استمرار الاشتباكات يبدد التفاؤل بصمود الهدنة في السودان

دخل اتفاق وقف إطلاق النار في السودان الخميس يومه الثالث، وسط شكوك متزايدة بشأن إمكانية صموده في ظل اتهامات متبادلة بين الأطراف المتحاربة بانتهاكه، فيما يبدو أن اهتمام المدنيين في مناطق النزاع منصب على كيفية النجاة من جولة قتال أشد قد تندلع في أي لحظة.
الخرطوم - استمرت الاشتباكات المتفرقة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الخميس لتبدد الهدوء النسبي في العاصمة الخرطوم، مما زاد من خطر انهيار هدنة بوساطة دولية لمدة أسبوع وسط مخاوف متنامية بشأن أزمة إنسانية.
وتم التوصل إلى وقف إطلاق النار، الذي تراقبه السعودية والولايات المتحدة وكذلك الطرفان المتحاربان، بعد معارك استمرت خمسة أسابيع في الخرطوم واندلاع أعمال عنف في أجزاء أخرى من السودان، بما في ذلك منطقة دارفور غرب البلاد.
ويدور القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وأدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية وأجبر أكثر من 1.3 مليون شخص على الفرار من ديارهم، كما يهدد بزعزعة استقرار منطقة أوضاعها هشة أصلا.
ويعتمد الجيش، بقيادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، على القوة الجوية بينما انتشرت قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، في شوارع الخرطوم واحتمت بها.
ولم يتضح مدى ما حققه أي من الجانبين من تقدم في الأسابيع القليلة الماضية. وقال سكان إن اشتباكات بين الجانبين اندلعت الأربعاء في الخرطوم ومدن أخرى.
وقال توبي هاروارد، منسق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إن جماعة مسلحة حاصرت مدينة زالنجي عاصمة ولاية وسط دارفور، ودعا السلطات إلى استعادة السيطرة على المدينة.
وأضاف أن الاتصالات السلكية واللا سلكية انقطعت وهاجمت عصابات تجوب المدينة بدراجات نارية مستشفيات ومقرات حكومية ومكاتب منظمات إغاثة وبنوكا ومنازل.
وتحدثت تقارير عن وضع مماثل في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور التي شهدت أيضا انقطاع الاتصالات بضعة أيام، بعد مقتل المئات في هجمات شنتها ميليشيات.
جاء الاتفاق على وقف إطلاق النار السبت، بعد محادثات في جدة بوساطة السعودية والولايات المتحدة. وفشلت اتفاقات وقف إطلاق نار سابقة في وضع حد للقتال. وفي تصريحات صدرت في وقت متأخر من مساء الأربعاء، تبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات بانتهاك الاتفاق.
وقالت قوات الدعم السريع إنها اضطرت إلى الدفاع عن نفسها في مواجهة ضربات الجيش البرية والمدفعية والجوية.
المنظمات مستعدة لتقديم المساعدات إلى أكثر من أربعة ملايين شخص، لكن العوائق البيروقراطية والمشكلات الأمنية تعرقل التوزيع
وأضافت أن قوات الجيش “قامت بالهجوم على قواتنا في عدد من المحاور عبر الطيران الحربي والقصف المدفعي والهجوم البري”، مشيرة إلى “إسقاط طائرة ميغ يتواجد حطامها في منطقة أُمبدة” بأم درمان غرب العاصمة.
وأصدرت القوات المسلحة السودانية بيانا اتهمت فيه قوات الدعم السريع بانتهاك وقف إطلاق النار. وقالت إنها صدت هجمات ودمرت ست مركبات معادية.
وقالت سيندي ماكين، المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن الناس يفرون من الخرطوم ويتجهون غربا لدارفور. واندلع في دارفور صراع في عامي 2003 و2004 بين متمردين وميليشيا مدعومة من الحكومة وقتها، وظل الوضع هناك متوترا منذ ذلك الحين.
وعلى الرغم من كثرة اتفاقات السلام، نشبت اشتباكات في دارفور وتزايدت وتيرتها في العامين الماضيين، وعادت إلى الظهور بقوة منذ اندلاع القتال في الخرطوم.
وقالت ماكين للصحافيين في برلين “نحتاج فعلا إلى التمويل. نحتاج إلى تمويل من القطاع الخاص. وفي الوقت الراهن يتعين أن يتوقف الصراع، ونحتاج إلى مساعدة من المجتمع الدولي لنحقق ذلك تحديدا وإلا سنخسر جيلا آخر من السودانيين”.
أكثر من مليون شخص داخل السودان نزحوا، وفر 319 ألفا إلى دول مجاورة يعاني بعضها من الفقر ومن تاريخ مماثل من الصراعات الداخلية
ونشب الصراع في الخرطوم في منتصف أبريل، في وقت كان من المقرر فيه الانتهاء من خطط مدعومة دوليا لانتقال سياسي نحو إجراء انتخابات حرة في ظل حكومة مدنية.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن المنظمات مستعدة لتقديم المساعدات إلى أكثر من أربعة ملايين شخص، لكن العوائق البيروقراطية والمشكلات الأمنية تعرقل التوزيع.
وصرح مسؤول إغاثة لرويترز بأن من بين 168 شاحنة جاهزة لتقديم المساعدات، يتحرك عدد قليل فقط من بورتسودان إلى القضارف وكسلا والجزيرة.
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان إن مواد التخدير والمضادات الحيوية والإمدادات الطبية الأخرى التي تبرعت بها، يجري توزيعها الآن على سبعة مستشفيات في الخرطوم.
وحذر ألفونسو فيردو بيريز، رئيس بعثة اللجنة في السودان، من أن “المرافق الصحية في الخرطوم لا تعمل منها حاليا إلا 20 في المئة، وهذا انهيار حقيقي لنظام في وقت تشتد فيه الحاجة إليه”.
وأضاف “المستشفيات بحاجة ماسة إلى الماء والكهرباء وبيئة آمنة لمرضاها وموظفيها. نناشد الطرفين احترام عمل أفراد الرعاية الطبية. أرواح الناس تعتمد عليهم”.
ويكافح الكثير من السكان للبقاء على قيد الحياة، إذ يواجهون انقطاع المياه والكهرباء لفترات طويلة وانهيار الخدمات الصحية وانتشار الفوضى والنهب.
ونزح أكثر من مليون شخص داخل السودان، وفر 319 ألفا إلى دول مجاورة يعاني بعضها من الفقر ومن تاريخ مماثل من الصراعات الداخلية.