محادثات مباشرة مرتقبة في جدة لبحث هدنة إنسانية بالسودان

قوات الدعم السريع تتهم الجيش السوداني بخرق الهدنة وقصفه مستشفى شرق النيل وعدد من المصانع بالمنطقة الصناعية بحري.
الثلاثاء 2023/05/02
المبادرة الأميركية-السعودية قطعت شوطا بعيدا لوقف إطلاق النار

الخرطوم - أعلن عضو مجلس السيادة السوداني شمس الدين الكباشي حضور "محادثات مباشرة" في مدينة جدة السعودية اليومين المقبلين لبحث هدنة بالبلاد، بمشاركة ممثلين عن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، مشددا في الوقت نفسه على أنه "لا جلوس" مع الأخير.

ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من السعودية بشأن تلك المحادثات المرتقبة التي أكد مبعوث أممي، الاثنين، "احتمال حدوثها بالمملكة" لبحث أزمة المواجهات بين الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان، وحميدتي منذ منتصف أبريل الماضي.

وقال الكباشي -الذي يحمل رتبة فريق أول في الجيش السوداني- في مداخلة هاتفية مساء الاثنين مع قناة "القاهرة الإخبارية" الخاصة بمصر "عرضت علينا مبادرتان (لمواجهة الحرب بالسودان) من الولايات المتحدة والسعودية والثانية من "إيغاد" (هيئة تضم دول شرق إفريقيا)، وكل مبادرة طرحت رحبنا بها".

ونفى أن تكون المبادرتان بغرض "التفاوض" مع حميدتي، وقال "رحبنا بالمبادرة الأميركية السعودية لأنها تتحدث عن هدنة وتمت أكثر من مرة لكن قوات حميدتي كانت تخرقها"، وسط نفي الأخيرواتهام الجيش بمسؤولية الخرق.

ومساء الأحد، أعلن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، في بيانين منفصلين، الموافقة على تمديد هدنة إنسانية في البلاد 72 ساعة إضافية استجابة لمساع أميركية سعودية.

وأوضح الكباشي "الآن نتحدث مع أصحاب المبادرة الولايات المتحدة والسعودية في نقطة واحدة فقط هي متطلبات الهدنة والعمل الإنساني".

وكشف أنه "كان هناك حديث غير مباشر (بين الجيش والدعم السريع) منذ عدة أيام وتم الاتفاق أن تنقل هذه المحادثات إلى مباشرة في جدة ولن نتحدث هناك إلا على نقطة واحدة هي الهدنة والعمل الإنساني وربما نطور ذلك"، دون توضيح أكثر.

وكان فولكر بيرتس، رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان كشف لوكالة أسوشييتد برس، عن موافقة الجيش و"الدعم السريع"، على "إرسال ممثلين عنهم للتفاوض"، لافتا إلى أنه "يُحتمل أن يتم ذلك في السعودية".

وبشأن مبادرة "إيغاد" أوضح الكباشي أنها "قدمت مقترحا يتمثل في نقطتين الهدنة وإيفاد ممثل عنا وآخر من المليشيا (يقصد الدعم السريع) لجوبا (عاصمة دولة جنوب السودان) لوقف إطلاق النار ورحبنا ولكن الطرف الآخر لم يوافق".

وعاد للمبادرة الأميركية السعودية، مستدركا بالقول "المبادرة الأميركية السعودية قطعت شوطا بعيدا وربما ممثلونا سيسافرون لجدة وفق ترتيب أصحاب المبادرة خلال اليومين القادمين".

الجيش السوداني يجدد القصف العشوائي في مشهد يعيد للأذهان الإبادة
الجيش السوداني يجدد القصف العشوائي في مشهد يعيد للأذهان الإبادة 

وردا على سؤال بشأن صحة سفر ممثلي الجيش لجدة حاليا، قال "ترتيب السفر سيكون بواسطة أصحاب المبادرة السعودية والولايات المتحدة"، دون عدم القطع بعدم سفرهم.

واستدرك "لا مجال لحوار سياسي (مع حميدتي) فهؤلاء متمردون وحسابنا معهم عسكري وليس سياسيا".

وأضاف بجزم "لن نجلس مع حميدتي أو (شقيقه) عبدالرحيم، ولن نقبل أن يكون (الدعم السريع) جزءا من أي عمل سياسي أو عسكري".

وكان حميدتي قد أعرب في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" مساء الجمعة عن استعداده للتفاوض مع البرهان، لكن شريطة وقف إطلاق النار والعودة إلى الثكنات، فيما وجهت قوات الدعم السريع، مساء الاثنين، أصابع الاتهام للجيش السوداني باختراق الهدنة وقصف مستشفى شرق النيل، مؤكدة في الوقت نفسه سيطرتها على 90 بالمئة من العاصمة الخرطوم.

وخلفت المواجهات المسلحة بالسودان مئات القتلى وآلاف المصابين، وسط أدوار عربية لا سيما من السعودية ومصر لحلحلة الأزمة بالبلد الأفريقي الذي يعيش أزمات عدة منذ سنوات.

وأعلنت قوات الدعم السريع في السودان، اليوم الثلاثاء، إسقاط طائرة من طراز "ميغ" تتبع ، من وصفتهم، "القوات الانقلابية وفلول النظام البائد المتطرفة".

وقال الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع في منشور على تويتر "شنت قوات الانقلابيين والفلول غارات بالطائرات، صباح اليوم، على عدد من المناطق السكنية بالخرطوم تصدت لها قواتنا الباسلة بإسقاط طائرة من طراز ميج ظلت تهاجم وتقتل المواطنين الابرياء في انتهاك صارخ لحقوق الانسان".

وأضاف أن قوات الدعم السريع "ستواصل حسم أي تعدي من الانقلابيين على مواقع تمركز قواتنا أو مساكن المواطنين العزل".

وتسود حالة من الفوضى العاصمة السودانية منذ اندلعت المعارك في 15 أبريل بين الجيش وقوات الدعم السريع. وتواصلت اليوم الثلاثاء، المعارك العنيفة في السودان بين قوات الجنرالين المتصارعين على السلطة رغم هدنة يتم تمديدها بانتظام من دون الالتزام بها.

وقال أحد سكان الخرطوم الثلاثاء، "نسمع طلقات نارية وهدير طائرات حربية ودوي مدافع مضادّة للطائرات". 

وفي وقت سابق من مساء الاثنين، أعلنت الدعم السريع، في بيان "استمرار خروقات الانقلابيين وفلول النظام البائد المتطرفة للهدنة الإنسانية المعلنة بقصف الطيران لعدد من المنشآت المدنية والطبية والعسكرية".

وأضافت "شمل القصف بالطيران مستشفى شرق النيل، مما تسبب في مقتل وجرح العشرات من المواطنين الأبرياء، إلى جانب قصف عدد من المصانع بالمنطقة الصناعية بحري، في مشهد يعيد للأذهان الإبادة التي مارسها النظام البائد المستبد ضد الأبرياء".

ووجهت الدعم السريع تحذيرا مفاده "إننا نطلق تحذيراً شديد اللهجة للانقلابيين وفلول النظام البائد من التمادي في هذه التصرفات الجبانة التي لا تتسق مع تعهدات وشروط الهدنة الإنسانية".

وأشارت إلى أنها "قامت (الاثنين) بإجلاء عدد من البعثات الدبلوماسية من الدول الشقيقة والصديقة"، وفقا للبيان الذي نشرته عبر صفحاتها على فيسبوك وتويتر.

وأكدت القوات ان "الانقلابيين اعتمدوا على بث الشائعات والكذب والتضليل مستقلين بعض الأبواق من النظام البائد لرفع روحهم المعنوية المنهارة بفعل سيطرة قواتنا على 90 بالمئة من العاصمة الخرطوم وقطع خطوط الإمداد عن الانقلابيين".

وأضافت "تم تدمير كافة المتحركات القادمة من الولايات لدعم الانقلابيين تدميراً كاملاً مما أجبر بعض الفلول القادمين من الولايات على الهروب تاركين خلفهم مركبات فارغة.

وشددت قوات الدعم السريع على مواصلة احترام الهدنة من طرفها في مقابل خرقها من قبل الجيش قائلة "نذكر الأطراف الدولية التي فاوضت على الهدنة بأننا لا زلنا ملتزمين بتعهداتنا بشأن الهدنة الانسانية بينما يقوم الانقلابيون والفلول بأعمال عدائية تجاه قواتنا ومواطنينا الشرفاء في مسلك يخالف القوانين والأعراف الدولية.

شهدت الخرطوم الإثنين غارات جوية وانفجارات ورشقات نارية على الرغم من هدنة جديدة لمدة 72 ساعة وافق عليها الجيش وقوات الدعم السريع، فيما حذّرت الأمم المتحدة من أنّ السودان بات على شفا "كارثة" إنسانية ومئات الآلاف قد يفرّون منه.

وحذّر المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الإثنين من أنّ "أكثر من 800 ألف شخص" قد يفرّون من السودان.

كما حذرت منظمة الصحة العالمية من تحول الأزمة في السودان إلى "كارثة بكل معنى الكلمة" جراء تواصل المعارك منذ أكثر من أسبوعين.

هذا ووصلت سفينتان أميركية وسعودية إلى المملكة الإثنين حاملتين نحو 500 مدني من جنسيات عدّة من السودان، وفق ما أفادت مصادر سعودية.

وأسفرت المعارك عن سقوط ما لا يقل عن 528 قتيلًا و4599 جريحا، وفق أرقام أعلنتها وزارة الصحة السودانية السبت، في حصيلة يرجح أن تكون أعلى.