سباق دولي للاستثمار في صناعة الغاز السعودية

توتال الفرنسية وسينوبك الصينية تتنافسان للظفر بصفقة قيمتها 10 مليارات دولار لتطوير حقل الجافورة.
الأربعاء 2023/05/03
اقتنصوا فرصة انفتاحنا!

وضعت طموحات السعودية لتنمية صناعة الغاز الناشئة شركات الطاقة العالمية في منافسة قوية للفوز بتطوير أحد أكبر الحقول في منطقة الشرق الأوسط، والذي يعلق عليه المسؤولون في البلد الخليجي آمالا كبيرة للحاق بركب كبار المنتجين وتعزيز الإيرادات.

الرياض - كشفت مصادر مطلعة الثلاثاء أن السعودية تلقت مجموعة من العروض تقدمت بها شركات طاقة عالمية من أجل الاستثمار في تطوير حقل الجافورة للغاز.

وأطلق عملاق النفط أرامكو في نوفمبر الماضي أعمال تطوير الحقل، إذ يُتوقع أن يضع هذا المشروع البلد على خارطة هذه الصناعة، والمنافسة على الحصص العالمية مع بدء عمليات الإنتاج باعتباره أحد أكبر مكامن الغاز الصخري في العالم.

وبدأت أرامكو خلال 2022 في مراجعة أعمال المنبع كمقدمة لمثل هذه الخطوة، لوضع السعودية التي تحوي احتياطات من الغاز هي الأكبر في المنطقة العربية بعد قطر وفق بيانات شركة بي.بي البريطانية، ضمن كبار المنتجين في غضون سنوات.

ويعتبر الجافورة الواقع بمدينة الأحساء بالمنطقة الشرقية أكبر حقل غاز غير مصاحب للنفط في السعودية، وتقدر الاحتياطات الخاصة به بنحو 200 تريليون قدم مكعبة من الغاز الخام.

وتعمل السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، على تطوير احتياطاتها من الغاز غير التقليدي، الذي يحتاج طرق استخراج متقدمة مثل المستخدمة في صناعة الغاز الصخري.

وكانت أرامكو قد اكتشفت الحقل خلال عمليات التكسير التي كانت تنفّذها في تلك المنطقة قبل سنوات قليلة، وهو ما يُعَد بمثابة مكمن مهم وإستراتيجي للغاز، وتم في فبراير 2020 الإعلان عن أولى خطوات تطويره.

أمين الناصر: التكلفة الإجمالية لتطوير الجافورة تبلغ حوالي 24 مليار دولار
أمين الناصر: التكلفة الإجمالية لتطوير الجافورة تبلغ حوالي 24 مليار دولار

وذكرت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هوياتها نظرا لأن المعلومات خاصة، لوكالة بلومبرغ أن توتال إنيرجيز الفرنسية وشركة سينوبك الصينية انضمتا إلى الشركات التي تجري محادثات للاستثمار في تطوير الحقل.

ووفق المصادر فإن شركتي الطاقة الصينية والفرنسية الضخمتين تجريان مفاوضات منفصلة مع أرامكو حول هذه الخطط، والتي قد تشمل بناء منشآت، إلى جانب تصدير الوقود كغاز طبيعي مسال.

وبينما لا توجد تفاصيل دقيقه حول حيثيات الصفقة المحتملة لأن المباحثات لا تزال جارية، كما أن أيّ قرارات نهائية لم تُتخذ بعد، فإن المصادر أكدت أن أرامكو تسعى إلى جمع نحو عشرة مليارات دولار كمبلغ إجمالي للمشاريع المزمع تنفيذها خلال الفترة المقبلة.

وقال أمين الناصر الرئيس التنفيذي لأرامكو في مؤتمر حول تسويق الموارد غير التقليدية أواخر العام الماضي إن أرامكو “تتوقع أن يوفر حقل الجافورة قرابة ملياري قدم مكعبة يوميا من الغاز بحلول عام 2030”.

وأوضح حينها أن التكلفة التقديرية لتطوير الحقل تبلغ 24 مليار دولار، وأن أرامكو وقّعت بالفعل اتفاقيات بقيمة عشرة مليارات دولار كمرحلة أولى.

وتبحث شركة النفط السعودية، التي حققت أعلى أرباح في تاريخ صناعة الطاقة العام الماضي، عن مستثمري الأسهم، الذين قد يساعدون في تمويل مشاريع التكرير والنقل في مشروع تطوير غاز الجافورة، الذي تبلغ قيمته 110 مليار دولار.

وتواصلت الشركة المملوكة للدولة مع شركات الأسهم الخاصة والصناديق الكبيرة الأخرى، التي تستثمر في البنية التحتية، لعرض حصص في أصول مثل مشاريع احتجاز الكربون وتخزينه وخطوط الأنابيب ومحطات الهيدروجين.

200

تريليون قدم مكعبة من الغاز الخام حجم احتياطي الحقل الواقع في مدينة الأحساء

وحسبما أفادت بلومبرغ في ديسمبر الماضي فإن بنك الاستثمار إيفركور يقدم خدمات المشورة لأرامكو بشأن تلك الخطط.

وأدت الحرب في أوكرانيا إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي، بقيادة الدول الأوروبية التي اعتادت الحصول على إمداداتها من روسيا. وتسبب ذلك في وضع دول الخليج العربي خططاً طموحة لزيادة إنتاجها من الغاز بما فيها قطر والإمارات.

وفي حين تطمح شركة قطر للطاقة إلى زيادة طاقة التسييل إلى 126 مليون طن سنويا بحلول 2027 من 77 مليون طن حاليا من خلال تطوير حقل الشمال للغاز، تستهدف شركة أدنوك إلى زيادة صادراتها من الغاز ثلاث مرات إلى 15 مليون طن سنويا.

وتتكئ السعودية على خطة واعدة يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لضخ نحو 7.2 تريليون دولار في أكبر اقتصادات المنطقة العربية حتى نهاية العقد الحالي، حتى يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد من أكبر 15 اقتصادا على مستوى العالم.

ومع أن احتياطات الغاز في البلاد تعد من بين الأكبر في العالم، لكن قلّما استُغلت في الماضي. والآن، يُعتبر الجافورة جزءا رئيسيا من إستراتيجية الرياض لتنويع صادراتها بعيدا عن النفط.

وتتوقع أرامكو أن يبدأ الحقل الإنتاج الفعلي في عام 2025 ليصل إلى نحو ملياري قدم مكعبة قياسي يوميا من المبيعات بحلول 2030.

ولا تملك السعودية احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي الحر، ويأتي معظم إنتاجها من الغاز المصاحب لاستخراج النفط، في وقت تزداد فيه حاجتها إلى الغاز لإمداد المشاريع الصناعية الجديدة وتزويد محطات توليد الكهرباء.

وتشير التقديرات إلى أن السعودية تملك نحو 600 تريليون قدم مكعبة من الغاز الصخري، وهو ما يعادل ضعف احتياطاتها من الغاز التقليدي، لكن تلك الأرقام يمكن أن ترتفع بشكل كبير مع تقدم عمليات الاستكشاف خاصة في الجافورة.

Thumbnail

وكان الأمير محمد بن سلمان قد توقع في السابق أن يحقق الحقل خلال 22 عاما من بداية تطويره إيرادات سنوية تصل إلى 8.6 مليار دولار.

ويقول خبراء إن قرار بناء محطة لتصدير الغاز الطبيعي المسال بمثابة تحول بالنسبة إلى أرامكو، التي قالت مؤخرا إن “غالبية الغاز الذي سيتم استخراجه من الجافورة وحقول أخرى، سيُستخدم في السوق المحلية، ولصنع الهيدروجين الأزرق”.

وتعطي مساعي السعودية لجذب الاستثمارات الأجنبية دليلا على مدى الانفتاح الذي بلغته البلاد، ولاسيما فيما يتعلق بقطاع الطاقة، الذي يعد المحرك الأساسي لنمو الاقتصاد طيلة عقود من خلال تجارة النفط الخام.

ومنذ نقل ملكية أرامكو بالكامل إلى الدولة في 1980، اقتصرت غالبية الاستثمارات الأجنبية في صناعة الطاقة في السعودية على أصول التكرير والبتروكيماويات، مثل المصافي ومصانع البتروكيماويات.

وفي الماضي، أسست أرامكو مشاريع مشتركة مع شركات منها شل وتوتال إنيرجيز للحفر والتنقيب عن الغاز الطبيعي داخل حدودها.

وتتوقع وزارة الطاقة السعودية أن يسهم حجم موارد الغاز في مكمن حقل الجافورة بوضع السعودية في المرتبة الثالثة عالميّا في إنتاج الغاز بنهاية العشرية الحالية.

وتتصدر أستراليا وروسيا وقطر السباق في عمليات إنتاج الغاز عالميا وهي تستحوذ على النصيب الأكبر من الاستثمارات على مستوى العالم.

11