القلق يسيطر على الإسرائيليين في ذكرى التأسيس

القدس - تحيي إسرائيل هذا الأسبوع الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيسها، وسط أجواء من الانقسام والضبابية بسبب النزاع حول التعديلات القضائية الذي تسبب في أكبر انقسامات تشهدها منذ قيامها عام 1948. وأحيت إسرائيل الثلاثاء "يوم الذكرى" لتكريم قتلاها من العسكريين على أن تحيي الأربعاء ذكرى قيام الدولة.
وقال الرئيس إسحاق هرتسوغ أمام الجمعية العامة للاتحادات اليهودية لأميركا الشمالية في تل أبيب هذا الأسبوع "إنني على اقتناع بأنه لا يوجد تهديد وجودي لشعبنا أكبر من ذلك الذي يأتي من الداخل، عبر استقطابنا وابتعادنا عن بعضنا البعض".
ويخرج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع كل أسبوع منذ بداية هذا العام للاحتجاج على خطط حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو القومية الدينية للمضي في وضع قيود تقوض سلطات القضاء، ويرى المحتجون أن هذه الخطط تهديد وجودي للديمقراطية.
وتقول الحكومة وأنصارها إن التعديلات ضرورية للحد من سلطة القضاة ممن يتبنون نهجا سياسيا ويتدخلون بقوة في نطاق عمل البرلمان والسلطة التنفيذية، لكن الحكومة وافقت الشهر الماضي على تعليق الخطط للسماح بإجراء المزيد من المشاورات. إلا أن الاحتجاجات مستمرة، ويرى الكثير من الإسرائيليين أن الأزمة أثارت أسئلة عميقة لا تقف عند مجرد تعيين قضاة المحكمة العليا وصلاحيات السلطة التنفيذية لتجاوز قراراتها.
ويمثل عوزي زفيبنر، وهو رائد أعمال من تل أبيب يصف نفسه بأنه وطني من عائلة صهيونية جاءت في القرن التاسع عشر إلى ما يعرف الآن بإسرائيل، شريحة من المجتمع تشعر بأن الحكومة الجديدة تخلت عنها بشدة. وقال "أي نوع من البلاد سنكون؟ هل سنكون دولة ديمقراطية، دولة حديثة؟ (حيث) يخدم الجميع في الجيش؟ أم أننا سنكون مثل البلدان الأخرى من حولنا؟".
يكمن وراء قلق زفيبنر خوف من التزايد الحاد للانقسامات التي لطالما كانت موجودة في إسرائيل بين الأشكنازي الأوروبيين ويهود الشرق الأوسط المزراحيين، وكذلك بين القدس ذات الطابع الديني وتل أبيب المتحررة، فضلا عن تلك القائمة بين المستوطنين اليمينيين والليبراليين.
أما عرب إسرائيل، الذين يشكلون نحو 20 في المئة من السكان، فيظلون بعيدين إلى حد كبير عن هذا الجدل الذي يرى الكثير من الفلسطينيين أنه يتجاهل مخاوفهم والاحتلال القائم منذ عقود للمناطق التي يطالبون بها لإقامة دولتهم المستقبلية.
لكن القوة المتزايدة للأحزاب الدينية التي ساعدت نتنياهو في الوصول إلى المنصب العام الماضي أثارت قلق الكثير من الإسرائيليين العلمانيين، الذين يشعرون عادة بالاستياء من الأوضاع الخاصة والإعانات التي تمكّن الكثير من اليهود المتعصبين من تجنب الخدمة العسكرية والدراسة في المعاهد الدينية بدلا من العمل نظير أجر.
ويتهم اليمين القومي بدوره معارضيه بعدم احترام الديمقراطية، كما يفاقم الغضب بين "الشعبويين" و"النخبة الليبرالية" التي تظهر في أنحاء العالم الغربي المناخ السياسي السام بشكل متزايد.
ووفقا لمسح أجرته القناة 12 الإخبارية الأسبوع الماضي، يشعر نحو 51 في المئة من الإسرائيليين بالتشاؤم إزاء مستقبل الدولة التي تحولت من دولة فقيرة معظم أراضيها زراعية إلى قوة عالية التقنية في فترة قصيرة.
وقالت إليشيفا بلوم، وهي من سكان مستوطنة إيلي في الضفة الغربية المحتلة، "هناك الكثير من الخوف في الأجواء بشكل يفسح المجال للكراهية في بعض الأحيان". وتضيف بلوم التي ولدت في الولايات المتحدة وجاءت مع عائلتها المتدينة إلى إسرائيل في عام 1988 أن ليس هناك ما يدعو الإسرائيليين إلى كره بعضهم البعض. لكنها تقول إن لافتات المتظاهرين الذين يملؤون وسط تل أبيب كل أسبوع تشعرها بالاغتراب. وتضيف "تزعجني لأنها متناقضة، هكذا أراها".