الكتاب الصوتي وسيلة معرفية تترسخ أكثر مع الجيل ألفا

الإقبال على الكتب الصوتية في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة يشهد تطورا لافتا بالنظر إلى ارتفاع عدد المنصات الإلكترونية التي تعنى بهذا النوع من الصناعات.
الخميس 2023/05/11
القراءة بالأذن وسيلة للمعرفة

الشارقة - أكد خبراء متخصصون في المكتبات الرقمية والصوتية تنامي انتشار الكتاب الصوتي في ظل رغبة الأجيال الجديدة بالاستفادة من الكتب بأقصر وأسرع طريقة ممكنة في هذا العصر الذي يفرض إيقاعه المتسارع على مناحي الحياة، موضحين أن عوامل نجاح الكتاب الصوتي تتضمن صوت الراوي وطريقة الأداء وجودة المحتوى المسجل وحجم المبيعات.

وقال الخبراء خلال جلسة حوارية ضمن فعاليات الدورة الـ14 من “مهرجان الشارقة القرائي للطفل” إن الكتب الصوتية شكلت ما يشبه البديل عن أولياء الأمور المفقودين لدى الملايين من الأطفال الأيتام الذين لا يجدون من يقرأ لهم، معتبرين أن هذه الميزة للكتب الصوتية شكلت إضافة غير مسبوقة في قطاع الصناعات الإبداعية والمعرفية.

وشارك في الجلسة التي حملت عنوان “الكتب الصوتية والأجيال الجديدة” أحمد التميمي أحد أهم المعلقين الصوتيين في “سناك بوك” الذي سجل أكثر من 45 كتابا صوتيا حتى الآن، وياسمينا جريصاتي مديرة التحرير في “ستوري تيل” واحدة من أكبر شركات الاشتراك في خدمة الكتب الصوتية والإلكترونية، وآني أوزوالد نائبة رئيس قسم الكتب والصوتيات في شركة “فرانكلين كوفي”.

وقالت ياسمينا جريصاتي إن “تفضيل الناشئة للكتاب الورقي أو الصوتي يعتمد على السوق، موضحة أن الشباب في ألمانيا لم يقرأوا كتاب ‘هاري بوتر’ لكنهم استمعوا له ولكن في منطقتنا لا تزال الكتب الصوتية جديدة نسبياً وسوقها ناشئ ولم يصل إلى حد النضج الذي يسمح له باستبدال الكتب الورقية”.

الكتب الصوتية بديل عن أولياء الأمور ووسائل حديثة للمعرفة والتسلية يمكنها ترسيخ عادة القراءة عند فئات أوسع

من جانبها أكدت آني أوزوالد أن الشباب يستمعون للموسيقى وحلقات البودكاست وبدأوا الاستماع للكتب الصوتية لكن الجيل ألفا الذي تلا جيل ما بعد الألفية مهتم بالكتب الصوتية أكثر من الأجيال التي سبقته وقالت “نقرّ دائماً بأن الكتاب الصوتي هو الطريقة الصاعدة الجديدة للحصول على المحتوى وننسى أن العكس صحيح، لأننا تعلمنا الكثير من قصصنا وتاريخنا سماعياً بالتراث الشفهي فأدمغتنا مركبة للتعلم بشكل أسرع بهذه الطريقة”.

بدوره أوضح أحمد التميمي أن الشباب بدأوا بتفضيل الكتاب الصوتي نظراً لسهولة الوصول إليه في مختلف الأمكنة وفي أيّ وقت، متوقعا أن تنتشر الكتب الصوتية بشكل كبير جداً في المستقبل.

ويشهد الإقبال على الكتب الصوتية في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة تطورا لافتا بالنظر إلى ارتفاع عدد المنصات الإلكترونية التي تعنى بهذا النوع من الصناعات، وتقدم لروادها أطباقا منوعة من الأعمال في مختلف المجالات وعلى رأسها الأدب الذي تعد الرواية أبرز أجناسه.

وفي زمن جائحة كوفيد – 19 زاد الإقبال على الأدب المسموع إذ وجد فيه متلقوه والمبادرون إلى ترويجه طريقة سلسة لتقريب الكتب من الناس، باعتبارها تتيح لهم إمكانية ولوج عوالم الأدب بنقرة واحدة على جهاز الهاتف أو الكمبيوتر.

ويتزايد التأثير الذي أحدثه دخول الكتب الصوتية إلى سوق القراءة إذ ساهم في رفع معدلات القراءة وساهم في عملية جذب الجمهور غير القارئ إلى الكتاب ومكن الكثيرين من الوصول إلى المحتوى الإبداعي والفكري بصورة أفضل.

وتتراوح مدة التسجيل الصوتي للروايات مثلا في المجمل بين أربع وست ساعات وقد تزيد وقد تنقص قليلا حسب طول الرواية. وبعملية حسابية بسيطة يمكن للمستمع أن ينهي على الأقل رواية في الأسبوع الواحد بمعدل استماع ساعة في اليوم، وهو رقم مهم في ظل العزوف عن القراءة الذائع حاليا.

Thumbnail

وتتعدد حسنات الكتب الصوتية التي يمكن في حال الالتزام بالإنصات إليها دون التعرض للتشويش أو السهو إنهاؤها في مدة معقولة. أُولاها كونها متاحة بوفرة وبشكل مجاني في أغلب الأحيان، كما أن الإنصات إليها يمكن أن يتم بشكل متواصل بوتيرة واحدة لا يضيع معها وقت المستمع، علاوة على إمكانية الإنصات إليها في كل مكان تقريبا؛ على السرير في غرفة مطفأة الأنوار، أو في جلسة بالمقهى، أو على متن وسائل النقل، أو حتى خلال ممارسة رياضة المشي.

ولا خلاف على أن هناك حاجة ماسة لاستغلال أكبر للتكنولوجيا في توصيل الثقافة للفئات التي تواجه صعوبات في عملية القراءة. من هنا انطلقت فكرة الكتب المسموعة التي حولت النصوص المقروءة إلى مسموعة واستفاد منها الكثيرون في زمن مضغوط قد لا تتوفر فيه المساحة الزمنية الكافية للجلوس وقراءة كتاب.

ويستفيد من هذه الكتب من تمنعهم الإعاقة عن القراءة، وكذلك فهي تواجه التراجع الملحوظ في مستوى الثقافة والتذوق اللغوي لدى الكثير من الشباب، ولكن رغم ذلك يرفض بعض الشباب وحتى المختصون فكرة منصات الكتب المسموعة ويرون أنها تساهم في ترسيخ مفهوم الكسل لدى الناس والاعتماد الدائم على الغير في التثقيف والتعلم.

وقد تطوّرت منصات الكتب الصوتية العربية مؤخرا وفي كل يوم تولد منصات صوتية جديدة، وتتبدل بذلك وسائل ومسارات الحركة الثقافية، وتختبر المجتمعات أدوات مستحدثة وأنظمة أكثر تطورا.

12