دواوين الكويت في رسالة إلى المعارضة: إما تغيير النهج أو اتركوا الساحة لغيركم

الكويتيون أمام تحدي اختيار من يمثلهم لا من يمثّل عليهم.
الأربعاء 2023/05/24
الكرة في ملعب الكويتيين لتصحيح المسار

لاقت الرسالة التي وجهها تجمع دواوين الكويت إلى الحكومة وقوى المعارضة تفاعلا واسعا، وسط ترجيحات بأن يكون لهذه الرسالة أثرها على مزاج الناخب الكويتي في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في يونيو المقبل.

الكويت - وجه تجمع دواوين الكويت رسالة حادة إلى القوى المتحكمة في المشهد السياسي ولاسيما لقوى المعارضة الحالية، التي طالبها بتغيير نهجها السلبي والكف عن سياسة التعطيل والتأخير، أو ترك الساحة لغيرها، في موقف يعكس حجم الاستياء الشعبي حيال ما آل إليه الوضع في البلاد. وجاءت الرسالة قبل أيام من إجراء الانتخابات التشريعية، التي تعد الثانية في أقل من عام، على خلفية حالة الاستعصاء السياسي، والذي تعد قوى المعارضة الحالية أحد أبرز المتسببين فيه، وسط توقعات بتصويت عقابي للناخبين.

وتعيش الكويت منذ أكثر من عامين على وقع مناكفات بين قوى المعارضة النيابية والسلطة التنفيذية، ما أدى إلى استقالات متكررة للحكومة، وحل مجلس الأمة في ثلاث مناسبات.
وأدت هذه المناكفات إلى حالة من انعدام الاستقرار الأمر الذي تسبب في تخلف الدولة الخليجية الغنية بالنفط عن الالتحاق بركب محيطها الخليجي، في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة لاسيما على الصعيد الاقتصادي.

ويرى متابعون أن الموقف الصادر عن تجمع دواوين الكويت يأتي في توقيت قاتل بالنسبة إلى قوى المعارضة التي تحشد جهودها من أجل السيطرة على المجلس النيابي المقبل، وتكرار سيناريو انتخابات سبتمبر الماضي، التي كانت فازت فيها بالأغلبية. ويعد موقف الدواوين في الدولة الخليجية جد مؤثر على المزاج العام، وقد لاقت الرسالة التي وجهها التجمع صدى لافتا في الأوساط السياسية والشعبية الكويتية.

وقال تجمع دواوين الكويت في بيان له “لقد مررنا بأحداث متسارعة وتغيرات عديدة قادت إلى احتقان سياسي ومناكفات اختزلت فيها قضايا الكويت في خلافات شخصية بين هذا وذاك وغياب رؤية حكومية واضحة المعالم ودور حاسم لمعالجة كل ذلك.. وأصبح كل من يُفسّر الدستور ومواده حسب مشتهاه ومصلحته، فما هو جائز بنظر هذا هو غير جائز بنظر ذاك، في ظل غياب شبه تام للإعلام الحكومي الرسمي حتى غدت وسائل التواصل الاجتماعي هي مصدر الأخبار للناس”.

◙ الدواوين لعبت دورا بارزا في الحياة السياسية الكويتية، وساهمت في تشكيل الوعي الجمعي السياسي داخل الدولة

وتساءل التجمع في بيانه “أين نحن من الديمقراطية التي فيها مصلحة الوطن والمواطن؟ وأين التوافق الحكومي النيابي المفترض فيه أن يتجلى لحل قضايا الوطن والمواطن والتي تراكمت بمرور الأيام؟ بل أين هي الوعود الحكومية بالإصلاح والتنمية؟ لقد أرهقتم الكويت وأتعبتم أهلها وهم ينظرون إلى بلادهم التي كانت تُدعى في يوم جوهرة الخليج وقد خبا بريقها أو هو كاد يخبو”.

وأضاف تجمع دواوين الكويت “أين هي المعارضة الوطنية الحقيقية التي تبني ولا تهدم وتُصلح ولا تعيق! ما نراه ليس من المعارضة بشيء وإنما هي مجموعة معترضة على كل شيء باستثناء ما يخدم مصالحهم الشخصية! إن المعارضة الحقّة المفهومة لكل ذي بصر وبصيرة هي التي هدفها الصلاح والإصلاح والمعارضة لأجل البناء والتعمير لا المناكفة والتأخير..! وإلا اتركوا الساحة لغيركم وسوف يذكركم الناس بخير”.

وكان الكويتيون يتطلعون مع حل مجلس الأمة 2020 في يونيو الماضي وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح إلى تهدئة سياسية، لاسيما مع بروز مؤشرات عن حالة من التناغم بين كتلة المعارضة ورئيس الوزراء.

لكن هذه التطلعات سرعان ما تبددت حينما عمد النواب المعارضون الذين فازوا في انتخابات سبتمبر إلى مساومة حكومة الشيخ أحمد النواف وفرض مشاريع لا تخلو من شعبوية ومنها مشروع إسقاط الديون عن المواطنين في الوقت الذي كان من المفترض أن تتجه البوصلة إلى القيام بإصلاحات اقتصادية باتت ضرورة ملحة.

وإزاء تعنت المعارضة اضطر الشيخ أحمد النواف إلى تقديم استقالة حكومته في يناير الماضي، على أمل أن يشكل ذلك رجة تدفع المعارضة إلى إعادة النظر في سياساتها، لكن الأزمة اتخذت منعرجا جديدا بإقدام المحكمة الدستورية في التاسع عشر من مارس على إبطال مجلس أمة 2022 وإعادة مجلس 2020.

هذا التطور قابلته المعارضة برفض شديد، ملوّحة في ذلك بتصعيد خطواتها في حال لم يجر تدارك الأمر فما كان من القيادة الكويتية إلا حل المجلس العائد، والدعوة إلى انتخابات جديدة ستجرى في السادس من يونيو، وسط حالة من الاستياء الشعبي حيال حالة الفوضى والتخبط، والتي جعلت انشغالات المواطنين تتذيل أولويات القوى المؤثرة في المشهد الكويتي.

وقال تجمع دواوين الكويت في بيانه “لقد بلغت الأمور من السوء مداها حتى تراجعت الخدمات على كل مستويات الوطن داخلياً وخارجياً، والمطلوب سلطة تنفيذية حازمة وفاعلة لاسترداد هيبة الدولة والقانون، بنهج جديد ورؤية حاسمة (فعلاً لا قولاً) ووفق خطة إصلاحية شاملة محددة الوقت والأهداف لا تتغير بتغير الأشخاص، قادرة على تحقيق تطلعات وآمال أهل الكويت ومعالجة الملفات العالقة، تتحمل مسؤوليات ومتطلبات المرحلة نحو مستقبل أفضل للكويت، ضمن إطار من التعاون والإنجاز الحقيقيين مع مجلس الأمة القادم، دون الالتفاف لأيّ ضغوط صاخبة وأصوات نشاز بهدف التعطيل ومن أجل التعطيل فقط لا غير”.

◙ موقف تجمع دواوين يأتي في توقيت قاتل بالنسبة إلى قوى المعارضة التي تحشد للسيطرة على المجلس النيابي المقبل

وأضاف البيان “ونحن اليوم على أبواب انتخابات جديدة، فإن الكويت محتاجة إلى نواب أوفياء مخلصين لوطنهم وليس نوابا هواة، نواب يراعون الدستور ويحترمونه (قولاً وعملاً وسلوكاً)، نواب يحافظون على هيبة الدولة والقانون، نواب يسعون لمد يد التعاون مع السلطة التنفيذية في إطار الدستور والقانون، نواب متفائلون وليسوا متشائمين في رؤيتهم لمستقبل الكويت يطرحون الحلول الواقعية والمنطقية لمشاكلنا، فالمتفائل يرى لكل مشكلة حلا، والمتشائم يرى في كل حل مشكلة”.

وشدد التجمع “لقد قلناها سابقا ونكررها: لا يمكن أن نتوقع نتائج وإنجازات من مجلس الأمة إن استمر نفس النهج والأسلوب في اختيار من يمثلنا، فنحن كشعب نتحمل المسؤولية الوطنية والأخلاقية في تصحيح المسار واختيار من يمثلنا لا من يمثّل علينا، وكما تكونوا يولى عليكم، لأن اختيارنا يعكس وعينا وإدراكنا لما يحصل، واختيارنا يجب أن يبتعد عمّن عليه شبهة فساد أيّا كان نوعه، (فالفاسد لا يبني وطنا، إنما يبني ذاته ويفسد الوطن). والولاء للكويت، مبدأ لا يقبل التأويل أو الشراكة، وغير ذلك من أقوال وأفعال يعتبر، خيانة للكويت”.

وتمثل الدواوين في الكويت بمثابة مجالس شعبية، يجري فيها تداول الأوضاع في البلاد دون “قفازات”، وقد لعبت الدواوين منذ نشأة دولة الكويت الحديثة دورا بارزا في الحياة السياسية، وساهمت في تشكل وبلورة الوعي الجمعي السياسي داخل الدولة.
ويرى متابعون أن البيان الذي صدر عن تجمع الدواوين وضع الإصبع على الداء الذي ينخر جسم الكويت، لافتين إلى أن هناك حاجة اليوم إلى مراجعات كبيرة سواء فيما يتعلق بالعمل النيابي، وأيضا الحكومي.

3