بروكسل تطالب أنقرة بمعالجة الخروقات في الانتخابات

بروكسل - دعا جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي تركيا اليوم الثلاثاء إلى معالجة أوجه قصور في العملية الانتخابية أشارت إليها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وأضاف في بيان "نلاحظ النتائج والاستنتاجات الأولية للبعثة الدولية لمراقبة الانتخابات التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومجلس أوروبا وندعو السلطات التركية إلى معالجة أوجه القصور المذكورة.
وتابع "يولي الاتحاد الأوروبي أهمية قصوى لضرورة إجراء انتخابات شفافة وشاملة وذات مصداقية في ساحة منافسة متكافئة".
وكان مراقبون من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا قد قالوا في وقت سابق إن اللجنة العليا للانتخابات في تركيا أظهرت أنها لا تتمتع بالشفافية في إدارتها للانتخابات، الأحد، وإن التغطية الإعلامية الحكومية المنحازة للانتخابات تعد مبعث قلق.
وذكر وفد من المنظمة أن الرئيس التركي المنتهية ولايته رجب طيب أردوغان، والأحزاب الحاكمة في البلاد تمتعوا بامتيازات غير مبررة على أحزاب المعارضة التي واجهت ظروفا غير متكافئة في أثناء حملتها الانتخابية.
وأصدرت هذه النتائج بعثة مراقبة مشتركة تضم مكتب منظمة الأمن والتعاون في أوروبا للمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان والجمعية البرلمانية لنفس المنظمة والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا.
وقال السفير يان بيترسن رئيس بعثة مراقبة الانتخابات من مكتب منظمة الأمن والتعاون في أوروبا للمؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان في مؤتمر صحفي بأنقرة، الاثنين "يؤسفني أن أقول إن إدارة الانتخابات كانت تفتقر إلى الشفافية، فضلا عن الانحياز الواضح في وسائل الإعلام العامة والقيود المفروضة على حرية التعبير".
وذكر بيترسن أن الانتخابات العامة كانت "سلمية في الغالب" رغم وقوع عدد من الحوادث، وأن اللجنة العليا للانتخابات عملت بكفاءة. وأشاد الوفد بالإقبال الكبير مشيرا إلى أنه مؤشر واضح على "الروح الديمقراطية القوية".
وجاء في تقرير البعثة الدولية لمراقبة الانتخابات أن "عملية التعامل مع الشكاوى على جميع مستويات إدارة الانتخابات تفتقر إلى الشفافية، وقرارات اللجنة العليا للانتخابات التي نشرت لم تكن مؤيدة بمبررات كافية بشكل عام".
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات إجراء جولة إعادة في 28 مايو بين أردوغان ومنافسه المعارض كمال كليتشدار أوغلو، بعدما أخفق كلا المرشحين في الحصول على نسبة 50 بالمئة اللازمة للفوز في الانتخابات الرئاسية.
ومع فرز 99 بالمئة من صناديق الاقتراع، تقدم أردوغان بحصوله على 49.4 بالمئة من الأصوات على كليتشدار أوغلو، الذي حصل على 44.96 بالمئة من الأصوات.
وقالت البعثة، التي نشرت 401 مراقب من 40 دولة في جميع أنحاء تركيا، إن حزب اليسار الأخضر الموالي للأكراد تعرض لترهيب واسع النطاق بدون أن تحدد المسؤول عن ذلك. وأضافت دون الخوض في تفاصيل أن بعض السياسيين المعارضين يخضعون لقيود.
ودعا الوفد السلطات إلى اتخاذ خطوات ملموسة لضمان زيادة إقبال الناخبين في المدن المتضررة من الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب شرقي تركيا في فبراير.
وقالت بعثة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إنها ستولي اهتماما كبيرا لجولة إعادة الانتخابات الرئاسية في 28 مايو.
وجاءت نتائج الانتخابات عكس توقعات أردوغان الذي لم ينجح في حسم فوزه من الدور الأول في انتخابات الرئاسة التركية، كما فعل في السابق، وقد لعب غلاء المعيشة وتدهور سعر صرف الليرة التركية والمخاوف من المستقبل دورا رئيسياً في تراجع شعبيته لدى الشباب في الانتخابات الرئاسية خاصة أصوات الشباب في العاصمة التجارية إسطنبول التي يبلغ عدد سكانها 20 مليوناً، من بينهم نحو 11 مليون ناخب.
عبر ناخبو المعارضة في تركيا عن خيبة أملهم وعدم تصديقهم الاثنين بعدما تصدر أردوغان الجولة الأولى في انتخابات الرئاسة، بينما عبر مناصرو الرئيس المبتهجون عن ثقتهم بأنه سيفوز في جولة الإعادة في 28 مايو.
وستعتمد نتيجة الجولة الثانية جزئياً على مرشح ثالث هو سنان أوغان (قومي متطرّف) بعد فوزه بنحو 5.2 بالمئة من أصوات الجولة الأولى، غير أنّه لم يُعلن بعد إن كان سيدعم أحد المرشّحَين.
وقال منسر أوزاكداج (55 عاما) الذي يعمل سائق سيارة أجرة "شهدت انتخابات كثيرة. خلدت ابنتي ذات الأربعة عشر عاما إلى النوم محبطة بعد انتظارها نتائج الانتخابات طوال الليل. تركوني محطما هذه المرة".
وأضاف "كل ما أريد هو الحرية والديمقراطية والعدالة... وددت لو ولدت في دولة أخرى".
وسيطرت حالة من الهدوء على أجواء معسكر المعارضة خلال الليل في أثناء فرز الأصوات. وقبل الانتخابات، تصدر كليتشدار أوغلو استطلاعات الرأي بفارق طفيف إذ أظهر استطلاعا رأي الجمعة تجاوزه نسبة الخمسين بالمئة اللازمة لتحقيق فوز صريح.
وكانت المعارضة تطمح للاستفادة من حنق الناخبين بسبب الأزمات الاقتصادية في البلاد بعدما سببت سياسة غير تقليدية لخفض أسعار الفائدة أزمة في الليرة وارتفاعا في التضخم. وكان من المتوقع أيضا أن يتأثر التصويت ببطء تحرك الحكومة بعد الزلازل التي أودت بحياة 50 ألف شخص في فبراير شباط.
ما زال بعض أنصار المعارضة متفائلين تفاؤلا مليئا بالتحدي من أن كليتشدار أوغلو - المرشح عن تحالف الأمة المكون من ستة أحزاب - يمكن الفوز في الجولة الثانية. وتعهد كليتشدار أوغلو بإحياء الديمقراطية بعد أعوام من حكم أردوغان الذي ينزع نحو الاستبداد على نحو متزايد.
وقال حسين كوسو أوغلو "لا يبقى شيء على حاله. أعتقد أن هناك أناسا في تركيا يقاومون كل هذا الفساد والظلم والقمع ونظام الحكم الفاشي... وأعتقد أن جولة الإعادة سيفوز بها تحالف الأمة بدعم هؤلاء الأشخاص".
لكن فردوس آيدن المتقاعدة ذات الخمسة والخمسين عاما لم تعبر عن نفس التفاؤل. وقالت "أنا محبطة جدا. حتى على الرغم من علمي أننا ربما نذهب إلى جولة إعادة، كنت أعتقد أن كليتشدار أوغلو سيتفوق على أردوغان (من الجولة الأولى)".
وقال أحمد ينر رئيس اللجنة العليا للانتخابات التركية إن مع فرز 99 بالمئة من صناديق الاقتراع، تصدر أردوغان الأصوات بنسبة 49.51 بالمئة وحل كليتشدار أوغلو ثانيا بنسبة 44.88 بالمئة.
واحتفلت وسائل الإعلام الموالية للحكومة بالنتيجة، فكتبت صحيفة يني شفق "انتصر الشعب" في إشارة إلى تحالف الشعب بزعامة أردوغان الذي فاز بأغلبية في البرلمان الجديد فيما يبدو ليعزز آمال أردوغان في جولة الإعادة.
وأشارت النتائج إلى أن أردوغان وحزبه العدالة والتنمية استطاعا حشد الناخبين المحافظين على الرغم من أزمة تكلفة المعيشة.
وسيكون احتمال تولي أردوغان الرئاسة خمسة أعوام أخرى مثار غضب بالنسبة لنشطاء حقوق الإنسان الذين يطالبون بإصلاحات لاحتواء الأضرار التي يقولون إنها لحقت بالديمقراطية.
واستأثر أردوغان بالسلطات وكمم أفواه المعارضة وسيطر على الإعلام والقضاء والاقتصاد.
وربما يبدد أيضا فوز أردوغان يوم 28 مايو آمال آلاف السجناء والنشطاء السياسيين في الإفراج عنهم.