العجز التجاري التونسي يعود إلى وتيرة الاتساع في أبريل

تونس - عادت وتيرة العجز التجاري في تونس إلى الاتساع الشهر الماضي بعد فترة اتسمت بالهدوء خلال الربع الأول من هذا العام، بفضل نمو الصادرات التي قادها القطاع الصناعي.
وصعدت قيمة العجز بنسبة 28.5 في المئة على أساس شهري خلال أبريل الماضي، ليصل إلى نحو 2.27 مليار دينار (744.5 مليون دولار)، وفق النشرة الشهرية لمعهد الإحصاء الحكومي.
وكان العجز التجاري قد سجل نموا بلغ 579.6 مليون دولار خلال مارس الماضي قياسا بالشهرين السابقين له، حيث شهدا تراجعا بنحو سبعة في المئة على أساس سنوي.
وأوضح المعهد أن نسبة تغطية الصادرات من إجمالي الواردات، تراجعت في أبريل بنسبة 5.5 في المئة، لتبلغ 68.4 في المئة، أي أن الصادرات ما زالت أقل من الواردات.
◙ نمو الواردات في السنوات الأخيرة كان نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة ما أدى إلى تسويق حصة كبيرة من السلع المهرّبة بالسوق المحلية
وبحسب المعهد، فإن المبادلات التجارية لتونس اتسمت خلال أبريل الماضي بتطورات متباينة، إذ تراجعت الصادرات بنسبة 1.6 في المئة مقابل ارتفاع واردات البلاد بنسبة 6.3 في المئة.
وأرجع ارتفاع الواردات إلى ما وصفه بـ"التطور الملحوظ" في واردات منتجات الطاقة بنسبة 56.3 في المئة، ومواد التجهيز بنسبة 15.8 في المئة، والمواد الاستهلاكية بنسبة 1.3 في المئة.
أما تراجع الصادرات، فيعود أساسا إلى انخفاض صادرات قطاع الطاقة بنسبة 27.5 في المئة، وقطاع المناجم بنسبة 23 في المئة.
وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادّة، فاقمتها تداعيات تفشي جائحة كورونا، وارتفاع تكلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية إثر الأزمة الروسية - الأوكرانية.
وفي يناير الماضي، قال محافظ البنك المركزي مروان العباسي إن “تقديرات البنك تؤشر لارتفاع التضخم في 2023 إلى 11 في المئة صعودا من 8.3 في المئة تم تسجيلها في نهاية العام الماضي”.
وقبل الجائحة، سجل متوسط العجز التجاري مستويات قياسية قدرت بنحو 5.3 مليار دولار، مما ضغط على الاحتياطيات النقدية للبلاد التي بلغت في العام 2016 نحو 4.3 مليار دولار. أما الآن، فتصل تلك الاحتياطات إلى أكثر من 7.3 مليار دولار.
ويجمع المحللون على أن نمو الواردات خلال السنوات الأخيرة كان نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى تسويق حصة كبيرة من السلع المهرّبة في السوق المحلية.
وتلقي أوساط الأعمال باللوم على حكومة الترويكا، التي قادتها حركة النهضة في 2012، حينما فتحت الباب أمام غزو البضائع التركية وأغرقت البلاد في حالة من الفوضى الاقتصادية، أدت إلى الدخول في نفق من الأزمات المتتالية.
وعاد الاقتصاد التونسي إلى التباطؤ، بعدما سجل نموا بمقدار 2.1 في المئة خلال الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بنمو 2.3 في المئة على أساس سنوي.
◙ صافي المبادلات الخارجية ساهم بنحو 0.2 نقطة في نسبة النمو نتيجة لارتفاع حجم الصادرات من السلع والخدمات بنسبة 12.3 في المئة
وتشير البيانات إلى أن السبب الرئيسي وراء التباطؤ هو قطاع الزراعة الذي انكمش بنحو 3.1 في المئة، ومن المرتقب أن يمتد هذا الوضع لبقية العام، كما انكمشت الصناعة بنسبة واحد في المئة، فيما عوّض قطاع الخدمات هذا الانكماش ونما بنسبة 3.2 في المئة.
ورغم التضخم في البلاد والذي بلغ نحو 10 في المئة خلال كل شهر من الربع الأول لعام 2023، فإن الطلب الداخلي حافظ على أدائه بعد ارتفاعه بنسبة 1.8 في المئة، ليظل الدافع الأساسي لمسار النمو ومساهما بنحو 1.9 نقطة مئوية في النمو.
وبحسب معهد الإحصاء، فقد ساهم صافي المبادلات الخارجية بنحو 0.2 نقطة في نسبة النمو نتيجة لارتفاع حجم الصادرات من السلع والخدمات بنسبة 12.3 في المئة.
وتتوقع الحكومة خفض عجز الميزانية إلى 5.5 في المئة هذا العام من حوالي 7.7 في المئة العام الماضي، بدعم من إجراءات تقشف قد تمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ.
وتحتاج البلاد بشكل عاجل إلى مساعدة دولية منذ أشهر، إذ تواجه أزمة في المالية العامة أثارت مخاوف من عجزها عن سداد الديون وأسهمت في نقص الغذاء والوقود.
وستزداد احتياجات البلاد من الاقتراض الخارجي العام المقبل بنسبة 34 في المئة إلى 5.2 مليار دولار، في حين أن من المتوقع ارتفاع خدمة الدين العام 44.4 في المئة إلى 6.6 مليار دولار.