#لا_للحرب.. سودانيون يضغطون لإسكات أصوات البنادق

قوات الدعم تتفوق في الحرب الكلامية على الجيش السوداني الذي يعتمد التكتيكات القديمة.
الثلاثاء 2023/04/25
فيسبوك وتويتر باتت مصادر أساسية للمعلومات

الخرطوم - توازيا مع معاركهما في الميدان، تستعر الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على منصات التواصل الاجتماعي، وتستخدم فيها مختلف أسلحة التضليل والحسابات الوهمية وتكتيكات خبراء يعملون في الخفاء لترجيح كفّة طرف على آخر.

منذ اندلاع المعارك في الخامس عشر من أبريل، لجأ قائد الجيش عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم  السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، إلى “إغراق وسائل التواصل الاجتماعي بمعلومات مضللة”، وفق رغدان أورسود، الشريكة في تأسيس مركز “بيم ريبورتس” الذي يحقق في المعلومات المضللة في السودان.

ويخوض حليفا الأمس صراعا على السلطة أودى بالمئات خلال أسبوع، وفشلت معه كل مساعي التهدئة. ودفعت المعارك الملايين من السودانيين إلى الاحتماء في منازلهم، حيث أصبحت منصات مثل فيسبوك وتويتر مصادر أساسية للمعلومات.

لكل من طرفي النزاع تاريخ في استخدام مواقع التواصل لتلميع صورته، وشبكة فيسبوك أغلقت المئات من الحسابات على منصتي فيسبوك وانستغرام

واحتل هاشتاغ #لا_للحرب الترند على مواقع التواصل الاجتماعي في السودان كوسيلة ضغط لإسكات أصوات البنادق. وتبني ناشطون وإعلاميون الهاشتاغ الذي يتضمن دعوات مكثفة لطرفي النزاع بالسودان لوقف إطلاق النار والانخراط فورا في مفاوضات جادة.

وقال القيادي بتحالف قوي الحرية والتغيير ياسر عرمان في تغريدة على تويتر “التكلفة البشرية لهذه الحرب مرتفعة للغاية وسكان العاصمة الخرطوم محتجزون كرهائن في منازلهم”.

وقالت الناشطة السياسية إيمان الطيب “نحاول أن نضغط كشعب إعلاميا على الطرفين، بمقدورنا تغيير ما يحدث الأن حقنا للدماء”.

ورأت الناشطة السياسية السودانية إيمان جبريل أن “الموقف الصحيح هو دعم السلام ورفض الحرب”. وأضافت “انحيازك وإن كان بمجرد كلمة وأحرف فهو بمثابة رصاصة ستقتل أحدهم و ستحزن أنت عليه ولن تدري أنك كنت القاتل، فتخير موقفك”.

وكما يصعب التحقق من المعطيات الميدانية جراء خطر التنقّل، فالتدقيق في المعلومات عبر مواقع التواصل ليس أقل تعقيدا، خصوصا وأن جزءا كبيرا يبثّ عمدا خدمة لأحد طرفي النزاع.

ويقول محمد سليمان، الباحث في ملف التضليل بجامعة نورث إيسترن في بوسطن الأميركية، إن الجانبين نشرا “حقائق ملتوية” في حملة إعلامية لخلق “حالة من الخوف” تسيطر على الناس.

وبينما لم يحقق أي طرف تقدما ميدانيا كبيرا، يرى خبراء أن لقوات الدعم  السريع يدا طولى في المعركة الإعلامية.

فبعيد اندلاع القتال، بدأت حسابات مرتبطة بدقلو وقواته تبث بلغة إنجليزية متقنة منشورات تؤكد فيها أنها تقاتل “الإسلاميين المتطرفين” الذين “يشنون حملة وحشية ضد الأبرياء”، وتقوم بالدفاع عن “الديمقراطية”.

ويرى متخصص في شؤون الشرق الأوسط طلب عدم كشف اسمه، أن ذلك يؤشر على أن قوات الدعم “تستفيد من خدمات خبراء في مجال الصورة والتواصل الإلكتروني”.

وبحسب “بيم ريبورتس”، يستخدم الجيش حسابات وهمية على مواقع التواصل، كانت بالكاد ناشطة قبل المعارك. وقامت هذه الحسابات غير الموثقة بنشر بيانات للبرهان والجيش أقرب ما تكون إلى دعاية مضللة، وفق خدمة تقصّي صحة الأخبار لوكالة فرانس برس.

يصعب التحقق من المعطيات الميدانية جراء خطر التنقّل، فالتدقيق في المعلومات عبر مواقع التواصل ليس أقل تعقيدا، خصوصا وأن جزءا كبيرا يبثّ عمدا خدمة لأحد طرفي النزاع

وتداولت الحسابات على منصات مختلفة مقاطع فيديو تشيد بالجيش لشنّه ضربات جوية على مقرات لقوات الدعم، والاستيلاء على كميات ضخمة من النقود من منزل دقلو، وشنّ غارات جوية في شمال البلاد.  واتضح أن اللقطات قديمة وتعود إلى اليمن وليبيا، وحتى أن بعضها كان من ألعاب الفيديو. 

واتهمت قوات الدعم الجيش بإغلاق موقعها على الإنترنت الذي كان يستخدم نطاقا حكوميا رسميا. وما زاد من خطر التضليل في المعركة الإلكترونية، تزامنها مع قيام إدارة تويتر بتجريد الحسابات من علامات التوثيق الزرقاء، ومنها تلك العائدة رسميا للبرهان وقوات الدعم.

وظهرت تبعات هذا الإجراء الجمعة، إذ أعلن حساب باسم قوات الدعم يحمل علامة التوثيق التي باتت متوافرة عبر خدمة الدفع، أن دقلو انتقل “إلى رحمة الله متأثرا بجراح أصيب بها” خلال المعارك.

ولكل من طرفي النزاع تاريخ في استخدام مواقع التواصل لتلميع صورته. وأغلقت شبكة فيسبوك المئات من الحسابات التابعة على منصتي فيسبوك وإنستغرام بسبب “سلوك زائف منسق”.

كما أغلقت حسابات “تم إنشاؤها في روسيا” كانت تروّج لمضامين “وسائل إعلام تسيطر عليها الدولة الروسية” أو السلطات السودانية. ففي عامي 2019 و2021، أغلقت فيسبوك حسابات سودانية تدعم وسائل إعلام حكومية وروسية متصلة بـ”وكالة أبحاث الإنترنت” الروسية، وهي مجموعة اتهمتها الولايات المتحدة بالسعي للتأثير في انتخابات الرئاسة 2016.

وفي 2021 أيضا، كشفت المنصة الأميركية أن هذه الحسابات كانت تدفع الأموال “بالريال القطري، والدولار الأميركي، والروبل الروسي” للترويج لها. وفي الظروف الراهنة، عمد السودانيون إلى إغراق مواقع التواصل بالمعلومات حول تقديم الإغاثات والمساعدات لمن هم في أمس الحاجة إليها.

وتتخذ وسائل الإعلام سياسات مختلفة لمعالجة وقوعها في فخّ الأخبار المضللة، وتتخذ أشكالا متنوعة في التعامل مع المعلومات المضللة التي يمكن أن تنشرها. فاختارت بعضها تصحيح المعلومات المضللة، فيما لجأت أخرى إلى سياسة حذف المعلومة الزائفة دون الإشارة إلى عدم صحّتها. والأمر نفسه بالنسبة للمؤثرين والسياسيين الذين يتابعهم الملايين.

5