السعودية تحاول تفادي أي منغصات جزائرية لإنجاح القمة العربية

زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل من فرحان إلى الجزائر لا تخلو من حيث توقيتها من دلالات سياسية لاسيما وأنها تأتي قبل أيام فقط على انعقاد القمة العربية في الرياض والتي تريد المملكة أن تكون قمة استثنائية.
الجزائر - تقول أوساط سياسية إن زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى الجزائر تستهدف ضمان انتقال سلس لرئاسة القمة العربية، بعيدا عن أيّ منغصات يمكن أن تؤثر على جهود المملكة في جعل القمة محطة فارقة في مسار العمل العربي المشترك، لاسيما بعد تحقيق الإجماع على عودة سوريا إلى موقعها الطبيعي في الجامعة العربية.
وترى الأوساط أن المملكة وبعد أن استبعدت الجزائر بالكامل من موضوع إعادة سوريا إلى الجامعة، تريد الآن أن تتسلم رئاسة القمة من الجزائر دون أيّ متاعب أو خلافات جانبية مع البلد المعروف عنه حدة مواقفه وقلة مرونته الدبلوماسية.
وقال وزير الخارجية السعودي، في تصريح أدلى به عقب استقباله من قبل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الثلاثاء، إن زيارته تركزت على بحث سبل وآليات التعاون والتنسيق، لاسيما فيما يتعلق بالعمل العربي المشترك، على اعتبار أن الجزائر هي الرئيس الحالي للقمة العربية، وهي المهمة التي تستلمها بلاده بعد أيام قليلة على هامش القمة العربية المقرر عقدها في الرياض في التاسع عشر من مايو الجاري.
وتعد هذه الزيارة الثانية لمسؤول سعودي رفيع المستوى إلى الجزائر في ظرف وجيز، حيث سبق لرئيس مجلس الشورى عبدالله بن محمد آل الشيخ أن أدى زيارة إلى الجزائر الأسبوع الماضي، والتقى خلالها بالرئيس تبون، ونظيريه في غرفتي البرلمان الجزائري إبراهيم بوغالي وصالح قوجيل.
ويرى متابعون أن الرياض تسعى لتهيئة الأجواء لعقد قمة استثنائية تقطع مع القمم السابقة الخالية من أيّ مضمون حقيقي، وتتجاوز الخلافات والمشاكل الثنائية والإقليمية، خاصة بعد الإجماع المحقق بشأن عودة سوريا إلى الحاضنة العربية.
◙ السعودية وبعد أن استبعدت الجزائر من موضوع إعادة سوريا إلى الجامعة، تريد أن تتسلم رئاسة القمة دون منغصات
وقال وزير الخارجية السعودي عقب استقباله من قبل تبون "لقد سرّني كثيرا تواجدي في الجزائر ولقائي بالرئيس عبدالمجيد تبون، وتشرفت بنقل تحيات خادم الحرمين الشريفين، وتحيات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، له وللشعب الجزائري". وأضاف بن فرحان "زيارتي تأتي استكمالا واستمرارا للتعاون والتنسيق الوطيد بين المملكة العربية السعودية والجزائر، في كافة الأمور، لاسيما الشأن العربي باعتبارها رئيسة القمة العربية الحالية، وستستلم السعودية الرئاسة في الفترة القادمة، وقد وجدت كالعادة توافقا تاما في الرؤى بين المملكة والجزائر".
وتابع “لقد استشعرت من الرئيس تبون حرصه على المضي قدما في كافة مجالات التعاون بين البلدين على المستوى الثنائي وهناك فرص كثيرة في هذا الاطار بالذات، لتعزيز التبادل التجاري، فهناك ارتفاع مطرد في هذا المجال خلال السنوات الماضية وهناك فرص لتعزيز هذا التبادل”.
ولفت الوزير السعودي إلى أن “التعاون بين المملكة والجزائر يخدم ليس بلدينا فقط، وانما الأمن والاستقرار في العالم العربي ومنطقتنا بشكل أوسع والمجتمع الدولي كاملا، وسنستمر في هذا التعاون والتنسيق”. وحل رئيس الدبلوماسية السعودية مساء الاثنين في العاصمة الجزائرية، حيث استقبل من قبل نظيره وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج أحمد عطاف.
وذكر بيان الخارجية الجزائرية بأن “الطرفين أجريا محادثات ثنائية على انفراد، ثم توسعت بعدها لتشمل وفدي البلدين في جلسة عمل تمحورت حول سبل تعزيز علاقات الأخوة والتعاون بين الجزائر والمملكة العربية السعودية، إلى جانب آفاق تجاوز الأزمات السياسية والأمنية التي تهدد استقرار العديد من الدول العربية".
وبشأن التحضير للقمة العربية المقبلة في الرياض، تم التأكيد على “ضرورة اغتنام هذه الفرصة المتجددة لمواصلة الجهود بغية تنقية الأجواء العربية وتعزيز الوفاق العربي، امتدادا لما أفضت إليه قمة الجزائر 2022 من قرارات وتوجهات ترمي إلى تحقيق لمّ الشمل ورصّ الصف العربي، في مواجهة مختلف التحديات المطروحة إقليميا ودوليا".
◙ الرياض تسعى لتهيئة الأجواء لعقد قمة استثنائية تقطع مع القمم السابقة وتتجاوز الخلافات والمشاكل الثنائية والإقليمية
وأضاف البيان “اتفق رئيسا دبلوماسية البلدين على خطوات عملية لتقوية الإطار القانوني والهيكلي للعلاقات الثنائية، لاسيما عبر الانتهاء من إعداد النصوص القانونية التي من شأنها إثراء الترسانة القانونية المسيّرة للتعاون الثنائي، وتأسيس المجلس الأعلى للتنسيق الجزائري - السعودي بمختلف هيئاته الفرعية، فضلا عن تشجيع تبادل الزيارات الرسمية من أجل استكشاف وتجسيد الفرص الواعدة للتعاون والشراكة في المجال الاقتصادي".
وكانت الأوضاع السائدة في عدد من الدول العربية، على غرار السودان وسوريا ولبنان، حاضرة في المشاورات التي جرت بين الجانبين، وتم الاتفاق بالموازاة مع تكثيف الجهود لترقية العلاقات الثنائية ودعم ركائزها السياسية والاقتصادية، على بلورة حلول عربية للمشاكل العربية، والدفاع عن قضايا الأمة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وجاءت الزيارة في ظل حديث عن أزمة صامتة بين البلدين على خلفية ما اعتبر محاولات لتحييد دور الجزائر في العمل العربي المشترك، بدأ من عدم دعوتها رغم صفتها كرئيس للقمة العربية، لقمة جدة منتصف أبريل الماضي، والتي خصصت لمسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
وشكل غياب وزير الخارجية الجزائري، عن اجتماع نظرائه العرب في القاهرة الذي أقر عودة سوريا، وتعمد بعض الوفود حذف فقرة من البيان الختامي نوهت بدور الجزائر في السعي لعودة سوريا إلى المجموعة العربية، تعثرا مفاجئا تسعى الآلة الدبلوماسية السعودية لاحتوائه والذهاب إلى القمة العربية القادمة بعيدا عن الخلافات.
ويرى مراقبون أن السؤال الأبرز هل سيلاقي التحرك السعودي تجاوبا من القيادة الجزائرية بحضورها القمة العربية، لاسيما وهي التي روجت خلال القمة الماضية التي عقدت على أراضيها في نوفمبر الماضي لخطاب لمّ الشمل؟