قوات الدعم السريع: لا سلام دون محاسبة مثيري الفتن

مفاوضات جدة تراوح مكانها بسبب الشروط والشروط المضادة، بالرغم من تمسك السعودية بأن يبقى الوفدان المفاوضان هناك لحين التوصل إلى حل مشترك ولو بعد وقت طويل.
جدة (السعودية) - في الوقت الذي عبرت فيه قوات الدعم السريع عن استعدادها للمضي في اتفاق التهدئة إلا أنها أكدت أنه لا سلام إلا بمحاسبة مثيري الفتن في البلاد وتحييدهم عن السلطة، في إشارة إلى قيادة الجيش التي ترفض المضي عمليا في الحوار.
ونقل عن القوني حمدان عضو وفد قوات الدعم السريع إلى جدة، وهو شقيق قائدها الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، أنه لن يحدث تغيير إن لم يتم تحييد مثيري الفتن من المشهد، و"لن نقبل بأي حل غير مرضٍ للشعب السوداني وغير منصف لشهداء ثورة ديسمبر وضحاياها".
ورغم إعلان الوفدين عن الرغبة في مواصلة مسار الحوار، لكن مؤشرات تقول إن ذلك يبدو بهدف ربح الوقت وتجنب غضب السعودية والولايات المتحدة اللتين ترعيان الحوار. وقالت مصادر مختلفة إن الطرفين سيظلان في جدة المطلة على البحر الأحمر لبدء المرحلة التالية من المفاوضات بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه يوم الخميس على خطة حماية المدنيين.
وقال دبلوماسي سعودي كبير إن طرفي الصراع في السودان، الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، سيستأنفان المحادثات الأحد، بينما دوت الضربات الجوية واحتدم القتال ليلة الجمعة بأنحاء الخرطوم على الرغم من اتفاق لحماية المدنيين. وقال الدبلوماسي إن المملكة العربية السعودية، التي تستضيف المحادثات الهادفة لتأمين اتفاق وقف إطلاق نار، دعت أيضا رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان إلى قمة جامعة الدول العربية المقرر عقدها بمدينة جدة في 19 مايو.
وأسفر الصراع الذي اندلع فجأة منذ شهر عن مقتل المئات وفرار أكثر من 200 ألف إلى دول مجاورة وكذلك نزوح 700 ألف آخرين داخليا، كما تسبب في خطر تدخل قوى خارجية وزعزعة استقرار المنطقة. وقال دبلوماسيان آخران من الخليج إنه على الرغم من دعوة البرهان لحضور قمة جدة فإنه ليس من المتوقع أن يغادر السودان، وذلك لأسباب أمنية.
وأشار الدبلوماسي السعودي إلى أن توجيه الدعوة للبرهان جاء لأنه رئيس مجلس السيادة السوداني الذي كان من المفترض أن يشرف على عملية انتقال إلى الحكم المدني كانت مزمعة قبل اندلاع الصراع. ويرى متابعون للشأن السوداني أن استدعاء البرهان لا يعني بأي صيغة انحيازا له من السعودية، وإلا ما كانت قد استضافت جلسات الحوار في جدة، وسعت للتوصل إلى تهدئة ووقف لإطلاق النار كمقدمة لتفاهمات سياسية مشتركة.
ويواجه البرهان الآن في الصراع نائبه في رئاسة المجلس قائد قوات الدعم السريع حميدتي. وأضاف الدبلوماسي السعودي "لم نتلق حتى الآن أسماء الوفود لكننا نتوقع حضور من يمثل السودان في القمة". واتفق طرفا الصراع يوم الخميس على "إعلان مبادئ" لحماية المدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية، لكن القتال لم يهدأ، حيث دارت الاشتباكات والضربات بأنحاء الخرطوم والمناطق المجاورة.
وفي المحادثات المزمع استئنافها بجدة، من المقرر أن يبدأ الطرفان بمناقشة آليات تنفيذ اتفاق يوم الخميس بما في ذلك خطط وصول المساعدات والممرات الآمنة وإخراج القوات من المناطق المدنية. وتتطرق المحادثات بعد ذلك إلى سبل إنهاء الصراع، مما يمهد الطريق في نهاية المطاف لتولي حكومة مدنية السلطة. وقال الدبلوماسي السعودي "طبيعة الصراع تؤثر على الحوار. ومع ذلك أجد روحا طيبة جدا من الجانبين".
◙ طرفا الصراع من المقرر أن يناقشا في جدة آليات تنفيذ خطط وصول المساعدات والممرات الآمنة وإخراج القوات من المناطق المدنية
ولم يبد أي من الجانبين علانية أي علامة على استعداده لتقديم تنازلات، واستمر القتال بينهما خلال هدنات سابقة. وعلى الرغم من أن قوات الدعم السريع وعدت بدعم اتفاق الخميس، إلا أن الجيش لم يعلق بشأنه بعد. ولم تتضح أي دلالات على قدرة أي من الجانبين على تحقيق نصر سريع، إذ تتمركز قوات الدعم السريع في الأحياء السكنية بأنحاء العاصمة بينما تمكن الجيش من استدعاء القوة الجوية.
وميدانيا، تجددت الاشتباكات في الخرطوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع السبت في مدينتي بحري (شمال) وأم درمان (غرب)، مع تحليق للطيران العسكري رغم توقيع الطرفين "إعلان مبادئ" بمدينة جدة الخميس. وأبلغ شهود عيان مراسل الأناضول أن الاشتباكات العنيفة تجددت في بحري وأم درمان، ما أدى إلى تعقيد الأوضاع الإنسانية. ووفقا للشهود، فإن الطائرات الحربية حلقت في بحري وأم درمان، وأطلقت قذائف في مواجهة تجمعات قوات الدعم السريع.
كما سمع دوي أصوات المدافع والاشتباكات بالأسلحة الثقيلة والخفيفة في أحياء شرق النيل، وفقا للشهود. ومن شأن هذا التصعيد الميداني أن يعيق الهدف الرئيسي من المفاوضات، وهو تأمين المدنيين، وتمكينهم من الحصول على الخدمات الضرورية.
اقرأ أيضا:
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رحب بتوقيع طرفي الصراع في السودان على التزام بحماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية، حسبما قال متحدث باسم الأمم المتحدة يوم الجمعة. وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم غوتيريش إن "الأمين العام يرحب بتوقيع طرفي الصرع في السودان على إعلان التزام لحماية المدنيين وضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية في البلاد".
وأضاف دوجاريك "في حين أن العاملين في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، وخاصة الشركاء المحليين، استمروا في تسليم المساعدات في ظروف صعبة للغاية، يأمل الأمين العام في أن يضمن هذا الإعلان إمكانية زيادة حجم عملية الإغاثة بسرعة وبأمان لتلبية احتياجات الملايين من الأشخاص في السودان". وتابع المتحدث أن الأمين العام للأمم المتحدة جدد دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار وتوسيع المناقشات لتحقيق وقف دائم لأعمال العنف.