مفاوضات بوزنيقة تحقق اختراقا في قوانين انتخاب الرئيس والبرلمان

الرباط - نجحت اللجنة المشتركة المكلفة من مجلسي النواب والأعلى للدولة الليبيين بإعداد القوانين الانتخابية، في اليوم الثاني من اجتماعها في مدينة بوزنيقة شمال غربي المغرب، في تحقيق اختراق لافت بإعلانها التوصل إلى توافق كامل بخصوص النقاط المتعلقة بانتخاب رئيس الدولة وأعضاء مجلس الأمة، وهو ما من شأنه أن يحيي آمال اللبيبين في إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية نهاية العام الحالي.
وأعلنت اللجنة المشتركة (6+6)، مساء الثلاثاء في بيان تلاه المتحدث باسم اللجنة المشتركة عمر محمد أبوليفة خلال مؤتمر صحافي، عن تحقيق توافق كامل بخصوص عدد من الملفات المتعلقة بإجراء الانتخابات في البلاد.
وكان على رأس القضايا الخلافية التي جرت إثارتها في اجتماع اللجنة المشتركة السماح لمزدوجي الجنسية والعسكريين ورموز النظام السابق بخوض الانتخابات التشريعية والرئاسية.
وقال أبوليفة، إن اللجنة "حققت توافقا كاملا بخصوص النقاط المتعلقة بانتخاب رئيس الدولة، وأعضاء مجلس الأمة، علاوة على كيفية إشراك الأحزاب في انتخابات مجلس النواب عبر قوائم حزبية أو ترشحات فردية".
وأضاف أن "هناك تقدما في تحديد وتوزيع مقاعد مجلسي النواب والشيوخ حسب الدوائر الانتخابية، والإجراءات الخاصة بتشكيل واعتماد قوائم الترشيحات وتمثيل المرأة وضبط الجرائم الانتخابية".
وأشار أبوليفة، إلى وجود تقدم في التوافق على "إجراءات الطعون الانتخابية الخاصة بانتخابات رئيس الدولة ومجلسي النواب والشيوخ وتنظيم حق جميع المترشحين في الولوج بشكل منصف إلى المنصات الإعلامية الحكومية وكذلك الخاصة".
وذكر أن "السلطة التشريعية القادمة (مجلس الأمة) ستشكل من غرفتين: مجلس النواب ومجلس الشيوخ وهو ما يستغرق بعض الوقت في صياغة وضبط التشريعات الخاصة بها".
ولم يقدم المتحدث أي تفاصيل إضافية حول طبيعة التقدم في هذه الملفات.
ولفت إلى أن "تنظيم الانتخابات التشريعية والرئاسية سيتم وفق إجراءات متزامنة".
ودعت اللجنة في البيان الذي تلاه أبوليفة إلى تشكيل حكومة موحدة تمهد للاستحقاقات الانتخابية في أنحاء البلاد، قبل دخول قوانين الانتخابات حيز التنفيذ "حتى لا يتم مصادرة آمال الليبيين". وأشارت إلى أن الواقع الليبي الحالي يفرض على الجميع تغليب المصلحة العليا على كل الحسابات الضيقة.
وحسب البيان، فإن اللجنة أكدت الحرص على استكمال إعداد مشاريع القوانين الانتخابية المختلفة في اللقاءات الجارية بالمغرب، بما يحقق التوصل إلى إطار تشريعي توافقي وشامل للانتخابات في ليبيا، وذلك بتشاور مستمر مع الهيئات القضائية والجهات الفنية المتمثلة في المفوضية الوطنية العليا للانتخابات وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
ومنذ الإثنين، تستضيف المغرب اجتماعات لجنة "6+6" المكونة من "6" أعضاء من مجلس النواب الليبي ومثلهم من المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) للوصول إلى قوانين انتخابية "توافقية" تجرى بموجبها انتخابات ببلادهم في 2023.
ويعتبر اجتماع اللجنة المشتركة في المغرب هو الأول من نوعه الذي يجري خارج الأراضي الليبية، والثالث من نوعه منذ تكوينها في مارس الماضي، حيث عقدت أول اجتماعاتها في مدينة طرابلس، في 5 أبريل الماضي، والثاني في 7 أيار الحالي.
وسبق أن احتضن المغرب 5 جولات من الحوار بين الأطراف المتنازعة في ليبيا، توجت في يناير الثاني 2021، بالتوصل إلى اتفاق على آلية تولي المناصب السيادية، بالإضافة إلى لقاء بين وفدي المجلس الأعلى للدولة، ومجلس النواب حول قانون الانتخابات خلال سبتمبر 2021.
ويرى المغرب أن حل الأزمة الليبية لا يمكن إلا أن يكون ليبياً، وأنه لن تتجاوز الصعاب إلا بالحوار الهادئ وتغليب المصالح الليبية، مؤكداً دعمه "كل فرص التواصل والحوار بين الفرقاء الليبيين من أجل إرساء السلام والاستقرار في البلاد".
وكان وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، قد أكد في 18 أبريل الماضي، أن التوصل إلى إطار تشريعي توافقي وشامل للانتخابات في ليبيا، تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة، هو الحل الوحيد نحو سلام دائم.
واعتبر بوريطة، في مداخلة له خلال الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن الأفريقي، الذي عقد عبر تقنية التناظر المرئي، حول المصالحة الوطنية في ليبيا، أن إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن هو الكفيل بتشكيل حكومة شرعية منتخبة.
وتأتي هذه التطورات بشأن التوافق في عدد من الملفات المتعلقة بالانتخابات في خضم حديث عن اتفاق غير معلن جرى بين الدبيبة وقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر على تشكيل حكومة ليبية موحدة، وذلك خلال مشاورات جرت مؤخرا في العاصمة المصرية القاهرة بين وفود من حكومة الوحدة الوطنية ومندوبين عن حفتر وبتمثيل أقل من مجلس النواب.
وقال مصدر سياسي ليبي واسع الاطلاع إن الاتفاق "ينص على أن يكون الدبيبة رئيسا للحكومة الموحدة المقبلة، مقابل تنازله عن الضغط الذي يمارسه لإقصاء حفتر من (المشاركة في) الانتخابات الرئاسية المقبلة".
وأضاف المصدر المطلع الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن الدبيبة، "بموجب الاتفاق سوف يمتنع عن الضغط الذي كان يمارسه بشكل سري، لإقصاء حفتر من الترشح للانتخابات الرئاسية".
وتابع أنه "بموجب ذلك الامتناع من قبل الدبيبة سيسمح بإقرار قوانين انتخابية تسمح لمزدوجي الجنسية والعسكريين من دخول السباق الانتخابي، وهما أمران كانا سيقصيان حفتر حيث ينطبقان عليه كونه يحمل الجنسية الأمريكية، وكذلك عسكريا".
ولفت إلى أن فتحي باشاغا رئيس الحكومة المعينة من قبل مجلس النواب (شرق) رفض اتفاق الدبيبة وحفتر الذي كان من المفترض أن يتولى بموجبه منصب نائب رئيس حكومة الوحدة".
وبحسب المصدر نفسه، فإن باشاغا "رفض أن يكون نائبا للدبيبة في رئاسة الحكومة المقبلة الموحدة ما دفع حفتر للضغط على مجلس النواب لتوقيفه عن رئاسة الحكومة".
وفي 16 مايو الجاري صوت مجلس النواب بـ"الأغلبية" لصالح إيقاف باشاغا، عن رئاسة الحكومة، التي كلف بها في مارس 2022، وإحالته للتحقيق، خلال جلسة بمدينة بنغازي (شرق)، بدلا من مدينة طبرق (شرق) التي اعتاد عقد جلساته بها.
وكان المجلس كلف في فبراير الماضي باشاغا بتشكيل حكومة جديدة بعد إعفاء حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة الذي رفض القرار، وأيده في ذلك أغلبية أعضاء المجلس الأعلى للدولة مما أدى إلى انقسام السلطة التنفيذية مجدداً في ليبيا.
ويراهن الليبيون على اجتماعات بوزنيقة للتوصل إلى توافق في شأن قانون الانتخابات، خصوصا حول النقاط الخلافية التي تتعلق بشروط الترشح للرئاسة، حيث يعارض المجلس الأعلى للدولة ترشح العسكر ومزدوجي الجنسية وشخصيات النظام السابق، بينما يطالب البرلمان بالسماح للجميع بالمشاركة.
ودعا المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي في أكثر من مرة لجنة "6+6" إلى العمل بسرعة من أجل الخروج بقاعدة دستورية متوافق عليها، والتقدم باتجاه تنفيذ الانتخابات قبل نهاية عام 2023، لكنه هدد بطرح بدائل أخرى، في حال عدم اتفاق البرلمان ومجلس الدولة على وضع القوانين اللازمة لإجراء الانتخابات.