الرياض وواشنطن تطالبان طرفي النزاع في السودان بالالتزام بالهدنة

الخرطوم - أعلنت السعودية والولايات المتحدة، الثلاثاء، أنهما أبلغتا طرفي الصراع بالسودان الجيش والدعم السريع بوجود تقارير تشير إلى انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في مدينة جدة قبل أيام، مطالبتين الطرفين بالالتزام بما تم التوقيع عليه.
جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن البلدين، بشأن اتفاق وقف إطلاق النار قصير الأجل والترتيبات الأمنية، نشرته الخارجية السعودية والسفارة الأميركية بالسودان عبر صفحتها على فيسبوك.
وقال البيان إن "السعودية والولايات المتحدة تؤكدان مجددا على أهمية اتفاقية وقف إطلاق النار قصير الأجل والترتيبات الإنسانية" في السودان الموقع في 20 مايو من قبل القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
وأضاف "لاحظ الميسران السعودية َالولايات المتحدة أن أي من الجانبين لم يلتزم بعدم السعي إلى مكاسب عسكرية خلال فترة 48 ساعة بعد توقيع الاتفاق وقبل دخولها حيز التنفيذ".
واستطرد "بينما بدأ القتال أقل حدة في الخرطوم مما كان عليه في الأيام الأخيرة، أبلغ الميسران طرفي الصراع بوجود انتهاك لوقف إطلاق النار تضمن عمليات هجوم في الخرطوم والأبيض وهجمات جوية واستغلال للأسلحة ".
وطالبت الرياض وواشنطن "التزام طرفي الصراع بما وقعا عليه من التزامات لوقف إطلاق النار المؤقت لتقديم المساعدات الإنسانية الضرورية"، وفق البيان المشترك ذاته.
وفي وقت سابق، قالت وزارة الخارجية الأميركية، إن الولايات المتحدة ولجنة مراقبة مقرها السعودية والطرفين المتحاربين في السودان يناقشون مزاعم انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي اتفق عليه الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
وأحدثت الهدنة، التي جرى التوصل إليها، السبت الماضي، بعد معارك دامت خمسة أسابيع، هدوءاً نسبياً، الثلاثاء، على ما يبدو، لكن أمكن سماع أصوات المدفعية في بعض أجزاء الخرطوم.
وقال ماثيو ميلر المتحدث باسم الوزارة في إفادة صحافية، إن أعضاء لجنة مراقبة وقف إطلاق النار المكونة من مسؤولين سعوديين وأميركيين، إلى جانب ممثلين عن الطرفين المتحاربين في السودان يناقشون ما أثير حول انتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار مع القيادتين العسكريتين في السودان وواشنطن.
وأضاف "رأينا بوضوح التقارير (حول الانتهاكات). المسؤولون عن آلية المراقبة ينظرون في تلك التقارير. عندما نرى انتهاكات لوقف إطلاق النار (فإننا) نعلن عن تلك الانتهاكات ونتحدث مباشرة مع طرفي النزاع".
وأشار ميلر إلى أن مسؤولي وزارة الخارجية يعقدون محادثات منذ اندلاع القتال مع كبار القادة العسكريين ومسؤولين آخرين من الجانبين وسيواصلون القيام بذلك "للضغط عليهم لوقف العنف عندما نرى انتهاكات لوقف إطلاق النار".
وتابع قائلاً، من دون توضيح، إن واشنطن لديها "أدوات إضافية" للضغط على الطرفين المتحاربين وإنها "لن تتردد في استخدام تلك الأدوات في الوقت المناسب".
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد هدد بفرض عقوبات على الأطراف التي لا تلتزم باتفاق جدة.
ووصف مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر ترك اليوم الأربعاء ما يحدث في السودان بأنه "مفجع" ودعا مباشرة طرفي القتال إلى وقف العنف الجنسي وحماية المدنيين.
وقال ترك في إفادة صحافية في جنيف "الجنرال (عبدالفتاح) البرهان، الجنرال (محمد حمدان) دقلو عليكما أن تصدرا تعليمات واضحة لا لبس فيها لكل من يأتمرون بأمركما تفيد بعدم التسامح على الإطلاق مع العنف الجنسي... يجب حماية أرواح المدنيين ويتعين عليكما وقف هذا العنف عديم المعنى على الفور".
وشهدت العاصمة السودانية الخرطوم، ليل الثلاثاء، اشتباكات متقطعة بين الجيش وقوات الدعم السريع رغم دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
وقال سكان في الخرطوم اليوم الأربعاء إنهم سمعوا دوي اشتباكات بين طرفي الصراع الليلة الماضية في أجزاء من العاصمة السودانية، في ثاني أيام هدنة لمدة أسبوع بهدف السماح بإيصال المساعدات وتمهيد الطريق لهدنة أطول.
وجاء اتفاق وقف إطلاق النار، الذي يخضع لمراقبة السعودية والولايات المتحدة وكذلك طرفي الصراع المتمثلين في الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، بعد خمسة أسابيع من القتال الكثيف في الخرطوم وامتداد أعمال العنف إلى مناطق أخرى من البلاد مثل إقليم دارفور غرب السودان.
وقال سكان في أم درمان، إحدى المدن الثلاث التي تكون معا ولاية الخرطوم، إن هناك تبادلا لإطلاق النار وقع في وقت متأخر ليل الثلاثاء في عدة مناطق.
وأضافوا أنهم سمعوا دوي نيران مدفعية كثيفة قرب قاعدة وادي سيدنا موسى العسكرية في ضواحي العاصمة.
وقال الأستاذ الجامعي حسن عوض (48 عاما) لوكالة "رويترز" عبر الهاتف "سمعنا في شمال أمدرمان ليلة الثلاثاء أصوات اشتباكات عنيفة لكن الوضع بعد الهدنة أفضل كل يوم جديد يكون لدينا أمل باحتمال انتهاء كابوس الحرب... لقد كرهنا الحرب".
وأدى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ مساء الاثنين إلى هدوء نسبي للقتال في الخرطوم الثلاثاء، ومع ذلك لم تظهر مؤشرات تُذكر على زيادة سريعة في الإغاثة الإنسانية، إذ قالت فرق الإغاثة إن الكثير من الإمدادات وعمال الإغاثة الذين يصلون إلى بورتسودان على ساحل البحر الأحمر ينتظرون التصاريح والضمانات الأمنية.
واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية القوية بينما كان يتم وضع اللمسات الأخيرة على خطط مدعومة دوليا للانتقال إلى إجراء انتخابات ديمقراطية.
وكان السودان يواجه بالفعل ضغوطا إنسانية شديدة قبل اندلاع الصراع في 15 أبريل والذي أجبر أكثر من مليون شخص على الفرار من ديارهم وهدد بزعزعة استقرار المنطقة.
وقال فيليبو جراندي مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين اليوم الأربعاء إن ما يربو على 300 ألف فروا حتى الآن من السودان إلى دول مجاورة، إذ عبر كثيرون منهم إلى تشاد ومصر في الأيام القليلة الماضية.
وأضاف في تغريدة على تويتر "مساهمات المانحين في خطة التعامل مع اللاجئين لا تزال شحيحة. نحن بحاجة إلى مزيد من الموارد بشكل عاجل لدعم البلدان المضيفة للاجئين".
وتقول الأمم المتحدة إن عدد من يحتاجون المساعدة داخل السودان قفز إلى 25 مليونا، أي أكثر من نصف سكان البلاد.