الحكومة الليبية تبدأ معركة مع عصابات التهريب والاتّجار بالبشر في الزاوية

كشفت حكومة الوحدة الوطنية الليبية عن شن ضربات جوية على مهربي وقود ومخدرات في مناطق ساحلية بغرب البلاد، وسط اتهامات من أطراف سياسية للطيران المُسير التركي باستهداف مدينة الزاوية بأوامر من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.
طرابلس - أعلنت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية الليبية الخميس، عن تنفيذ ضربات جوية ضد أوكار عصابات تهريب المخدرات وتجار البشر في منطقة الساحل الغربي، فيما اعتبر بعض النواب القصف بمثابة إعلان لبداية الحرب بين قوات “الاستعمار التركي” و”أعوانهم” مع القوة الوطنية الليبية في المنطقة.
وفي الوقت الذي تتواصل فيه الاجتماعات الأمنية في العاصمة طرابلس، تعرضت بعض المواقع في منطقة السيدة زينب في مدينة الزاوية وميناء الماية للقصف بطيران حربي مسير. وجاء ذلك وفق بيان نشره الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية محمد حمودة على صفحته الرسمية بفيسبوك.
وقال حمودة "تفيد وزارة الدفاع بأن طيراننا الوطني نفذ صباح اليوم (الخميس) ضربات جوية دقيقة وموجّهة ضد أوكار عصابات تهريب الوقود وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر في منطقة الساحل الغربي". وأضاف أن الضربات كانت "ناجحة وحققت أهدافها المرجوة"، موضحا أن الوزارة "تقوم بمهمتها الوطنية بمتابعة مباشرة من رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة".
كما دعت وزارة الدفاع "جميع المواطنين إلى التعاون التام مع القوات العسكرية والأركان العامة في العمليات العسكرية، والتي لن تتوقف إلا بتحقيق جميع أهدافها".
وجاء في البيان "إن وزارة الدفاع، وهي تقوم بمهمتها الوطنية بمتابعة مباشرة من رئيس الحكومة، تؤكد تنفيذ التعليمات والخطة العسكرية الموضوعة من أجل تطهير مناطق الساحل الغربي وباقي مناطق ليبيا من أوكار الجريمة والأعمال العصابية، وأنها لن تتأخر أبداً في القيام بواجبها الوطني".
وأهابت وزارة دفاع حكومة الوحدة الوطنية بجميع المواطنين التعاون التام مع القوات العسكرية والأركان العامة في العمليات العسكرية، والتي نبهت إلى أنها “لن تتوقف إلا بتحقيق جميع أهدافها”.
وبينما لم تحدد وزارة الدفاع في بيانها المواقع التي استهدفها الطيران الحربي بالقصف، أفادت مصادر محلية ونشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي بأن القصف استهدف عدة مواقع في مدينة الزاوية ومحيطها.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن طائرات مُسيرة استهدفت فصائل مسلحة في مدينة الزاوية. وتعانى مدينة الزاوية من انفلات أمني مستمر منذ فترة طويلة، بسبب تنافس الميليشيات المسلحة داخلها والموالية لحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة الدبيبة على مناطق النفوذ والسيطرة.
وتم خلال الأيام الماضية، على بعد 45 كيلومتراً غرب العاصمة الليبية طرابلس، العثور على جثة شاب تعرض للاختطاف شرق المدينة. وكانت مدينة الزاوية شهدت خلال الأيام الماضية خروج مسيرات احتجاجية تطالب بإخراج الميليشيات المسلحة التي يحملونها مسؤولية تفشي الجريمة.
وقد تعهدت حكومة الدبيبة خلال لقاء مع وفود أهلية من الزاوية بالعمل سريعا على الاستجابة لمطالب أهالي المدينة، وبالفعل أعلنت عن تشكيل خلية أزمة، لكن لا شيء تحقق حتى الآن.
وتعتبر منطقة أبوصرة بالزاوية وميناء الماية من مناطق نفوذ تابعة لقوات مسلحة معارضة لحكومة الدبيبة بشكل علني. ولا تنضوي تلك المجموعات تحت حكومة طرابلس، بل لا تزال ترفض منذ فترة طويلة استمرار الدبيبة الذي تعتبره مدعوما من قبل تركيا في منصب رئاسة الوزراء.
ويأتي هذا القصف خلال اجتماعات لـ”مجموعة العمل الأمنية من أجل ليبيا” بحضور أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة بهدف التوصل إلى اتفاق لتوحيد المؤسسات العسكرية والمساعدة في وضع آلية توفر مناخا أمنياً سليماً ومواتياً لإجراء انتخابات عامة في البلاد.
ويعدّ هذا الاجتماع الأول من نوعه الذي يعقد في ليبيا بمشاركة رؤساء المجموعة المشاركين عن بريطانيا وتركيا ومصر وإيطاليا وفرنسا والاتحاد الأفريقي، وضباط اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، برئاسة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي.
وفي السياق ذاته قال نائب رئيس مجلس أعيان وحكماء الزاوية جمعة الجيلاني إن “طيرانًا مسيّرًا قصف موقعين جنوب المدينة، دون أن تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الاستهداف”.
وأضاف الجيلاني في تصريح لوسائل إعلام محلية أن “القصف الأول استهدف استراحة بمنطقة أبوصرة والثاني استهدف موقعًا في الماية خلّف جريحين”. وخلال الأيام الماضية شهدت مدينة الزاوية مظاهرات مناهضة لـ”وجود تشكيلات مسلحة وسط الأحياء السكنية، وممارسة بعضها عمليات إجرامية”، وفق بيانات أصدرها المحتجون.
◙ وزارة الدفاع تؤكد تنفيذ الخطة العسكرية الموضوعة من أجل تطهير مناطق الساحل الغربي وباقي مناطق ليبيا
ويأمل الليبيون في تحقيق انفراجة في المشهد السياسي بعد تحركات الأطراف الفاعلة في الأزمة، على غرار اللقاءات التي تجريها اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 مع مجموعة العمل الأمني المنبثقة عن مؤتمر برلين في العاصمة طرابلس.
ويهدف هذا الاجتماع إلى دعم الأجهزة الأمنية في بسط الأمن واستكمال خطوات توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا استعداد للانتخابات القادمة. وفي مدينة بوزنيقة المغربية تواصل اللجنة المشتركة لإعداد القوانين الانتخابية 6+6 مناقشة النقاط الخلافية، أبرزها ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين. وقالت اللجنة إنها حققت توافقًا كاملاً بخصوص النقاط المتعلقة بانتخاب رئيس الدولة وأعضاء مجلس الأمة، دون أن تقدم مزيدًا من التفاصيل بشأن النقاط المتفق عليها.
وفي ظل وجود انقسام سياسي وانتشار المرتزقة والقوات الأجنبية في ليبيا فإن الحديث عن الانتخابات هو أمر غير وارد بالمطلق، إضافة إلى أن بعض القوى الدولية استثمرت في بعض المناصب في الداخل الليبي، وهي الدول التي لن تقبل خسارة تموضعها في تلك المراكز بالذهاب إلى الانتخابات. وناقش أعضاء لجنة 6+6 في بوزنيقة بحضور مسؤول الانتخابات بالبعثة الأممية المسائل الفنية المتعلقة بالنظام الانتخابي “الفردي أو القائمات”.
ومن المقرر بحسب مصادر ليبية أن تصوت اللجنة على المواد الخلافية، حال عدم التوافق عليها في الاجتماعات التي تستمر لعدة أيام في المغرب، وذلك قبل إحالة القوانين إلى البرلمان لاعتمادها دون إجراء أي تعديلات عليها.
ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011 غرقت ليبيا في الفوضى والانقسامات مع حكومتين تتنافسان على السلطة، واحدة مقرها طرابلس (غرب) ومعترف بها من قبل الأمم المتحدة، وأخرى مقرها في الشرق يدعمها معسكر المشير خليفة حفتر ومجلس النواب.