المهرجان الدولي للرحّل يقدم موسيقى العالم في أجواء مختلفة

محاميد الغزلان (المغرب) - كان لسكان محاميد الغزلان مساء الأحد موعد مع حفل فني موسيقي أنار ثاني ليالي الدورة الثامنة عشرة من المهرجان الدولي للرحّل الذي تنظمه جمعية “رحّل العالم”.

واستمتع جمهور الواحة الصحراوية بمقطوعات موسيقية أدتها مجموعة “أفريقيا فيزيون” التي تضم فنانين من السنغال وبوركينا فاسو وغانا، وتهدف إلى النهوض بقيم التنوع التي تطبع الموروث الثقافي لأفريقيا، ولاسيما العلاقة بين روافده الأفريقية ما بين الأمس واليوم، من خلال استخدام الآلات الموسيقية التقليدية والآلات الحديثة.

كما كان للجمهور الحاضر فرصة الالتقاء بالفنانة اللبنانية جاهدة وهبة التي اجتذبت أسماعه بمعزوفات وأغان تنوعت التيمات التي تعالجها، وجالت بين الأغاني الشرقية الغربية، فضلا عن أدائها أغنية حول منطقة محاميد الغزلان ألفتها خصيصا بهذه المناسبة.

وتواصلت فعاليات الأمسية الفنية بعرض موسيقي أدته مجموعة إبراهيم الغافري ابن منطقة محاميد الغزلان، الذي يراكم تجربة تربو عن عشر سنوات. وتقدم هذه المجموعة المتأثرة بكبار الأسماء الموسيقية للطوارق على غرار “تيناريوين” و”بومبينو” و”تاميكريت” أغاني في قالب حكائي وعلى شكل قصائد صحراوية يؤديها أعضاؤها باستخدام آلات موسيقية حديثة.

واختتمت الأمسية بعرض موسيقي للفنان المالي أحمد آغ كايدي، الذي يعد حامل لواء نسخة معاصرة وحديثة لموسيقى الطوارق الكلاسيكية.

وفي هذا الصدد، قالت المديرة الفنية للمهرجان مادلين لو فلوش في تصريح لها إن المهرجان واجهة للفنانين المحليين أيضا، مبرزة أن عددا كبيرا من شباب المنطقة يجدون في هذا الموعد السنوي فرصة لإطلاق العنان لمواهبهم الموسيقية.

وأوضحت لو فلوش أن المهرجان استعاد إيقاعه المعتاد بعد توقف بسبب جائحة كوفيد – 19، مشيرة إلى أن الجمهور المحلي كان ينتظر انعقاد هذه التظاهرة الثقافية “بفارغ الصبر”.

كما سجلت أن الدورة الحالية من المهرجان الدولي للرحل تميزت بمشاركة الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة التي تحمل في قلبها “حبا خاصا للصحراء المغربية ولثقافة الرحل”.

من جهتها، ذكرت الفنانة وهبة في تصريح مماثل، بأنها تشارك للمرة الثانية في المهرجان الدولي للرحّل “الأكثر من رائع”، مبرزة أنها “ممن يؤْثرون الترحال إلى الأماكن الأصيلة والجميلة”.

وقالت إنه في ظل ما يحدث الآن “في زمن السوشيال ميديا والماديات وزمن السرعة، نأتي هنا لنتوقف ونمعن التفكير ونصير أكثر جمالا وأصالة، ونتشبه بسكان محاميد الغزلان، الذين يتصرفون على سجيتهم ويستقبلوننا بكل الحب والترحاب، ويعلموننا درسا في التجلد والتصبر”.

وأضافت الفنانة اللبنانية أن “الصحراء تعنيني بكل طبيعتها، حيث يأخذنا هذا الخلاء إلى دواخلنا ويجعلنا نلتقط أنفاسنا وذكريات مضت أو أخرى ربما ستأتي”، معتبرة أن من شأن هذه الحالة أن “تجعلك في تماس مع صمتك الداخلي وتجعلك على تواصل مع الله ومع الخلق والوجود”.

كما حضرت المهرجان الفرقة الأمازيغية الشابة الموهوبة “تاروى ن - تينيري” بإبداعاتها الأمازيغية الممزوجة بموسيقى البلوز والموسيقى الطوارقية، ومجموعة “أفريقيا فيزيون” من السنغال وبوركينا فاسو وغانا، والفنان الشعبي يونس بولماني وعدد من المواهب الأخرى.

وعلى صعيد آخر، كان جمهور محاميد الغزلان على موعد مع مسابقة رئيسية تمثلت في سباق للهجن، حيث استمتعوا بمنظر الجمال وهي تتسابق على رمال الصحراء، في تكريس لإحدى التقاليد الضاربة بعمق في تاريخ الرحل.

وسلطت هذه النسخة من المهرجان كما في السنوات السابقة الضوء على تقاليد وأنشطة الرحل التي تعتبر جزءا لا يتجزأ من ثقافتهم، لإسعاد الآلاف من الزوار من جميع أنحاء العالم لاكتشاف تجربة أصيلة وغامرة في قلب ثقافة الرحل.

وأوضح المنظمون أن هذه التظاهرة التي تقام في الهواء الطلق في إطار طبيعي خلاب، توفر فرصة للاكتشاف والاحتفال بالتراث الغني للرحل من خلال إقامة حفلات موسيقية وعروض ومعارض وورشات وندوات. وكما جرت العادة منذ 2004، تقاسم الجمهور لحظات مع فنانين مشهورين دوليا قادمين من العديد من الأقطار ومن داخل المغرب، حيث تم إحياء ما يناهز اثني عشر حفلا في الهواء الطلق تقدم برمجة موسيقية متنوعة ومتوازنة.

واحتفت هذه النسخة التي نظمتها جمعية “رحّل العالم” خلال الفترة الممتدة من التاسع والعشرين من أبريل إلى غاية الأول مايو، بالحكواتيين والحكايات التي أثثت وتؤثث معيش السكان الرحل، كما تعد فرصة للاطلاع على التقاليد العالقة في حياة هذه المناطق الصحراوية.

يشار إلى أن الدورة الحالية من المهرجان الدولي للرحل شكلت فرصة للتعريف بعادات وتقاليد المنطقة على غرار خبز الرمل أو “الملا”، كما تميزت بإقامة حفلات موسيقية وعروض ومعارض وورشات وندوات، فضلا عن تنظيم منافسات رياضية من قبيل هوكي الرمال.