الصناعة تقود نمو الاستثمارات الجديدة في السوق التونسية

أحدث المؤشرات تعكس أن ثمة ما يغري أصحاب رؤوس الأموال بالمضي في توسيع محافظ أعمالهم رغم التقييمات الدولية السلبية.
السبت 2023/04/29
تركيز على بلوغ آفاق أرحب

تونس - تخطت الاستثمارات في السوق التونسية محنة الركود الذي شابها العام الماضي بسبب التقلبات العالمية عقب الأزمة الصحية، لتبدأ في تسجيل تحسن ملحوظ منذ بداية 2023 بقيادة الصناعة، بينما تبدو البلاد متعطشة لتنمية الأعمال وتوفير الوظائف.

وتعكس أحدث المؤشرات بشأن نمو الاستثمارات الجديدة خلال الربع الأول من هذا العام أن ثمة ما يغري أصحاب رؤوس الأموال بالمضي في توسيع محافظ أعمالهم رغم التقييمات السلبية الدولية التي تعطي نظرة غير مطمئنة للمستثمرين وخاصة الدوليين.

وأظهرت بيانات الهيئة التونسية للاستثمار في تقرير حديث تلقت “العرب” نسخة منه أن تدفق رؤوس الأموال شهد نموا خلال الربع الأول من هذا العام بواقع 27 في المئة على أساس سنوي ليبلغ حجمها نحو 543.5 مليون دينار (178.8 مليون دولار).

وتصدر القطاع الصناعي قائمة المشاريع المصرح بها من خلال استحواذه على ثمانية مشاريع بكلفة بلغت نحو 113.4 مليون دولار، في حين بلغ تدفق التمويلات إلى الزراعة نحو 20.4 مليون دولار.

◙ 178.8 مليون دولار حجم تدفق رؤوس الأموال في الربع الأول بزيادة قدرها 27 في المئة بمقارنة سنوية

وشكل قطاعا الإلكترونيات والميكانيك قرابة 75 في المئة من حيث حجم الاستثمارات الصناعية، فيما تركزت المشاريع المصرح بها في ثماني ولايات (محافظات).

ويعتمد الاقتصاد التونسي على الصناعة كأحد القطاعات الإستراتيجية إلى جانب السياحة والخدمات، والتي توفر العملة الصعبة للبلد المرهق ماليا.

كما أن القطاع الصناعي يساعد على امتصاص جزء من البطالة التي لا تزال تحوم عند أكثر بقليل من 15 في المئة منذ العام 2011 رغم أنها بلغت 18 في المئة خلال بعض الفترات لاسيما أثناء الأزمة الصحية.

وتشير التقديرات الحكومية إلى أن الصناعة تساهم سنويا بنحو 28.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لتونس، وهي توفر قرابة 34 في المئة من فرص العمل للقوة العاملة النشطة في البلاد.

واللافت أن تقرير الهيئة لم يرصد أي مؤشرات حول تدفق الاستثمار الأجنبي إلى السياحة، التي تعد إحدى قاطرات الاقتصاد بمساهمة سنوية تقدر بنحو عشرة في المئة.

وقالت الهيئة في بيان رافق إصدار تقريرها إن الأرقام “تعتبر مؤشرا إيجابيا يعكس مدى تحسن وتيرة مناخ الأعمال وستمكن من توفير المزيد من الوظائف” في سوق العمل المتضرر من تتالي الأزمات في السنوات الثلاث الأخيرة.

وذكرت أن المستثمرين صرحوا خلال الفترة الفاصلة بين يناير ومارس الماضيين برغبتهم في إقامة 12 مشروعا ثلثاها تعتبر مشاريع جديدة، الأمر الذي سيسهم في توفير أكثر من ثلاثة آلاف فرصة عمل.

وتشير الإحصائيات إلى أن المشاريع الجديدة في الربع الأول تشكل نحو 67 في المئة من المشاريع التي تم التصريح بها، بحجم استثمارات يبلغ نحو 142.7 مليون دولار، ما يعادل 80 في المئة من إجمالي الاستثمارات.

وأشارت الهيئة إلى أن المستثمرين لديهم خطط لتوسيع أربعة مشاريع قائمة مما يشكل 33 في المئة من عدد المشاريع المصرح من خلال ضخ تمويلات تصل إلى أكثر من 36 مليون دولار بحيث تسهم في توفير قرابة 760 فرصة عمل جديدة.

ويدرس المستثمرون، وخاصة الفرنسيين الذين استحوذوا على 33 في المئة من إجمالي الاستثمارات الجديدة خلال الربع الأول، ضخ 39.6 مليون دولار في مشروع للطاقة النظيفة ونحو 5.4 مليون دولار في مشروع آخر في قطاع الخدمات.

◙ القطاع الصناعي يتصدر قائمة المشاريع المصرح بها باستحواذه على 8 مشاريع بكلفة 113.4 مليون دولار

ولا تزال تحديات جذب رؤوس الأموال المباشرة على النحو الأمثل رهانا صعبا للسلطات رغم إقرارها في عام 2016 قانونا جديدا للاستثمار، والذي يجمع اقتصاديون على أنه لم يضف نتائج واضحة حتى الآن وأن بيئة الأعمال ظلّت طاردة لرؤوس الأموال.

وتشكل القوانين الخاصة بالاستثمارات وتجذر البيروقراطية أحد أهم العراقيل التي تجعل المستثمرين ينفرون من السوق، وهو ما يقلص فرص نجاح عملية التسويق لبيئة الأعمال بالبلاد كونها ستكون أكثر من مجرد دعاية نظرا لوجود تجارب سابقة لم تنجح.

ورغم كل الأزمات المالية والاقتصادية والرؤية الضبابية التي اكتنفت الوضع السياسي، فقد استطاعت تونس تحقيق قفزة في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال لعام 2020، حيث تقدمت بنحو 44 مركزا على مؤشر إطلاق الشركات لتصبح في المرتبة 78.

ويعاني البلد البالغ حجم ناتجه المحلي الإجمالي السنوي نحو 40 مليار دولار من أزمة اقتصادية بسبب تداعيات الأزمة الصحية ثم عمّقتها آثار الحرب في أوكرانيا، وسط محاولات من السلطات لتعديل الأوضاع مع اقتراب حصول تونس على قرض من صندوق النقد الدولي.

وتسعى تونس، التي تكافح من أجل معالجة أوضاع المالية العامة المتضررة بشدة، للحصول على قرض من الصندوق بقيمة 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات غير شعبية تشمل خفض الإنفاق وخفض دعم الطاقة والغذاء.

10