اقتصاد الشرق من بلومبرغ الجمعة "في الواقع، يبلغ معدل ملكية المنازل الآن حوالي 67 في المئة، وهو ما يقل قليلاً عن هدف الحكومة البالغ 70 في المئة لعام 2030".

وثمة عامل آخر وراء التراجع عن شراء المساكن، ألا وهو انتقال الشباب، حيث أن 56 في المئة من سكان البلاد البالغ عددهم 36 مليون نسمة تقل أعمارهم عن 35 عاما، من مدينة أو منطقة إلى أخرى للاستفادة من الفرص الوظيفية.

وأوضح دوراني أن 68 في المئة تقريبا من السعوديين لا يعتبرون أنفسهم مقيمين دائمين في المدن، التي يعيشون ويعملون فيها، وهو ما يجعلهم أكثر ميلا لاستئجار المساكن بدلا من تملّكها.

ونمت أسعار العقارات السكنية في السوق السعودية خلال العام الماضي بأسرع وتيرة منذ ثماني سنوات، مدفوعة بشكل أساسي بزيادة أسعار قطع الأراضي السكنية.

وزاد المتوسط السنوي لمؤشر أسعار العقار بنسبة 1.1 في المئة خلال عام 2022 مقارنة بالمتوسط السنوي لعام 2021، وذلك بسبب زيادة متوسط أسعار القطاع السكني بنسبة 2.1 في المئة، بحسب هيئة الإحصاء الحكومية.

وسبق لماجد الحقيل وزير الإسكان أن أكد أن نسب تملّك السعوديين للمساكن تسير حسب المخطط لها. وأفاد أواخر العام الماضي بأن عدد الأسر التي استفادت من البرنامج منذ إطلاقه قبل سبع سنوات بلغ 1.4 مليون أسرة.

وتستهدف الحكومة زيادة نسبة التملّك بواحد في المئة خلال العام الحالي. وتقول إن مساهمة قطاع التمويل العقاري في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد ارتفعت من 7 في المئة خلال عام 2016 إلى 29 في المئة بنهاية 2022.

ومددت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، المملوكة للصندوق السيادي، فترة استحقاق التمويل العقاري طويل الأجل بنسبة ثابتة للمواطنين إلى ثلاثين عاما، مقابل فترات سداد كانت تتراوح من 10 إلى 25 عاما، لتخفيف وطأة رفع سعر الفائدة المتتالي.

ورفعت الشركة ميزانيتها من 1.5 مليار ريال (400 مليون دولار) في عام 2017 إلى أكثر من 3.5 مليار دولار في العام الماضي. ويفترض أن أصولها بلغت نحو 6.4 مليار دولار.

وأشارت نايت فرانك في تقريرها إلى أن استمرار تدفّق الأعمال إلى السعودية من كل أنحاء العالم، زاد الطلب على العقارات التجارية إلى مستويات غير مسبوقة، خصوصاً بعد ارتفاع عدد تراخيص الأعمال الجديدة في العام الماضي بنسبة 54 في المئة.

◙ 40 في المئة نسبة الإقبال على تملك المساكن بعدما كانت عند نحو 84 في المئة قبل 12 شهرا

وبلغت نسب إشغال المكاتب من الفئتين الأولى والثانية، لاسيما في العاصمة الرياض، 97 في المئة و85 في المئة على التوالي، في ظل نقص واضح في المعروض.

وقال دوراني "على سبيل المثال، تم التخطيط لحوالي 800 ألف متر مربع من المكاتب الجديدة في الرياض بحلول 2025، لكننا نتوقع أن يتجاوز حجم الطلب ذلك الرقم بكثير".

وأضاف إن “برنامج استقطاب المقرات الإقليمية للشركات العالمية، شكل ضغطا كبيرا على المعروض من المساحات المكتبية وعلى الإيجارات، وهذا تزامن مع عدم تطوير مساحات مكتبية جديدة في الرياض على مدى الأشهر الاثني عشر شهرا الأخيرة".

وقدّرت نايت فرانك القيمة الإجمالية لمشاريع العقارات والبنية التحتية منذ إطلاق خطة التحول الوطني في السعودية المتعلقة بـ”رؤية 2030” التي جرى إطلاقها في 2016 بنحو 1.1 تريليون دولار.

وتضخمت سوق الرهن العقاري السعودية في ظل خطة الدولة لزيادة نسب امتلاك المواطنين للمنازل، ويبلغ إجمالي محفظة القروض العقارية عند البنوك نحو 660 مليار ريال (175.5 مليار دولار).

وتكشف بيانات البنك المركزي أنَّها تضاعفت ثلاث مرات في غضون خمسة أعوام. وفي ضوء الخطط الحكومية فإن القروض العقارية ستزيد بشكل مطرد حتى نهاية العقد الحالي.

10