تركيا تستبق اجتماعا وزاريا استخباراتيا في موسكو برفض شروط الأسد

أنقرة – استبقت تركيا اجتماعا وزاريا استخبارتيا سيعقد اليوم الثلاثاء بمشاركة وزير دفاعها ونظرائه من سوريا وروسيا وإيران في موسكو في إطار المساعي الروسية لإصلاح العلاقات بين دمشق وأنقرة، بتوجيه رسائل جديدة إلى الرئيس بشار الأسد مفادها رفضها لشروطه بسحب القوات التركية من شمال بلاده.
وأكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أن قوات بلاده لن تنسحب في الوقت الراهن من شمالي العراق وسوريا.
وقال تشاووش أوغلو في مقابلة متلفزة مساء الاثنين "انسحابنا من شمال العراق وشمال سوريا يعني توقف عملياتنا العسكرية ضد الإرهاب واقتراب الإرهابيين من حدودنا وهذا يشكل تهديدا لأمننا القومي".
وأضاف أن التنظيمات الإرهابية ستملأ الفراغ الذي سيحدث في حال انسحبت القوات التركية من شمال سوريا، وأن الأمن القومي وأمن الحدود بالغ الأهمية بالنسبة لأنقرة.
وشدد تشاووش أوغلو قائلا "لا نطمع في اقتطاع أجزاء من الأراضي السورية، ولا يمكننا الانسحاب من الشمال السوري إلا حين يستتب الأمن ويعود الاستقرار الكامل إلى تلك المناطق".
وتنفّذ تركيا عادة هجمات في العراق، حيث لحزب العمال الذي تصنفه تنظيما إرهابيا، قواعد ومعسكرات تدريب في منطقة سنجار وفي المناطق الجبلية في إقليم كردستان العراق الحدودي مع تركيا.
وتتخذ أنقرة خطواتها بمعزل عن الحكومة الاتحادية في بغداد، كما حصل في عمليتي "مخلب النمر" و"مخلب النسر" في العام 2020، ويرى مراقبون أن التحرك التركي الأحادي يأتي لقناعة لدى أنقرة، بأن موقف الجانب العراقي لن يتعدى التنديد.
وفي سوريا ينتشر الجيش التركي منذ 2016 في شمال غرب البلاد حول عفرين ومنطقة إدلب التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) وفصائل معارضة مقاتلة.
وشنّت أنقرة والفصائل السورية الموالية لها ثلاث عمليات واسعة النطاق في السنوات الأخيرة (2016 و2017 و2018 وأكتوبر 2019) على طول حدودها مع سوريا، حيث يعيش عدد كبير من الأكراد، لطرد وحدات حماية الشعب الكردية، العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، التي تعتبرها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني، لكنها مدعومة من الولايات المتحدة.
وتأتي تصريحات وزير الخارجية التركي قبيل ساعات قليلة من عقد وزراء دفاع ورؤساء استخبارات تركيا وسوريا وروسيا وإيران، مباحثات جديدة في العاصمة موسكو، اليوم الثلاثاء، في مسعى جديد لردم هوّة الخلاف بين أنقرة ودمشق، في سياق مسار تفاوضي بدأ أواخر العام الماضي، وتعرقل تقدمه جراء العديد من الملفات العسكرية والأمنية الشائكة.
ومن المتوقع أن تُطرح على طاولة المباحثات اليوم الثلاثاء في موسكو العديد من الملفات الأمنية والعسكرية الشائكة، خاصة لجهة الوجود العسكري التركي في شمال سوريا، والذي تعتبره دمشق احتلالا وتطالب بسحب تلك القوات ووقف دعم المجموعات المسلحة التي تصفها بالإرهابية، قبل إعادة العلاقات بين البلدين.
وفي المقابل، تؤكد أنقرة أن وجود قواتها في الشمال السوري لحماية حدودها وإبعاد المقاتلين الأكراد، الذين تصنفهم "إرهابيين" رغم أنهم تصدوا بشراسة لتنظيم الدولة الإسلامية.
وفي ظل إصرار تركيا على البقاء في شمال العراق وسوريا قد لا يتوصل اجتماع اليوم الثلاثاء إلى أي نتائج وتوافقات، ومن غير المستبعد أن يتم ترحيل المسائل الشائكة إلى اجتماع وزراء الخارجية المرتقب بداية الشهر المقبل.
ويرى مراقبون أن أنقرة تريد كسب الوقت، حتى لا تُفشل مسار تطبيع العلاقات في ظل حساسية الأوضاع الداخلية التركية، حيث أن هذه المباحثات الرباعية تسبق انتخابات رئاسية وبرلمانية حاسمة في تركيا، كما أن دمشق تتأنى في انتظار نتائج الانتخابات التركية، بينما تحاول روسيا الضغط على كل الأطراف من أجل تسريع هذا المسار.
وردا على سؤال عن احتمال عقد لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس السوري بشار الأسد، قال تشاووش أوغلو "نعم احتمال اللقاء قائم، لكن يجب أولا تحضير خارطة طريق لهذا اللقاء تتضمن عدم فرض شروط مسبقة ودراسة المرحلة السياسية ومكافحة الإرهاب وإحلال الاستقرار في سوريا".
وأردف "التواصل مع النظام السوري مفيد إذا كنا نريد إعادة اللاجئين السوريين، وإذا كنا نريد مواصلة مكافحة الإرهاب بشكل أكثر فاعلية، وإذا أردنا الحفاظ على وحدة أراضي سوريا".
وأكد أنه في حال لم يتم إحلال الاستقرار في سوريا، فإن الآثار السلبية على تركيا ستكون كبيرة.
ولفت إلى أن تركيا لا تثق بالولايات المتحدة وفرنسا فيما يخص مكافحة الإرهاب، مبينا أن واشنطن تواصل دعم إرهابيي "حزب العمال الكردستاني وحدات حماية الشعب الكردي".
لكن الأسد أعلن في تصريحات مؤخراً أنه لن يلتقي أردوغان إلا إذا سحبت تركيا قواتها من شمال سوريا.
وكان نائب وزير الخارجية السوري أيمن سوسان قد قال عقب اجتماع مع نظيره التركي في موسكو بحضور إيراني وروسي "لم نرَ حتى الآن أيّ مؤشرات إيجابية بخصوص انسحاب القوات التركية من سوريا، أو بخصوص محاربة الإرهاب والقضاء عليه في شمال غرب سوريا وبالأخص في إدلب".
وأضاف "إذا كان الجانب التركي جاداً فعلاً في تصحيح العلاقة مع سوريا، وفي احترام سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، فلا أعتقد أنه ستكون هناك صعوبة في التجاوب مع ما نطرحه".
وتدعم موسكو جهود تحقيق مصالحة بين تركيا وسوريا، خصوصاً أن من شأن إحراز أيّ تقدّم أن يظهر ثقلها الدبلوماسي رغم العزلة التي تواجهها من الدول الغربية منذ بدئها الحرب على أوكرانيا.
واستضافت موسكو في وقت سابق من الشهر الحالي اجتماعاً رباعياً، ضمّ دبلوماسيين من تركيا وسوريا وروسيا وإيران، في إطار الإعداد لاجتماع رباعي على مستوى وزراء الخارجية.